المرحلة الثانية من انتخابات لبنان النيابية تنطلق: مغتربون في 48 دولة يقترعون
انطلقت اليوم الأحد المرحلة الثانية من انتخابات لبنان النيابية لعام 2022 التي تشمل المغتربين في 48 دولة، فيما يُنتَظر منهم الإقبال بكثافة على الاقتراع، لما لهم من تأثيرٍ في الحسابات والحواصل الانتخابية التي من شأنها أن تحدثَ فارقاً في الكثير من الدوائر، ولا سيما التي تشهد معارك طاحنة بين مرشحي السلطة والمعارضة السياسية التقليدية، وكذلك القوى المدنية المستقلّة التي انبثقت من “انتفاضة 17 تشرين”.
وبدأ الناخبون المُسجَّلون للاقتراع في 48 دولة تعتمد الأحد عطلة نهاية الأسبوع بالتوجه منذ الصباح الباكر (التوقيت يختلف تبعاً لكل دولة) إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في عملية تستمر لغاية الساعة العاشرة مساءً بتوقيت بيروت.
وتسجّل نحو 193 ألف ناخب في 48 دولة للمشاركة في العملية الانتخابية، كان العدد الأكبر منهم في فرنسا (28083 ناخباً)، ومن ثم الولايات المتحدة (27925 ناخباً)، تليهما كندا (27413 ناخباً)، فالإمارات (25052 ناخباً)، وأستراليا (20602 ناخب) وألمانيا (16156 ناخباً)، وذلك بحسب أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية اللبنانية.
وقال السفير اللبناني لدى فرنسا، رامي عدوان في تصريحات صحفية: “إننا على أتمّ استعداد لإتمام العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع المحددة، وأنهينا كل الترتيبات، رغم الإمكانات المادية المحدودة (…) هناك طاقة وإرادة كبيرتان لنجاح اليوم الانتخابي، وخصوصاً أن عدد الناخبين لدورة 2022 يتخطى الذين تسجلّوا عام 2018 بثلاثة أضعافٍ (…) إذا تُرجِمَ الارتفاع بالإقبال يجب أن نكون حاضرين لاستيعاب الجميع وتأمين سلامة الاستحقاق ونزاهته”.
ولفت عدوان إلى تجهيز 40 “ميغاسنتر” تضم 77 قلم اقتراع في السفارة بباريس والقنصلية العامة في مرسيليا، وذلك بهدف انتظام العملية الانتخابية، فيما جرى التواصل مع العديد من المتطوعين للمساعدة، مشيراً إلى أنه عند إقفال صناديق الاقتراع سيصار إلى ختمها بالشمع الأحمر ووضعها داخل حقائب دبلوماسية مزودة بأجهزة تعقب حتى تكون وسيلة النقل إلى لبنان آمنة للغاية، وذلك حرصاً على الشفافية.
ويتوقف عدوان عند بعض المشاكل التي جرت مواجهتها وحلّها بسرعة، منها تعرّض مركز اقتراع داخل بلدية لفيضان مياه، لتجري معالجة المشكلة ونقله إلى قاعة أخرى، إضافة إلى مشاكل تقنية بسيطة، منها ما هو مرتبط بالبث المباشر، عولجت سريعاً قبل حلول موعد الانتخابات، لافتاً إلى أن هناك ملاحظات تتعلق ببُعد أماكن سكن ناخبين عن مراكز الاقتراع، الأمر الذي دفع إلى اعتماد أقرب المسافات الممكنة، مبيناً أن التوزيع جاء بناءً على الرمز البريدي المعتمد والمسجل من قبل هؤلاء على المنصة.
وفي الإمارات، قال رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي شارل جحا في حديث صحفي، إن اللبنانيين المقيمين في دبي كانوا ينتظرون هذا اليوم لممارسة حقهم بالاقتراع وأداء واجبهم الوطني، داعياً وزارة الخارجية والقنصلية اللبنانية العامة في دبي إلى تأمين كل التسهيلات العملانية واللوجستية، حيث سجلت دبي أعلى رقم ناخبين مسجلين بين كل منطقة الشرق الأوسط.
ويتوقع جحا أن تشهد مراكز الاقتراع إقبالاً كثيفاً، نظراً لما لمسه من حماسة لدى اللبنانيين المقيمين في دبي، سواء منذ سنين طويلة أو الوافدين بعد عام 2019 إبان الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان، وذلك للمشاركة في العملية الانتخابية وإحداث التغيير الذي يطمحون إليه.
في المقابل، يتوقف جحا عند عقبة قد تنعكس سلباً على نسبة الاقتراع تتمثل بضيق المكان في قنصلية لبنان العامة، وخصوصاً في ظل طقس شديد الحرارة، مع العلم أن الموافقة أتت من قبل الحكومة والخارجية الإماراتية باعتماد مركز دبي العالمي، لقدرته الاستيعابية الكبيرة، والمواقف المؤمَّنة خارجاً، وتوافر فيه كل التسهيلات الممكنة لتأمين انتخابات نزيهة وحرة ومريحة للبنانيين، لكن لأسباب كثيرة متقاطعة اختيرَت القنصلية عوضاً عنه.
وقال أحد اللبنانيين المتطوعين لتسهيل العملية الانتخابية في دبي في تصريحات لوكالات الأنباء، إن الحماسة كبيرة لدى اللبنانيين المقيمين في الإمارات للإدلاء بأصواتهم لمرشحي المجموعات المدنية المستقلة، وهو ما لُمس من قبل أشخاص يسجلون أسماءهم للمرة الأولى للاقتراع ويعبّرون عن رغبتهم في صنع التغيير ومواجهة أحزاب السلطة السياسية المسؤولة عن انهيار لبنان وتهجير أبنائه.
ويضيف: “نسبة اقتراع المغتربين في الدول العربية التي جرت فيها الانتخابات يوم الجمعة لم تكن مرتفعة، نظراً إلى عطلة عيد الفطر التي أمضاها لبنانيون خارج الدول التي يقيمون فيها، ومع ذلك نحن نتوقع أن تكون نسبة الاقتراع مرتفعة في دبي، ونأمل أن تساهم في إحداث التغيير المنشود”.
تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية انطلقت يوم الجمعة بالنسبة إلى المغتربين في 10 دول تعتمد هذا النهار عطلة نهاية الأسبوع، على أن تجرى الانتخابات المنتظرة في لبنان يوم 15 مايو/ أيار.
وأعلن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، أن نسبة الاقتراع التقريبية بلغت يوم الجمعة حوالى 59% مع اقتراع نحو 18 ألف ناخب من أصل حوالى 31 ألف مسجل، فيما سجلت أكبر نسبة اقتراع في سورية 84% ومن ثم طهران 73%.
وبلغ عدد المقترعين في السعودية 6456 من أصل 13105 ناخبين مسجلين، وفي الكويت 3778 من أصل 5760 ناخباً مسجلاً، وفي قطر 4872 من أصل 7345 ناخباً مسجلاً، وفي سلطنة عمان 600 من أصل 903 ناخبين مسجلين، وفي مصر 335 من أصل 709 ناخبين مسجلين، وفي البحرين 424 من أصل 638 ناخباً مسجلاً، وفي العراق 157 من أصل 327 ناخباً مسجلاً، وفي الأردن 288 من أصل 483 ناخباً مسجلاً، وفي إيران 474 من أصل 642 ناخباً مسجلاً، وفي سورية 853 من أصل 1018 ناخباً مسجلاً، وذلك وفق أرقام شركة الدراسات والأبحاث الدولية للمعلومات.
وفي تقييمها للمرحلة الأولى من اقتراع المغتربين الجمعة، توقف تقرير الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات “لادي” عند المخالفات الانتخابية التي سُجلت في عدد من المراكز، حيث سجلت دعاية انتخابية لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي” داخل القنصلية اللبنانية في جدة، قبل أن يطلب القنصل اللبناني من الجميع إزالة الخيم.
كذلك وُضعت أعلام حزبية في محيط مراكز الاقتراع في الرياض، ووجه رئيس “حزب القوات” سمير جعجع نداءً انتخابياً عبر الفيديو إلى مناصري القوات، في خرق للصمت الانتخابي.
كذلك سجل مراقبو “لادي” تصوير بعض الناخبين أوراق الاقتراع الرسمية خلف العازل، ما يؤثر في سرية الاقتراع، وقد يندرج في خانة الضغط على الناخبين.