مسح يكشف عن “الأثر المدمر” لعمليات الإخلاء والهدم في جدة
قالت منظمة “القسط” السعودية، إن سلطات المملكة أساءت التعامل مع عمليات الإخلاء القسري وهدم السكان في مدينة جدة الساحلية، وفق ما أظهر استبيان أجرته المنظمة لهدم المنازل وإخلاء السكان.
وأكدت المنظمة أن السلطات السعودية أجرت في أواخر 2021 وبداية 2022 عمليات إخلاء لعدد كبير من الناس من منازلهم، ودون إنذار مسبق في عديدٍ من الحالات.
وشددت على أن مصادرة الأراضي والتهجير القسري ممارسات قديمة ومستمرة لدى السلطات السعودية، بما في ذلك استحواذها غير القانوني على الأراضي والعقارات الواقعة في مناطق تستهدف السلطات تطويرها.
وأضافت: “المثال الأبرز كان في السنوات القليلة الماضية هو التهجير الوحشي للآلاف من أبناء قبيلة الحويطات، في عام 2020، قرب البحر الأحمر؛ للمضي بمشروع مدينة نيوم”.
وأظهر الاستبيان الذي أجرته المنظمة أن “أكثر من 91% من المجيبين ممن تعرضت عقاراتهم السكنية أو التجارية للهدم، و80% أشاروا إلى أنّ العقار ملكٌ، و20% مستأجرون أو كانوا مستأجرين فيه”.
وفيما يتعلق بحجم العائلة، تراوحت الإجابات بين 24 فردًا واثنين كحدٍّ أقصى وأدنى، وبمعدل 8.12 فرد لكل أسرة، وأفاد 97.1% من المشاركين بأنهم من سكان جدة.
وفيما يتعلق بمدة السكن، تراوحت الإجابات بين من عاش 60 عامًا في العقار ومن عاش سنةً واحدةً عقاره، و75.8% من المشاركين أفادوا بأن عقاراتهم تعرضت للهدم، في حين 12.1% أجابوا بالنفي.
وبخصوص إثباتات الملكية، أفاد 85.7% بامتلاكهم وثيقة تثبت تملكهم للعقار، وأما البقية (14.3%) الذين أجابوا بالنفي فقد تحدثوا عن صعوبة الإجراءات، وعدم جدّية السلطات في التعريض أو استخراج صك أو وثيقة بديلة.
وأفاد 60% من المشاركين بتلقيهم إشعارات بالهدم قبل مدة من تنفيذه، إلا أن 37.1% أشاروا بعدم تلقيهم أيّ إشعار.
وأشار البعض إلى أنّ المدة الفاصلة بين الإشعار والهدم كانت قصيرة للغاية، كما لفت آخرون إلى أنّ خدمات الكهرباء والمياه قطعت عنهم، وأنهم طردوا من منازلهم، ما يتعارض مع رواية السلطات حول أن كافة السكان أبلغوا بالهدم.
وأكد 54.3% من المستبانين أنهم أجبروا على الإخلاء تحت التهديد بالسجن في حالة عدم تنفيذ الأمر.
وأفاد 62.9% بعدم توفير السلطات معلومات واضحة عن إجراءات تقديم طلبات التعويض عن الهدم، ولا المساعدة في الحصول على سكن بديل، في حين أن 71.4% أشاروا إلى عدم إخطارهم بتوفر تعويض مالي، ولم يوفر لهم مبلغ بديل.
وأما النسبة الصغيرة من المستبانين الذين أفادوا بتوفير سكنٍ بديلٍ لهم، فأوضحوا أنّهم أسكنوا في شقة من غرفتين، يتشاركونها مع أسرة أخرى.
وأوضح 58.1% من المشاركين أنهم عاجزون عن العثور على مدارس بديلة لأبنائهم في المناطق التي انتقلوا إليها، وممن عثر على مدرسة بديلة -ألا وهم 25.8%- فقد كانت في مناطق بعيدة لا تصلها الخدمات.
ولفت بعض ممن أجبروا على الإخلاء إلى أنهم أكملوا شهرًا كاملًا دون العثور على سكنٍ بديل، وأن قيمة الإيجارات تضاعفت بصورة كبيرة لا يستطيعون معها تغطية الإيجار، وذكر آخرون أنهم عثروا على مساكن بديلة ومكلفة، وأنهم يتكفلون بأنفسهم بدفع الإيجار بعد أن أخلفت السلطات وعدها، ولم تدفع لهم تعويضا؛ بحجة أن رواتبهم عالية وتغطي النفقات.
وقالت المنظمة في بيان إن تكرر عمليات الإخلاء القسري، وما يحيط بها من انتهاكات وانعدام للشفافية، يدلّ على نسقٍ مستمرٍّ وممنهجٍ في تعامل السلطات مع أصحاب المساكن، دون احترامٍ لحقوقهم في السكن، ودون توفير سبيلٍ للانتصاف لمن يقدمون الشكاوى.
ودعت المنظمة السلطات السعودية لاحترام حقوق الناس في السكن اللائق، وإجراء تحقيق عاجل وشفاف في عمليات الإخلاء الجماعية، وتوفير آليات انتصاف لمن تعرضوا لانتهاكات، ومعالجة احتياجات الأهالي في السكن والخدمات التعليمية والصحية، وإقامة آليات استشارة عامة لكافة خطط التطوير القائمة والمستقبلية لتأمين حقوق أصحاب الشأن واحتياجاتهم ومصالحهم، والانضمام إلى المعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضمان امتثال قوانينها ولوائحها التنفيذية لها.