بوتشا تصدم العالم: دعوات دولية لمحاسبة روسيا على ارتكاب “جرائم حرب” في أوكرانيا
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الأحد، إنها وثّقت ما وصفته “بجرائم حرب على ما يبدو” ارتكبتها القوات الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا، فيما عبرت جهات دولية وأممية عن صدمتها بشأن صور القتلى المدنيين في بوتشا، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن تلك “الفظائع”.
وعثر على جثث تعود الى 410 مدنيين في أراض في منطقة كييف استعادتها القوات الأوكرانية أخيراً من القوات الروسية، وفق ما أعلنت النائبة العامة لاوكرانيا إيرينا فينيديكتوفا، الأحد. وأضافت النائبة العامة، خلال برنامج بثته العديد من قنوات التلفزة المحلية، أنّ “خبراء الطب الشرعي عاينوا حتى الآن 140” من هذه الجثث.
الأمم المتحدة: تساؤلات جدية عن جرائم حرب محتملة
وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس،الأحد، عن “صدمته العميقة لصور” قرب العاصمة الأوكرانية، حيث عثر على عشرات الجثث بعد انسحاب القوات الروسية من المدينة.
وأضاف غوتيريس في بيان مقتضب: “لا بد من تحقيق مستقل يتيح محاسبة” المسؤولين عن هذه الجريمة.
واعتبرت الأمم المتحدة أنّ العثور على مقابر جماعية في مدينة بوتشا الأوكرانية بعد انسحاب القوات الروسية منها، يثير تساؤلات جدية عن “جرائم حرب محتملة”، مؤكدة أهمية الاحتفاظ بكل الأدلة.
وقال مكتب حقوق الإنسان في المنظمة الدولية: “لسنا حتى الآن في وارد التعليق مباشرة على أسباب وظروف وفاة المدنيين في بوتشا، ولكن ما نعلمه حتى اليوم يثير بوضوح تساؤلات جدية ومقلقة عن جرائم حرب محتملة وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني”.
“هيومن رايتس ووتش” وثقت “جرائم حرب”
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أمس الأحد، إنها وثّقت ما وصفته “بجرائم حرب على ما يبدو” ارتكبتها القوات الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا.
وأصدرت المنظمة الحقوقية البارزة بياناً قالت فيه إنها وجدت “عدة حالات لارتكاب قوات الجيش الروسي انتهاكات لقوانين الحرب” في المناطق التي تسيطر عليها روسيا، مثل تشيرنيهيف وخاركيف وكييف.
جاء هذا البيان، الذي نُشر في وارسو، بعد يوم واحد من العثور على جثث قتلى مدنيين ملقاة في شوارع بلدة بوتشا الأوكرانية، بعد ثلاثة أيام من انسحاب الجيش الروسي في أعقاب احتلال دام شهرا للمنطقة الواقعة قرب كييف.
وأشارت المنظمة، ومقرها نيويورك، إلى بوتشا في بيانها الذي قالت فيه إنها أجرت مقابلات مع عشرة أفراد، منهم شهود وضحايا وسكان، سواء بصفة شخصية أو عبر الهاتف، وإن منهم من خافوا من الكشف عن أسمائهم بالكامل.
وذكر تقرير المنظمة أنّ “الجنود متورطون أيضاً في نهب ممتلكات المدنيين، بما في ذلك الطعام والملابس. ومن ارتكبوا هذه الانتهاكات مسؤولون عن جرائم الحرب”.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنّ القوات الروسية في بوتشا، في 4 مارس/آذار، “ألقت القبض على خمسة رجال وأعدمت أحدهم دون محاكمة”.
وقالت “رايتس ووتش” إنّ جميع أطراف النزاع المسلح في أوكرانيا ملزمة باحترام القانون الدولي وقوانين الحرب.
الولايات المتحدة و”شمال الأطلسي”: ضربة مؤلمة
وفي إطار ردود الفعل الدولية، عبّرت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، الأحد، عن صدمة إزاء ظهور أدلّة جديدة على قتل مدنيين في أوكرانيا، وحذّرا من أن تراجع القوات الروسية من محيط كييف قد لا يكون إشارة إلى انسحاب تام أو إنهاء للعنف في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد لقناة “سي أن أن”: “لا يَسَعك إلّا التعامل مع هذه الصور بوصفها ضربة مؤلمة”، مضيفًا: “هذا هو واقع ما يحصل كلّ يوم ما دامت وحشية روسيا ضد أوكرانيا مستمرة”.
وأكّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الأحد أنه “ليس متفائلًا جدًا” بشأن ما تقوله روسيا عن سحب قواتها من محيط العاصمة الأوكرانية كييف.
وقال لقناة “سي أن أن”: “ما نراه ليس تراجعًا، بل نرى أن روسيا تعيد تمركز قواتها”، مضيفًا: “ينبغي ألا نكون مفرطين في التفاؤل لأن الهجمات ستتواصل ونحن قلقون أيضًا بشأن احتمال تزايد الهجمات”.
بريطانيا: بوتين يائس
ووصف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، “الهجمات الدنيئة” لروسيا على مدنيين في مدينة بوتشا الاوكرانية بأنها “جرائم حرب”، وذلك بعد العثور فيها على عشرات الجثث، واعدا بتشديد العقوبات على موسكو.
وقال جونسون، في بيان، إنّ “هجمات روسيا الدنيئة على مدنيين أبرياء في إيربين وبوتشا هي أدلة إضافية على أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وجيشه يرتكبان جرائم حرب في أوكرانيا”.
وأضاف أنّ “أي نفي او تكذيب للكرملين لا يمكنه أن يطمس ما نعلم جميعاً أنه الحقيقة: بوتين يائس، اجتياحه على طريق الفشل وتصميم أوكرانيا لم يكن أكثر قوة”.
ألمانيا وفرنسا: يجب توثيق “الفظائع”
وقال المستشار الألماني، أولاف شولتز، في تصريح مقتضب نقله مكتبه الإعلامي: “علينا تسليط الضوء في شكل كامل على هذه الجرائم التي ارتكبها الجيش الروسي”، مشدداً على “وجوب محاسبة مرتكبي هذه الجرائم ومن خطط لها” ومطالبا خصوصا بإفساح المجال أمام منظمات دولية لدخول المنطقة “لتوثيق هذه الفظائع”.
واستنكر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأحد الصور “التي لا تُحتمل” من بوتشا الأوكرانية، مطالباً بمحاسبة “السلطات الروسية”. وكتب ماكرون على “تويتر”: “في الشوارع، قُتل مئات المدنيين بجُبن”.
الاتحاد الأوروبي: ملاحقة مرتكبي الفظاعات
وأعرب رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، الأحد على “تويتر”، عن “صدمته حيال الصور المخيفة للفظاعات التي ارتكبها الجيش الروسي في منطقة كييف المحررة” مضيفًا: “الاتحاد الأوروبي يُساعد أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية في جمع الأدلة الضرورية لملاحقات أمام المحاكم الدولية”.
روسيا تنفي: الصور “مفبركة”
من جانبه، نفى الجيش الروسي قتل مدنيين في بوتشا، واتهم أوكرانيا بـ”فبركة” الصور.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان: “في وقت كانت هذه المدينة تحت سيطرة القوات المسلحة الروسية، لم يتعرض أي مواطن محلي للعنف”.
وأكدت أنّ الجيش الروسي وزّع 452 طناً من المساعدات الإنسانية على المدنيين في هذه المنطقة.
وتابعت الوزارة أنّ جميع السكان “أتيحت لهم الفرصة للمغادرة بحرية” من المنطقة “نحو الشمال”، في وقت كانت الضواحي الجنوبية للمدينة تتعرض “لإطلاق نار من القوات الأوكرانية على مدار الساعة”.
واعتبرت أنّ الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت لجثث في شوارع بوتشا كانت “فبركة جديدة (قام بها) نظام كييف لوسائل الإعلام الغربية”.
ولم ترد الوزارة على الفور على المزاعم المحددة في بيان “هيومن رايتس ووتش”.
ويقول الكرملين إنّ “عمليته العسكرية الخاصة” تهدف إلى إضعاف القوات المسلحة الأوكرانية وتستهدف المنشآت العسكرية وليس المدنيين.
ورداً على سؤال حول مزاعم منفصلة بارتكاب جرائم حرب في الأول من مارس/آذار، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين: “ننفي ذلك بشكل قاطع”. ونفى مزاعم بشن روسيا ضربات على أهداف مدنية واستخدام القنابل العنقودية والقنابل الفراغية ووصفها بأنها “ملفقة”.