الفقه والواقع المعاصر: هل غسيل الكلى يفطّر؟
أد. مشهور فوّاز
المسألة الأولى: هل غسيل الكلى يفطّر؟
بحسب ما أفاده الأطباء أنّ معظم حالات غسيل الكلى تعتمد على محاليل نسبة معينة من الأملاح والمعادن والجلوكوز إضافة إلى دخول كمية معينة من السّوائل إلى دم المريض وبناءً عليه تكون عمليات غسيل الكلى مفطرة. وبناءً عليه طالما أنّ عملية غسيل الكلى تعتمد على محلول الجلوكوز أو الأملاح أو المعادن فإنّ هذه العملية تفسد الصيام لأنّ هذه المحاليل مغذية والمغذيات التي تصل إلى الجوف أو الدم في نهار رمضان مفطرة.
وفي هذه الحالة يلزم المريض الذّي لا يرجى شفاؤه إخراج فدية عن كلّ يوم أفطره، ونحذّر المرضى من مخالفة التوجيهات والإرشادات الطّبية لأنّ إيذاء النّفس والإضرار بها محرّم.
وننوّه أنّ للمعذور بالإفطار بسبب المرض أجر وثواب الصّيام في رمضان؛ فقد جاء في صحيح البخاري: “إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا”. (رواه البخاري، 2996).
المسألة الثّانية: هل يعتبر جهاز التّبخير من المفطّرات؟
الجواب: جهاز التّبخير هو عبارة عن جهاز يقوم بتحويل الدواء- وعادة ما يكون الدواء محلولًا في ملح الصوديوم- السّائل إلى بخار ورذاذ ناعم، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبّب تبخير هذا الدّواء، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم.
هذا وقد ناقش مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي هذه المسألة مؤخرًا وذلك بعد عشرين عامًا من تأجيله لهذه المسألة لمزيد من البحث وخرج بالقرار الآتي: “جهاز التبخير الرئوي (البنيوليزر) المستخدم في علاج الربو مفطّر، لأنّ الكمية الداخلة منه إلى المعدة أكبر بكثير من القدر المعفو عنه”. فوصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمرٌ مؤكّد ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه. وبناءً عليه من اضطر لاستعمال جهاز التّبخير أثناء الصّيام فإنّه يلزمه القضاء بعد رمضان، ولكن إذا كان المرض مزمنًا (دائمًا) بحيث يحتاج لاستعمال جهاز التبخير بشكل يومي فإنّه يلزمه إخراج فدية عن كل يوم أفطره. وكذلك استعمال الكبسولات في بخاخ الرّبو مفسد للصيام، لأن جزءًا من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة.
وأمّا بخاخ الأكسجين الذي يستعمل في الأنف وكذلك بخاخ الربو الذي لا يوجد فيه كبسولات فلا يؤثر على صحة الصوم، فهو يستهدفُ الجهازَ التنفسي، وما يصل إلى المعدة منه جزء يسير مغتفر غير مقصود، فهو أقل مما يصل المعدةَ من بقايا المضمضة والسّواك.