الأسد يحول آلاف السوريين إلى مرتزقة في خدمة الروس
تتسارع وتيرة تجنيد آلاف العناصر من المنضوين في مليشيات محلية وحزبية تابعة للنظام السوري، للقتال إلى جانب الجيش الروسي في اجتياحه للأراضي الأوكرانية، مع توقعات بأن يزج الروس هؤلاء العناصر في الجبهات الأكثر سخونة وللقتال داخل المدن.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي أول من أمس الجمعة، إن 16 ألف “متطوع” في الشرق الأوسط مستعدون للقتال مع الانفصاليين المدعومين من روسيا بمنطقة دونباس (شرقي أوكرانيا).
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاجتماع: “إذا رأيت أن كل هؤلاء الناس يريدون القدوم لمساعدة الناس الذين يعيشون في دونباس بمحض إراداتهم وليس من أجل المال، فيجب أن نمنحهم ما يريدون ونساعدهم على الوصول إلى منطقة الصراع”.
وفي السياق، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين الجمعة إن وزير الدفاع الروسي لفت إلى أن “معظم الأشخاص الذين يرغبون وطلبوا (القتال) هم مواطنون من دول في الشرق الأوسط وسوريون”.
النظام يحشد الآلاف لصالح روسيا
وبدأ النظام السوري في حشد جهوده لتجنيد آلاف الشبان من مليشيات تابعة له، ومن الفيلق الخامس الذي يضم آلاف الشباب الذين كانوا يقاتلون في صفوف المعارضة وأجروا تسويات مع النظام.
ونشرت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تابعة للنظام، توضيحات حول “التطوع” للقتال في أوكرانيا إلى جانب الروس، مشيرة إلى ان هناك امتيازات مالية (مغرية)، في محاولة سافرة لدفع الشباب للتقدم إلى مكاتب التسجيل في شُعَب التجنيد المنتشرة في كل المناطق الخاضعة للنظام.
كما بثت قناة “زفيزدا” الروسية، أول من أمس الجمعة، مقطع فيديو يُظهر مئات العناصر المرتزقة التابعين لقوات النظام الذين يُعلنون عن استعدادهم للذهاب والقتال إلى جانب القوات الروسية ضد القوات الأوكرانية.
وذكرت مصادر محلية في مدينة حماة أن مركز تنسيق العمليات الروسي في قاعدة حميميم يحاول جذب مرتزقة من كل المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، مقابل رواتب شهرية تتراوح بين 300 و600 دولار حسب الخبرة القتالية.
وأشارت إلى أن الروس يضعون التمرس على القتال شرطاً لقبول الراغبين بالتطوع. وكشفت المصادر أن “الفقر والحاجة ربما يدفعان البعض للذهاب إلى أوكرانيا، في ظل انعدام الآمال بأي انفراج اقتصادي في سورية”، موضحة أن النظام يفرض على بعض المليشيات المحلية تأمين عدد معين من المرتزقة.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نقلت، يوم الأحد الماضي، عن مسؤولين أميركيين أن روسيا تجنّد مرتزقة سوريين من ذوي الخبرة في حرب العصابات بالمدن، للقتال في أوكرانيا.
وفي العاصمة دمشق، أشارت مصادر مطلعة إلى أن حزب “البعث” وبعض الجماعات الفلسطينية، بصدد تجهيز مرتزقة لإرسالهم للقتال إلى جانب الروس مقابل رواتب شهرية وتعويضات في حال الإصابة، و”مكافآت مجزية بعد انتهاء الحرب”.
الزج بشبان المصالحات في أوكرانيا
وحول ذلك، قال المحلل العسكري العميد مصطفى الفرحات، في حديث صحفي، إن شويغو “طلب من رئيس النظام بشار الأسد تأمين مرتزقة للقتال في أوكرانيا اثناء زيارته إلى سورية قبل بداية الأعمال القتالية بأيام قليلة”.
وتابع بالقول: “إرسال المرتزقة للقتال إلى جانب الروس لا يدع مجالاً للشك بأن النظام بات مجرد تابع للروس يملون عليه ما يفعل أو لا يفعل”. ورأى أن النظام “يريد زج شبان المصالحات في المحرقة الأوكرانية، وبذلك أرضى الروس من جهة وتخلص من أكبر عدد ممكن من الشباب الذين لا يضمن النظام ولاءهم”، مضيفاً: لم يتقبل النظام هؤلاء الشباب في قواته على الإطلاق.
ولفت إلى أن الجيش الروسي “يريد تجنّب سقوط عناصره في المعارك، من خلال زج المرتزقة في الخطوط الأمامية وحرب الشوارع والعصابات داخل المدن الأوكرانية”، مضيفاً: “الجيش الروسي يخشى إثارة الرأي العام الروسي في حال سقوط عدد كبير من القتلى الروس في المعارك”.
وفي السياق ذاته، نقل تجمع أحرار حوران (مؤسسة إعلامية مستقلة، تنقل أحداث الجنوب السوري) عن قيادي في اللواء الثامن في بلدة بصرى الشام في درعا، والذي يضم عناصر انضوت تحت لوائه بعد التسويات، تأكيده أن القوات الروسية طلبت من الفيلق الخامس التابع لنظام الأسد إرسال بعض من قواته إلى روسيا، كما طلبت ذلك من “قوات النمر”، التابعة للفرقة 25، ومليشيا الدفاع الوطني في بعض مناطق ريف حماة. وأكد القيادي أن الشرطة العسكرية الروسية لم تطلب من قيادة اللواء إرسال عناصر للقتال في أوكرانيا.
إلى ذلك، قال العميد فاتح حسون وهو في فصائل المعارضة السورية في شمال سورية، إن المعلومات تشير إلى أن “هناك حاجة روسية إلى أعداد كبيرة من مرتزقة الأسد لإرسالهم للقتال في أوكرانيا”.
ولفت في حديثٍ صحفي، إلى انه طُلب مما يسمى “مكتب الأمن القومي” (يرأسه اللواء علي مملوك ويشرف على الأجهزة الأمنية المتعددة) في نظام الأسد العمل على تأمين نحو 30 ألف مرتزق للقتال في أوكرانيا.
وأشار إلى أن النظام “شرع في حملة إعلامية واسعة في سورية لدعم الحرب الروسية على الشعب الأوكراني”، مضيفاً: النظام يعتبر الوقوف إلى جانب الروس ودعمهم، بمثابة الوفاء لهم على وقفتهم مع نظام الأسد وشبيحته وأعوانه في مواجهة الشعب السوري المطالب بالحرية.
وبيّن حسون “أن العديد من شباب منطقة الساحل السوري توجهوا إلى مراكز التطوع”، مستدركاً أن “المُلاحظ أن هذه الأعداد دون الحد المطلوب”. وأشار إلى أن النظام “عاجز عن تأمين العدد المطلوب من المرتزقة من جيشه المترهل إلا بتفريغه من شباب الساحل، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به قيادة نظام الأسد، ولذلك تم التوجه إلى الفيلق الخامس”.
وأوضح أن “الاستجابة ضعيفة من قبل عناصر الفيلق الخامس في المناطق الجنوبية، مما دفع بقيادة الفيلق إلى إلزام بعض العناصر بالقتال إلى جانب الروس في أوكرانيا، تحت وطأة التهديد”.
وعن الأسباب التي تدعو الروس للاستعانة بمرتزقة من سورية وبلدان أخرى، أوضح حسون أن “الروس يريدون الزج بمرتزقة من دول مختلفة، خصوصاً المناطق السورية تحت حكم الأسد، في مقدمة القوات المتقدمة لتوفير الكثير من الدم الروسي الذي يمكن أن يقود إلى تمرد واسع النطاق في روسيا ويهدد معه نظام بوتين برمته”.