المئات في حفل توزيع منح الصندوق القُطري على اسم المرحومين “أحمد شريم ومريم سليمان”
توزيع 360 منحة بميزانية قدرها مليون و300 ألف شيكل
طه اغبارية
جرى أمس الجمعة، توزيع منح الصندوق القُطري لدعم التعليم العالي على اسم المرحومين “أحمد شريم ومريم سليمان” على 360 من الطلاب والطالبات الجامعيين من مختلف البلدات العربية، بمنحة قيمتها 3 آلاف شيكل وميزانية إجمالية هذا العام تقدر بمليون و300 ألف شيكل للمنح ودعم مشاريع أخرى يرعاها الصندوق.
جاء ذلك في احتفال، استضافته قاعة “ميس الريم” في قرية عرعرة، بحضور المئات من الطلاب والطالبات الجامعيين المستحقين للمنحة إلى جانب مشاركة العديد من الأهالي وبحضور أعضاء مجلس أمناء الصندوق وشخصيات اعتبارية من المجتمع العربي.
استُهل الحفل بقراءة عطرة من القرآن الكريم للطالب الجامعي خليل محاجنة، فيما تولت فقرة العرافة المربية ابتسام اغبارية، مرحبة بالحضور وأثنت على مؤسس الصندوق الحاج مصطفى أحمد شريم والقائمين على هذا المشروع الضخم كصدقة جارية عن المرحومين الحاج أحمد مصطفى شريم والحاجة مريم سليمان.
التحيز للهوية الفلسطينية
الكلمة الأولى في الحفل، كانت للسيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا، مرحبا الحضور وترحّم في على المرحومين أحمد شريم ومريم سليمان مشيدا بمؤسس الصندوق الحاج مصطفى شريم.
وقال “يشرفني أن أقف في هذا الموقف العظيم الذي نحتفي به بطلابنا وطالباتنا الذين يخطون طريقهم إلى المستقبل النير الذي نريده لهم، ولا نريد لهم إلا مثل هذا المستقبل، وأن نكون بعيدين كل البعد عن كل مظاهر التردي التي تحاول مؤسسة كاملة أن تبثّها في مجتمعنا وأن تجعل من مجتمعنا أسيرا لأهواء قلة ضالة تمارس العنف والجريمة. هذا المشهد هو المشهد الحضاري الذي نريده لشعبنا ولمجتمعنا”.
وأضاف: “أريد أن اشكر شكرا بالغا وكبيرا الأخوة القائمين على صندوق التعليم العالي القُطري الذين يقدمون بسخاء، وهذا ليس أمرا مفروغا منه ما تقوم به جمعية ومؤسسة خاصة بالكاد دول يمكنها ان تقوم بما قدّمه ويقدّمه صندوق التعليم العالي القطري. في المقابل تقدّم أقل بقليل من 3 آلاف طالب لتلقي منحة بمعنى أن الحاجة لهذه المنح كبيرة وماسة، لذلك أهيب بكل أصحاب الإمكانيات في مجتمعنا أن يحذو حذو هذه العائلة الكريمة بما ينفع الناس”.
وحيا بركة الشيخ رائد صلاح وقال إنه “خرج لتوه من السجن التعسفي الظالم ليواصل القيام بأسمى المهمات في مجتمعنا وهي مهمة إفشاء السلام في مجتمعنا، يعمل على مدار الساعة من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان من أجل خلق روح التسامح والسلام المجتمعي في بلداتنا”.
وتطرق إلى ما يحدث في الشيخ جراح بالقدس المحتلة، محذّرا من وجود قلة قليلة من المجندين العرب في جيش الاحتلال يقمعون الأهل في الشيخ جراح، موضحا “صادروا الأرض منعوا العمل وشوهوا الهوية ودفعوا هذه القلة للتجند في أجهزة القمع الاحتلالية ليجلعوا وكأن الحرب بين فلسطينيين وفلسطينيين. هم يحاولون الإيقاع فيما بيننا، لذلك أدعو أبناء شعبنا أن لا يتحولوا إلى عصا غليظة في وجه أبناء شعبهم، لا مكان لكم في أجهزة القمع، لا مكان لكم في منظومة الاحتلال. الحد الأدنى من الكرامة الشخصية المطلوبة من كل واحد منكم هو أن تحفظوا هويتكم وان لا تكونوا جزءا من قاذورات الاحتلال”.
وختم بركته كلمته إلى الطلاب بالقول “نحن نريدكم أيّها أن تكونوا دعاة للخير والانتماء، والتحيز لهويتكم، وعقائدكم الدينية ولغتكم. من أجل ان نكون مجتمعا معافى فالجهد هنا من قبل الصندوق والقائمين عليه هو بمثابة تحد لكل الأفكار الهجينة التي يحاولون زرعها في أوساط شبابنا وشعبنا، أبارك لكم هذا المجهود العظيم ومجتمعنا كله مدين لكم بالامتنان ونتمنى لطلابنا أن يتقدموا في سلم التحصيل العلمي والاجتماعي والتحيز للهوية والانتماء لشعبهم”.
الصدقة الجارية والوفاء
ثم كانت كلمة الدكتور سمير صبحي محاميد رئيس بلدية أم الفحم ونائب رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، وقال إن “مشروع الصندوق يجسد معنى الصدقة الجارية التي يقدّمها الحاج مصطفى واخوانه عن روح والديهم، وهو ما ينقص مجتمعنا، هذا إلى جانب معنى الوفاء لأبنائنا ومجتمعنا العربي”.
ولفت محاميد إلى أن الصندوق وإلى جانب توزيع المنح فإنه يدعم العديد من النشاطات الأكاديمية من أجل الارتقاء بالتعليم العالي في مجتمعنا العربي.
وأضاف أن رسالة الحفل فيها دعوة إلى رجال الاعمال في المجتمع العربي من أجل إطلاق مبادرات مماثلة للصندوق الذي أقامه الحاج مصطفى شريم وإخوانه.
وقال محاميد إنه حين سئل أثناء زيارة للولايات المتحدة عن مبادرات تطوعية في المجتمع العربي كان يتسلح بالحديث عن مثل هذا الصندوق الداعم للطلاب الجامعيين منوّها إلى حاجة مجتمعنا إلى الكثير من المبادرات والمشاريع ذات الصلة.
في ختام كلمته دعا الدكتور سمير صبحي محاميد الطلاب الجامعيين إلى الانخراط خلال دراستهم الجامعية في هموم مجتمعهم والتعبير عن مواقفهم الوطنية والدينية بما يخدم قضايا شعبنا.
التكامل بين أهل الاختصاص والسياسيين
ثم كانت كلمة الشيخ رائد صلاح رئيس لجنة إفشاء السلام القطرية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، حيا في مستهلها الحضور جميعا، وقال “سنبقى نترحم على المرحومين أحمد شريم ومريم سليمان، اللّذيْن من بركة حياتهما وُجد هذا الصندوق، صندوق التعليم العالي، وجزى الله خيرا الأبناء الّذين بروا بأبويهم في هذا المشروع الواعد النامي المستديم”.
عن إنجازات الصندوق منذ تأسيسه، أضاف الشيخ رائد “نحن الآن في السنة الثامنة عشرة لمسيرة صندوق التعليم العالي، وبالأرقام هذا الصندوق حتى الآن كان من ثمراته في مسيرة مجتمعنا على أقل تقدير: 8 آلاف طالب وطالبة جامعيين في كافة الاختصاصات من بلداتنا في الداخل الفلسطيني، وهذا يعني أن الكثير مما نظنه مستحيلا يمكن أن نحققه، هذا يعني أن كل مشاكلنا التي نعاني منها لا يوجد شيء اسمه مشكلة بلا حل إذا أردنا أن نحل هذه المشكلة”.
وتابع “في الوضع الراهن الذي نعيشه أتمنى أن نحسن صناعة معادلة تكامل ما بين أهل الاختصاص من باحثين على اختلاف اختصاصاتهم وما بين رجال السياسية حتى يكون هناك تكامل في مسيرتنا، في قرار يقوم على عمق بالفهم الفكري إلى جانب القرار السياسي الساعي إلى خطوات عملية بعيدة عن مجرد الاقتراح والتنظير. مجتمعنا لا بد أن يصل إلى هذا التكامل وسنخرج من كثير من الأزمات التي نظنها مستعصية”.
واستطرد الشيخ رائد: “لذلك أنا أفرح في هذا اللقاء لسببين، أولا افرح لكم أيها الطلاب والطالبات يا سفراءنا في المستقبل القريب. وأفرح لأنكم أنتم إن شاء الله ستكونون مادة رجال الاختصاص في كافة الاختصاصات الذين يزودوننا بالرؤية الصافية إن شاء الله تعالى، وحتى ينجح هذا التكامل لا بد من صمام أمان بين الطرفين (أهل الاختصاص وأهل السياسة) يجب أن نحافظ عليه ولا نخرج عنه وصمام الأمان هو ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، ومن خرج عنها مردود عليه حتى قيام الساعة”.
وختم الشيخ رائد صلاح كلمته بالقول “نحن الآن في قرية عارة عرعرة ونسمع آلام الشيخ جراح والاقصى من بعيد. مع ذلك أؤكد أن قضية القدس والمسجد الاقصى المباركين قضية منتصرة. وقضية كل احتلال اقتحم القدس والمسجد الاقصى المبارك قضية خاسرة. كل احتلال دخل إلى القدس والمسجد الأقصى لم يخرج منهما لسبب أنّه لمّا دخل انتهى بإذن الله رب العالمين”.
18 عاما من المنح
ومشاريع دعم التعليم العالي
ثم كانت كلمة مؤسس الصندوق ورئيس مجلس أمنائه، الحاج مصطفى أحمد شريم، ورحّب بداية بالحضور من الطلاب وأعضاء مجلس الأمناء والضيوف لا سيّما الشيخ رائد صلاح الذي كما قال “كان يشاركنا في هذا الاحتفال منذ انطلاقة الصندوق عام 2004، ولكن في السنوات الأخيرة لم يشاركنا بسبب الظلم الممارس عليه والسجن الذي كان فيه بسبب عدم تنازله عن الثوابت الدينية والوطنية”.
وأوضح: “منذ انطلاق صندوق التعليم العالي عن روح والديّ المرحومين الحاج أحمد مصطفى شريم والحاجة مريم سليمان منذ 18 عاما، تميّز الصندوق باستقلاليته بإدارته وموارده التي تتمّ من خلال الشركات التي أملكها، وبهدف سام هو القيام بدور فعال في مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني”.
وأردف شريم “أقررنا ميزانية العام الحالي بمليون و300 ألف شيكل، وُزعت على العديد من المشاريع في الصندوق، منها مشروع المنح الطلابية حيث تمّ رصد 360 منحة جامعية لأبنائنا الطلبة من شمال البلاد إلى جنوبها، وقد حاولنا جاهدين إعطاء المنحة للمستحقين لها، إذ تقدم هذا العام 2355 طلبا وبعد فرز الطلبات من خلال أعضاء مجلس الأمناء، الذين دققوا بالأسماء واجتهدوا أن يعطوا كل ذي حق حقه. فتم إعطاء 360 منحة لأبنائنا، كذلك ارتأى مجلس الأمناء تقديم 19 منحة للقب الثاني و3 منح للدكتوراه و5 منح لطلبة العلم الشرعي”.
وتوجّه بالشكر إلى “أعضاء مجلس الأمناء ونشكر الأستاذ يوسف أبو شقرة مدير الصندوق، الذي كان يعمل ليلا ونهارا لإنجاح هذا المشروع”.
وأوصى السيد مصطفى أحمد شريم في ختام كلمته الطلبة الجامعيين بالقول “عليكم أن تكونوا على قدر المسؤولية في تعليمكم وخدمة مجتمعكم وبلدانكم، فأنتم ملح الأرض، وبسلاح العلم سنحيا سعداء ونبقى صامدين في هذا الوطن”.
العطاء المستمر
وألقى كلمة الجامعيين، الطالب فادي زعبي، وقال “أتشرف اليوم بإلقاء كلمتي أمامكم كممثل عن الطلاب الحاصلين على المنحة الدراسية لهذا العام، هذه المنحة القيّمة والمهمة في مسيرة الطالب الجامعي بمبادرة القائمين على هذا الصندوق الخيري عن روحيّ المرحومين أحمد شريم ومريم سليمان رحمهما الله”.
وأضاف “هذه المبادرة التي تعود بالخير على بيوتنا، مجتمعنا، حاضرنا ومستقبلنا، تخرج المئات الآلاف من طلابنا ونحن على وشك ان نشهد تخرج مئات أخرى كثمار لهذا الصندوق الطيب. للمرة الثامنة عشرة يثبت هذا الصندوق الطيب أننا يمكننا أن نثبت على أعمالنا ونحافظ عليها وعلى عطائنا المستمر لمصلحة وخدمة مجتمعنا”.
وخاطب زعبي الطلاب قائلا “أنتم صمام الأمان لمجتمعنا العربي الفلسطيني في البلاد، بكم ترتفع مكانتنا وبكم ننهض ونبني غدا أفضل ومشرق خال من العنف والجريمة المستشرية في مجتمعنا. ما يواسينا الآن هو هذا الصندوق بنفسه الطويل وعطائه المتواصل ويخفف من ألمنا وحزننا على ما يمرّ به مجتمعنا وشعبنا في كل مكان. ففعلا أنتم صمام الأمان لمجتمعنا حتى وإن ازدادت سياسات التضييق والإحباط من حولنا، فتقع علينا مسؤولية كبيرة في أن نجمع ما بين علمنا، هويتنا، ثقافتنا انتمائنا وعطائنا”.
وختم فادي زعبي كلمته بالقول “أبارك لجميع الطلاب الحاصلين على المنحة الدراسية وكما أبارك جهود القائمين على إتمام هذا اليوم على أكمل وجه: الحاج مصطفى أحمد شريم رئيس الصندوق، ومدير الصندوق يوسف أبو شقرة وأعضاء مجلس الأمناء. بهذه المناسبة السعيدة اهنئ الشيخ رائد صلاح لتحرره من قيود الأسر وعودته إلينا سالما غانما بين أبناء شعبك وأبناء مجتمعك”.