تنديد أممي وغربي بخطوات روسيا خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن حول أوكرانيا
عبرت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، عن قلقها وحزنها العميق للأوضاع الخطيرة في أوكرانيا.
وجاءت تصريحاتها خلال إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي، خلال جلسته الطارئة التي عقدها بسبب التطورات في أوكرانيا.
وقالت: “كان الأمين العام واضحاً في بيانه؛ إنه يعتبر قرار الاتحاد الروسي بالاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك انتهاكاً لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها، ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. نأسف بشدة لهذا القرار الذي قد تكون له تداعيات إقليمية وعالمية”.
وطلب عدد من الدول عقد الجلسة، من بينها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا. وعقدت في الساعة التاسعة ليلاً بتوقيت نيويورك، الخامسة صباحاً بتوقيت الشرق الأوسط، واستمرت أكثر من ساعتين.
وأكدت ديكارلو أنّ الخطوة الروسية تشكل خرقاً لاتفاقية مينسك، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة تسوية سلمية للنزاع في شرق أوكرانيا، وفقاً لاتفاقية مينسك، كما أقرها مجلس الأمن في القرار 2202 (لعام 2015). وعبرت كذلك عن أسف الأمين العام لقرار روسيا نشر القوات الروسية في شرق أوكرانيا، حسب ما ورد في “مهمة حفظ سلام”.
وشددت على قلق الأمم المتحدة من “تصاعد القصف على خط التماس، مما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا. حيث سجلت بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ما مجموعه 3231 انتهاكاً لوقف إطلاق النار في منطقة دونباس في الفترة من 18 إلى 20 فبراير/شباط؛ 1073 انتهاكاً لوقف إطلاق النار، بما في ذلك 926 انفجاراً في منطقة لوغانسك، و2158 انتهاكاً لوقف إطلاق النار، بما في ذلك 1100 انفجار، في منطقة دونيتسك”.
بدوره، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دوريفير، قبل دخوله إلى قاعة مجلس الأمن: “إن قرار روسيا الاعتراف بالإقليمين يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 2022 (2015)”.
وأضاف: “هذا خرق لاتفاقية مينسك وميثاق الأمم المتحدة. هذا ما سنقوله في مجلس الأمن. وستتبع هذه الخطوات عواقب في أوروبا، وقد نتخذ خطوات لفرض عقوبات”. كما أكّد أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيستمر بجهوده الدبلوماسية في الأيام القادمة، ولكن “حالياً علينا أن ندين هذه الخطوات”.
كما قالت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد: “هناك هجوم على سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية، ويشكل انتهاكاً للمبادئ الرئيسة للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة. وهذا التحرك من قبل الرئيس (فلاديمير) بوتين يشكل بوضوح أساساً لمساع روسية لخلق ذرائع من أجل غزو أوكرانيا على نحو أكبر”.
وحذرت من أنّ صدى الخطوات الروسية سيتخطى حدود أوكرانيا. وتحدثت عما وصفتها بـ”ادعاءات وتضليل وذرائع روسية” لشن حرب.
وأضافت: “بعد ساعات أعلن الرئيس بوتين أن قواته ستدخل دونباس وادعى أن أوكرانيا تسعى لحيازة أسلحة نووية من الغرب وهذا أمر غير صحيح. أوكرانيا واحدة من أربع دول فقط تخلت عن أسلحتها النووية طوعياً”. وأكدت أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا ينوون تقديم أي أسلحة نووية لأوكرانيا، وأن أوكرانيا لا ترغب بالحصول عليها.
وتوقفت السفيرة الأميركية عند خطاب بوتين، وقالت: “أكد الرئيس بوتين أنّ لروسيا اليوم مطالب مشروعة بجميع الأراضي، أؤكد جميع الأراضي، من حقبة الإمبراطورية الروسية. نحن نتحدث عن الإمبراطورية الروسية قبل (تشكيل) الاتحاد السوفييتي. يشمل ذلك كلاً من أوكرانيا وفنلندا وبيلاروسيا وجورجيا ومولدوفا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، ويضم أجزاء من بولندا وتركيا”. من حيث المبدأ يريد الرئيس بوتين “أن يعود العالم إلى الوراء، إلى وقت ما قبل تأسيس الأمم المتحدة، إلى حقبة كانت الإمبراطوريات تحكم العالم فيها”.
وأضافت حول هذه النقطة: “نحن لسنا في العام 1919، إنه عام 2022. لقد تأسست الأمم المتحدة على مبدأ إنهاء الاستعمار وليس إعادة الاستعمار. ونعتقد أن الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملتزمة بالمضي قدماً، وليس العودة في الزمن إلى الوراء”. ثم شددت السفيرة الأميركية على أن تداعيات الخطوة الروسية ستكون على العالم أجمع وليس فقط في أوكرانيا نفسها وأوروبا.
ووجهت السفيرة الأميركية حديثها لبقية السفراء قائلة: “الرئيس بوتين يختبر المنظومة الدولية، وعزمنا، ويريد أن يرى إلى أي مدى يمكنه الضغط علينا. إنه يريد أن يثبت أنه من خلال القوة يمكنه أن يستهزئ بالأمم المتحدة. يجب علينا العمل معاً لمواجهة هذه الأزمة”. وأضافت: “لقد أوضح الأعضاء الآخرون في هذا المجلس، حتى أولئك الذين غالباً ما يؤيدون روسيا في مسائل أخرى، أنه يجب احترام سيادة أراضي كل دولة عضو في الأمم المتحدة واستقلالها وسلامتها، بما في ذلك أوكرانيا، وأن هذا هو المعيار الأساسي للعلاقات الدولية، وأنها تجسد الغرض من ميثاق الأمم المتحدة”.
وتحدثت عن المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن، ويحظر الاستثمار والتجارة والتمويل في تلك المناطق. وقالت إنّ بلادها “ستتخذ المزيد من الخطوات لمحاسبة روسيا على هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي، وسيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية. لكننا أوضحنا نحن وشركاؤنا أنه سيكون هناك رد سريع وخطير إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا”.
وحذرت بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن من الخطوة الروسية وتداعياتها على أوروبا والنظام الدولي، وشددت على أنها تنتهك ميثاق الأمم المتحدة. وأكدت جميع الدول الأعضاء على ضرورة العودة للمفاوضات وحل النزاعات بشكل سلمي.
وكانت الإحاطة التي تقدم بها مندوب الصين، تشانغ جون، لافتة حيث لم تظهر الصين دعمها بشكل واضح للخطوة الروسية. إذ دعا فيها إلى ضرورة احترام وحدة جميع الدول وسلامتها. وجاءت إحاطته مقتضبة جداً وقال فيها: “في الوقت الراهن يجب على جميع الأطراف المعنية ضبط النفس. نشجع ونرحب وبكل الجهود التي تعمل للتوصل لحل دبلوماسي، ونطالب جميع الأطراف بمواصلة الحوار والتشاور والبحث عن حلول منطقية تأخذ بالاعتبار مخاوف كل طرف على أساس المساواة والاحترام المتبادل”.
وأضاف: “إن الوضع الحالي في أوكرانيا ناتج عن وضع معقد. ونؤمن أنه يجب أن تحل جميع الدول خلافاتها الدولية بطرق سلمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة”.
أما السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، فوصف الإحاطات التي استمع لها مجلس الأمن من بعض السفراء بأنها “عاطفية”. وقال إنّ الوقت قد حان للعمل والتركيز على منع نشوب حرب وكيف يمكن إجبار أوكرانيا على وقف القصف ضد دونيتسك ولوغانسك.
وأضاف: “الاستماع لبعض الإحاطات يخلف الانطباع أن اعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك جاء بشكل مفاجئ. ولكن علينا أن نتذكر أنهما أعلنتا استقلالهما عن أوكرانيا عام 2014، ونحن لم نعترف بهما إلا الآن على الرغم من الدعم الكبير لذلك داخل روسيا وفيها (تلك المناطق)”. وقال إن بلاده ناشدت أوكرانيا التوقف عن الحديث مع مواطنيها بالشرق بلغة المدافع والقتل والتهديد.
وتابع: “طلبنا من كييف وبشكل مستمر الاستماع إلى رغبة مواطنيها وأولئك الذين يتحدثون الروسية لاحترام رغبتهم باستخدامها وتعليم أطفالهم تلك اللغة، واحترام ذكرى هؤلاء الذين حرروا البلاد من الفاشيين”.
وتحدث عن اتفاقية مينسك، وأكد مجدداً أنّ الاتفاقية لا تذكر روسيا. وأشار إلى الانتخابات الأوكرانية في عام 2019 والرئيس الجديد. وقال: “إن الرئيس الأوكراني لم ينفذ وعوده بالسلام”.
واتهم الحكومة الأوكرانية بتدمير اتفاقية مينسك ورفضها الدخول في حوار مع ممثلين عن دونيتسك ولوغانسك. وقال: “لقد أصبح من الواضح أنها لا تنوي تنفيذ اتفاقية مينسك. ثم شدد على أن بلاده ليست طرفاً بتلك الاتفاقية. وتحدث عن أن بلاده ما زالت منفتحة على الدبلوماسية ولكنها لن تسمح بإراقة الدماء بدونيتسك ولوغانسك.
في المقابل، شدد مندوب أوكرانيا لدى مجلس الأمن، على أنّ حدود أوكرانيا “غير قابلة للتغيير” على الرغم من الإجراءات التي أعلنت عنا روسيا مؤخراً.
وقال سيرغي كيسليتسيا، خلال الجلسة إنّ “الحدود الأوكرانية المعترف بها دولياً كانت وستبقى غير قابلة للتغيير بصرف النظر عن أي بيانات أو أفعال من قبل روسيا الاتحادية”.
يذكر أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة ستعقد الأربعاء اجتماعاً دورياً لنقاش الوضع في شرق أوكرانيا، واتفاقية مينسك، ومن المتوقع أن يعقد على مستوى رفيع.