تقدير إسرائيلي لأزمة أوكرانيا يستعرض المخاطر والفرص
سلّط مسؤول أمني إسرائيلي سابق الضوء على الأزمة الأوكرانية، التي يمكن أن تسرع مخاطر وتهديدات قديمة وجديدة، وفي الوقت ذاته تكمن في طياتها فرص إيجابية حيال المؤسسة الإسرائيلية.
وقال الجنرال عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في المركز متعدد المجالات في هرتسيليا، في مقال بصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية: “نوجد هذه الأيام على شفا تطورات تاريخية، في مركزها قرار بتصميم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقضي باستعادة أوكرانيا ومعها دول أخرى تشكل منها الاتحاد السوفياتي سابقا لمجال النفوذ الروسي”.
أمريكا تعيش ضعفا تاريخيا
وذكر أن هناك “خطوة مصممة مع استراتيجية واضحة في ظل الاستعداد وبذل الجهود، المقدرات الاقتصادية والعسكرية وأخذ مخاطرات في شكل مواجهة مباشرة (وإن لم تكن عسكرية) مع الولايات المتحدة”.
وأضاف: “استنادا لسوابق في الماضي شملت؛ جورجيا، كازخستان، بيلاروسيا، وسوريا، في خليط مع صورة الاستخبارات النوعية التي تشارك الولايات المتحدة بها علنا، يمكن أن نتوقع باحتمالية عالية أن يسعى الروس في الفترة القريبة القادمة لأن ينفذوا خططهم الاستراتيجية بتغيير الحكم في أوكرانيا، وإذا ما تحقق هذا الهدف، فستتحدى روسيا مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة متصدرة في العالم”.
ورأى جلعاد، أن “قرار بوتين يتغذى من رؤياه لاستعادة المجد، ومن تقديره بأن واشنطن والغرب يعيشون ضعفا تاريخيا سيسمح له بالمشاركة مع الصين كقوة عظمى صاعدة، لتحقيق إنجازات في شكل خلق عالم متعدد الأقطاب”، منوها بأن “روسيا تأخذ في الحسبان المخاطر المترتبة على شكل خطوات رد اقتصادية حادة، وهي مقتنعة بأنها كما نجحت في السنوات الماضية، ستفلح هذه المرة في نيل ثمرة ذات أهمية تاريخية استثنائية بالنسبة لهم، وهي استعادة السيطرة على أوكرانيا كجزء من رؤيا روسيا الكبرى”.
وبالتوازي، “من المهم الإشارة إلى أن روسيا تبرز كعامل مسيطر إلى جانب الولايات المتحدة والغرب في تحقيق اتفاق للجم مساعي إيران لنيل سلاح نووي، وفي المحور الاستراتيجي موسكو – بيجين، يتخذ الصينيون ظاهرا نهجا حذرا، كعادتهم، لكن الرئاسة في كل من الصين وروسيا تقدم زخما للتقارب الشامل بين الدولتين، في وجه أمريكا؛ الخصم المشترك، وكل ذلك انطلاقا من الافتراض بأن أوروبا شريك محدود القوة”.
وقدّر الجنرال أنه “إذا نجحت الخطة الروسية للسيطرة على أوكرانيا، فهذا كفيل بأن يكون لذلك تأثير دراماتيكي على إسرائيل والشرق الأوسط، والتهديد الاستراتيجي الشامل من جانب إيران على إسرائيل، سيتعاظم، هي تطور قدرات هجومية مبهرة تستهدف المس أساسا بالبنية التحتية الاستراتيجية في إسرائيل، في ظل التموضع في دول فاشلة”.
خصومة محتدمة مع أمريكا
ورأى أنه “في حال كان هناك اتفاق، ستحصل إيران على يد حرة لمواصلة تطوير قوتها في حال كان تحت تصرفها قدرات اقتصادية غير مسبوقة نتيجة لرفع العقوبات، كما أن الاتفاق سيجدي فقط في تأخير الجداول الزمنية لتطوير القدرات النووية العسكرية، ولكن ليس في منعها، وإذا لم يتحقق اتفاق، فستواصل إيران تعاظمها وهي متحررة من القيود السياسية”.
وأكد أن “إيران ستتمكن من استغلال الخصومة المحتدمة بين أمريكا والمحور الاستراتيجي روسيا – الصين، حيث يرى هذا المحور في إيران حليفا له حيال الأمريكيين”.
بالمقابل، “يمكن لهذا الوضع أن يخلق فرصا لإسرائيل، وأولا وقبل كل شيء، قد تصل الولايات المتحدة إلى الاستنتاج بأنه لا بديل للشرق الأوسط كذخر استراتيجي حيوي لأمنها القومي، فتؤخر هجر المنطقة، وستواصل الولايات المتحدة الاعتماد على النفط الذي مصدره في الشرق الأوسط، وأن تشكل مصدر قوة ودعم لإسرائيل، كما أن تل أبيب ستنفذ مسيرة تعاظم قوى تستند أكثر فأكثر على الحلف بينها وبين واشنطن، إلى جانب ذلك، يمكن أن يتوثق الحلف الأمني الاستراتيجي بين إسرائيل وبعض الدول العربية، التي تنجح بشكل مبهر في الحفاظ على استقرارها”.
وزعم جلعاد أنه “من عموم التطورات والأحداث في المنطقة، يمكن أخذ الانطباع بأن دولا عربية ترى في إسرائيل شريكا استراتيجيا، وبخاصة بعد أن انضمت إسرائيل لقيادة المنطقة الوسطى الأمريكية التي هي إطار أمريكي يعطي رعاية لجملة من أوجه التعاون العسكري والاستخباري بين دول الشرق الأوسط، وهذا إنجاز ذو أهمية استثنائية للأمن القومي الإسرائيلي”.
ورجح أنه “رغم المفارقة ظاهرا في الجبهة السورية، ستبقى على حالها المصلحة المشتركة الإسرائيلية – الروسية في إضعاف مكانة إيران في سوريا قدر الإمكان، لأن روسيا معنية بالحفاظ على مكانتها المسيطرة في الدولة، وكل هذا ينطوي على سياسة حصيفة من إسرائيل تجاه النظام الأوكراني”.