أخبار عاجلةمقالات

بين الحياة والموت بسبب وباء كورونا اللعين

الإعلامي أحمد حازم

منذ بداية انتشاره في العالم عام 2019 لا يزال وباء كورونا موضوعًا تتحدث عنه الدول على الصعيد الرسمي وكذلك كافة المجتمعات، بسبب خطورته وتأثيراته الصحية بما فيها التأثيرات القاتلة، حتى أن معاهد الأبحاث في الجامعات المعروفة تولي اهتمامًا كبيرًا بهذا الوباء اللعين، وتنشر باستمرار دراسات عنه. وقد أفادت جامعة جونز هوبكنز الأمريكية بارتفاع إجمالي لعدد الإصابات بفيروس كورونا في العالم إلى أكثر من 278.8 مليون إصابة، وإجمالي الوفيات إلى نحو 5.4 مليون وفاة.

إسرائيل تعاني أيضًا من وباء كورونا شأنها شأن كل الدول في العالم. وتؤكد مصادر إسرائيلية وجود أكثر من ربع مليون مصاب بهذا الوباء وأن عدد الوفيات تجاوز التسعة آلاف شخص. وهذه الأرقام ترتفع باستمرار بسبب زيادة عدد المصابين.

في الشهر الماضي، كنت أحد هؤلاء المصابين بالكورونا لنحو عشرين يومًا أمضيتها راقدًا في السرير في قسم الكورونا في المستشفى الإنكليزي، معلقا بين الحياة والموت بسبب وباء كوفيد 19. لم أكن قادرًا على الحركة، كنت مثل الذي ينتظر ساعة الوداع، ولا أحد يعرف متى. هكذا كنت أشعر في البداية، كثيرًا ما تساءلت بيني وبين نفسي عمّا إذا اقتربت الساعة. وقتها كان شريط الحياة يمر سريعا أمامي.

كورونا اللعينة تمكنت من العبور إلى جسدي رغم الوقاية التي كنت دائمًا أولي لها اهتماما كبيرًا. حاولت التجاهل فلم أستطع لأن كورونا كانت قوية. كنت أرجف كمن يعيش في بلاد الثلج والصقيع تحت درجات حرارة دون الصفر. نقلوني إلى العيادة المجاورة لبيتي وعندما رآني طبيب العائلة قرر نقلي فورًا إلى المستشفى بسبب وضعي الصحي المتردي.

أسماء مثل: عزمي، أحلام، أحمد، مطانيوس، أيمن، سامر، وغيرهم هي أسماء عادية، لكن هذه الأسماء مميزة، لأن أصحابها بعض أعضاء الطاقم الطبي الذي كان يقوم بمعالجتي والاهتمام بي وبغيري من مرضى قسم كورونا. (معذرة إذا غاب عن ذاكرتي أسماء آخرين) فكلهم يستحقون فعلًا لقب “ملائكة الرحمة”. ما يقوم به هؤلاء لمرضى كورونا يستحق التقدير والثناء. إنهم يعملون على مدار الساعة لخدمة المريض. كل واحد منهم يعمل 12 ساعة وهم دائمًا في حركة دائمة.

في الحقيقة، أعجز عن وصف الاهتمام الذي كان يبديه الطاقم الطبي لمرضاهم في قسم كورونا، وما لمسته خلال إقامتي في المستشفى خير دليل على ذلك. يتحدثون مع المريض بوجه بشوش ويسألونه دائمًا عن صحته، وعمّا إذا كان بحاجة لشيء ما. لقد عرفت من خلال وجودي فترة العشرين يومًا في المستشفى الجهود التي يبذلها الأطباء والممرضون والممرضات من أجل رعاية صحيحة للمريض. شعرت بأن الإنسانية هي شعارهم، وأنهم يتعاملون مع المريض حسب ما يمليه عليهم واجبهم المهني والأخلاقي. انهم أناس فوق العادة وهم في الخدمة، وكل واحد منهم يعرف أن مساعدة المريض في الشفاء هي مهمته بالدرجة الأولى. لذلك، من المفروض بالجهات المختصة الاهتمام بهم أكثر، وتكريمهم اعترافًا بما يقومون به من خدمة للإنسانية.

ولا بد لي من توجيه كلمة شكر للطاقم الطبي الذي قام بمعالجتي في المستشفى، وإلى كافة الأصدقاء والزملاء الإعلاميين ورجال السياسة وشخصيات أخرى، الذين اتصلوا بي من داخل البلاد وخارجها للاطمئنان عن صحتي.

وعن قصد، تركت الحديث عن اتصالين مميزين في نهاية المقال على اعتبار أن (ختامها مسك). ففي الأيام الأولى من إقامتي في المستشفى، كنت في تفكير عميق بحالتي وأفكاري تأخذني أحيانًا إلى حتمية النهاية وأحيانًا أخرى إلى الأمل بالنهوض مجددًا لأني كنت أؤمن ولا أزال أومن بأن رحمة الله أقوى من كل شيء، والآية الكريمة تقول: “ادعوني أستجب لكم”.

الاتصال المميز الأول تلقيته من فضيلة الشيخ رائد صلاح، والحقيقة التي يجب قولها إن حديث شيخ الأقصى معي لعب دورًا كبيرا في رفع معنوياتي وتقوية إرادتي في مواجهة كورونا، وقد شعرت بارتياح تام لهذه المكالمة من الناحية النفسية. إن مكالمة شيخ الأقصى تركت في داخلي تأثيرًا كبيرًا يصعب وصفه.

أمّا الاتصال المميز الثاني، فقد كان من فضيلة الشيخ كمال خطيب، الذي سارع للاطمئنان عني، وتمنى لي الشفاء العاجل، وكم كنت سعيدًا باتصال فضيلته لأن كلماته كانت معبرة جدًا لما تحمله من دعم معنوي ووجدت طريقها إلى قلبي الذي يكنّ لفضيلته كل محبة وتقدير. فشكرًا جزيلًا للشيخين الفاضلين اللذين ورغم انشغالهما كثيرا بقضايا شعبنا والتزاماتهما المتعددة الجوانب، قاما بالاتصال بي للاطمئنان على صحتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى