موقف مصر السيسي من القدس وحماس
علاء الريماوي
حاول البعض المقرب من أنظمة الحكم العربي، التهرب من سماع تسجيلات الضابط المصري في توجيهه للإعلاميين في قضية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للمؤسسة الاسرائيلية.
محاولة إغفال الأمر والابتعاد عن سماع التسجيلات، تأتي في سياق التهرب من الإقرار بالجريمة المقترفة ضد مصر والأمة حين خرج بعض من انتسبوا للوطنية والقومية مهللين للانقلاب الذي جاء بالسيسي رئيسا لمصر بالدعم والتمهيد، والتخطيط، والترتيب المشترك مع الاحتلال الاسرائيلي.
نزعة الكراهية “للإسلامين” من البعض في الأمة، قوضت فرصة نهوض في حالة العرب، لن يكررها الزمن كثيرا وهنا أشير للإفرازات التي كانت قد تنتج عن الربيع العربي.
هذه المقدمة كان لا بد منها لتصحيح مسار في عقول انحرفت وقد تبحث عن تصويب برغم إدراكي أن نزعة الكراهية غالبة حتى لو كان التحالف مع الشيطان نفسه.
لنعود لتسريبات الضابط الممثل لتوجه النظام السيسي حول القدس والأنظمة و حماس، ليتبين منها جملة من المتغيرات أهمها:
أولا: التحول البنيوي للدولة المصرية من دولة التابع إلى دولة الأداة الرخيصة في الحرب على القضية الفلسطينية.
ثانيا: حجم التفصيل الذي عليه الأنظمة العربية في الدور المتآمر على قضايا الأمة ومنها القدس.
ثالثا: الارتباط الوثيق بين الأنظمة والكيان في الحرب على الأمة والمقاومة العربية وعلى رأسها حماس.
رابعا: الجهوزية التي عليها الأنطمة العربية في حرب ذاتها وقتل قواها بالتحالف مع الاستعمار في الأرض العربية.
خامسا: العلاقة الوثيقة بين بنية الدول العربية والاحتلال خاصة نظام السيسي ما يؤهله ليكون أحد أذرع الاحتلال الطويلة في الأرض العربية.
سادسا: استعداد مصر السيسي لتسوية في الملف الفلسطيني تتجاوز القدس والضفة الغربية، لقبول دولة أقل من غزة والضفة.
سابعا: تماهي العرب مع مخططات خطيرة تجاه بنية العالم الإسلامي الأمر المشاهد في سوريا وقطر، والعراق وليبيا واليمن وفلسطين.
ثامنا: الحرب على حماس باتت من صميم عمل الأنطمة الرسمية العربية وخاصة المصري منها.
تاسعا: حماس باتت مطلوبة الرأس من قبل المنظومة العربية، وتداخلات داعش، وبعض التصرفات هنا وهناك تفصيل في صورة المخطط الإجمالي.
عاشرا: موقف مصر من المصالحة يعبر عن رؤية متكاملة في سياق خنق غزة وضرب بنية حماس فيها.
هذه النقاط تعد بعضا مما يمكن استنتاجه من مكالمة الاستخدام للإعلام المصري في المعركة على الأمة في ملف القدس، لذلك فقد يأتي البعض ليقلل من التسريب وليضعه في سياق اجتهادات عسكري.
للرد على هذا الاستنتاج، فقط يمكن متابعة الإعلام المصري والسعودي والاماراتي ليجد المتابع البسيط، أن النسق العام في الخطاب والتحرير يعبر عن وحدة في المضمون، بل تجد وحدة في مفردات الاستخدام بين المسؤول والإعلام ومخرجات القمم لوزراء الخارجية العرب، التي تناولت القدس.
في العام 2018 باتت الحرب على الأمة واضحة الأركان: المؤسسة الاسرائيلية، الولايات المتحدة، بعض من أوروبا ثم دولة العرب وكيل التنفيذ من خلال أنظمتها.
هذا الواقع يجعل الخيارات أمام الأمة ضيقة، لكن في ذات الوقت يجعلها أمام مهمة التغيير الواجب، كون الاستمرار يعني الهلاك.
أما على الصعيد الفلسطيني: فالرسالة موجهة للطيف الفلسطيني بكليته، ماذا أنتم فاعلون؟ ما هي وجهتكم؟ ما هي رؤيتكم؟ بقاء الرأس في الرمل يعني الهلاك في ظل خيانة مرتبطة بمشروع زاحف لفنائكم.
أختم مقالي بتعليق الإعلام الاسرائيلي على التسريبات، إذ أحصيت بعضا منها لكن كان الأهم ما تحدثت به القناة الثانية قائلة: “سلوك النظام العربي كان معروفا، كون مصر والسعودية والإمارات والأردن، كانت تعرف ما سيكون وبعضها مطلع على أكبر مما هو كائن، ترتيبات المنطقة لن تسمح لهذه الأنظمة بالوقوف على تفصيل صغير في القدس كما قال وزير خارجية البحرين”.