“إعدام الأسرى”.. تصعيد إسرائيلي خطير بـ “لباس القانون”
صادق الكنيست الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي، بالقراءة الأولى على قانون عقوبة الإعدام لمنفذي العمليات الفدائية التي أدت إلى مقتل مستوطنين وجنود، في حين حذر حقوقيون وخبراء قانونيون ومؤسسات حقوقية ودولية من المصادقة النهائية على القانون.
ويرى حقوقيون أن إقرار القانون بقراءته الأولى، يمثل إساءة لمكانة الأسرى القانونية، ضمن حملة اسرائيلية تشن على الأسرى، تهدف إلى تشويه نضالاتهم، وترسيخ وترويج الرواية الإسرائيلية للرأي العام العالمي بـ “أن الأسرى قتلى لا يستحقون الحياة”.
وطالب هؤلاء خلال ورشة عمل لدراسة آثار “قانون إعدام الأسرى”، نظمتها مؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى، بضرورة التحرك السياسي والحقوقي لوقف إقرار القانون، والعمل على عدم المساس بحقوق الأسرى المشروعة.
وأوضح الحقوقيون أن القانون جائر وظالم وعنصري يعكس العقلية الإجرامية التي تتسم بها حكومة الاحتلال.
“الهدف وقف المقاومة”
الباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، مسؤول قسم الدراسات والأبحاث بهيئة شؤون الأسرى، أكد أن “إسرائيل” تحاول من خلال القانون ترسيخ روايتها الباطلة، ووقف مسيرة الكفاح الوطني.
وقال فروانة: “تندرج أعمال الأسرى في إطار المقاومة المشروعة، وأن عملياتهم تندرج في سياق مقاومة العدو، وعلينا التحرك بما يعزز مكانة الأسرى القانونية والحفاظ على نضالهم”، مشدداً أن “القانون الإسرائيلي هو مساس بالمكانة القانونية لمشروعية النضال الفلسطيني”.
وأضاف: “مخطئ من يعتقد أن المستهدف هو الأسير، بل الشعب الفلسطيني ومسيرة كفاحه هو الهدف، وعلينا أن نأخذ الأمور على محمل الجد، وحتى لو لم يطبق القانون، يجب أن نجرد آثاره وأبعاده القانونية والسياسية والأمنية الخطيرة”.
ونبه إلى أن بداية عام 2018 بإقرار قانون “إعدام الأسرى” دليل على وجود مؤشرات خطيرة على قضية الأسرى، مطالباً المستوى السياسي أن يتحرك بشكل ضاغط، وأن يوفر الحماية للأسرى وللمواطنين المدنيين الذين يطلق عليهم النار بشكل متعمد.
أبعاد سياسية
أحمد المدلل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أكد أن “إقرار القانون الإسرائيلي يأتي ضمن المؤامرات التي تحاك على مسمع ومرأى العالم كله، ضد الشعب الفلسطيني، كالقرارت الأمريكية بشأن القدس، وقانوني الكنيست بضم الضفة الغربية، وإعدام الأسرى”.
وقال المدلل: “ليس غريباً أن يصدر القانون الإجرامي عن حكومة أسستها عصابات القتل والتهجير والدمار، ومن الطبيعي أن يصدر من حكومة نتنياهو المتطرفة، لتؤكد الوجه الإجرامي لهذا العدو الصهيوني، الذي لا يفهم لغة الاتفاقيات والمواثيق الدولية”.
وأضاف: “كل هذه القرارات والقوانين، لا يمكن أن تؤثر على الشعب الفلسطيني المستمر في مقاومته”، مشدداً أن العدو لا يفهم لغة الاتفاقيات بل يحتاج إلى حالة ردع جدية ضد هذه القرارات.
وتابع: “إذا أقر القانون بقراءته الثالثة، فإن حكومة نتنياهو تكون في حالة إرباك وفشل ذريع، وفي هذه الحالة تكون المقاومة مطالبة بأن تكرس حالة الاشتباكات مع العدو الاسرائيلي، وأن تضع خططا عسكرية من أجل العمل على أسر جنود صهاينة حتى نستطيع ردع هذا الإجرام ضد شعبنا”.
ودعا القيادي السلطة الفلسطينية إلى تحمل مسؤولياتها، وممارسة صلاحياتها كدولة مراقب في الأمم المتحدة، وتفعيل القرارات لدى محكمة الجنايات الدولية، حتى يتم تقديم قادة العدو للمحاكم الدولية.
وطالب المدلل السلطة بوقف التنسيق الأمني والاتصالات مع العدو الاسرائيلي، قائلاً: “هذا السلوك أضر بالمقاومة الفلسطينية، ونطالب بإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية لأنها تستطيع صناعة ردع كبير لهذه الجرائم، وتصعيد الشعب الفلسطيني لانتفاضة القدس”.
وناشد المدلل الدول العربية بقطع العلاقات مع أمريكا، ووقف حالة الهرولة في التطبيع مع العدو الصهيوني، الذي يعطيه شرعية في استمرار جرائمه ضد الشعب الفلسطيني. وفق قوله.
سر التوقيت؟
بدوره، بين راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن حكومة الاحتلال تطبق عقوبة الإعدام، عملاً وقانوناً، ضد الفلسطينيين، مشيراً إلى أنهم اختاروا هذا التوقيت بصلف وبوقاحة، وغطرسة القوة.
وأوضح الصوراني أن تشريع هذا القانون في هذا الوقت، يدل على أنه لم يهتم الاحتلال لأي شيء سياسي أو واقعي أو قانوني، لا من قريب أو بعيد، منبهاً أن “إسرائيل” لا تبحث عن التفوق الأخلاقي، وهي في مستنقع وحل، وفق قوله.
وأكد أن ممارسات الاحتلال واضحة لا تقبل الالتباس أو اللبس، وأن سجل الاحتلال زاخر بالإعدامات الميدانية المقصودة وغيرها من الإعدامات سواء بالإهمال الطبي أو الميداني.
وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان له، أن تلك المشاريع المكررة ليست إلا محاولة لإضفاء الشرعية لحالة قائمة، وهي سياسة الاغتيالات والتصفية الميدانية والتي تنفذ بأوامر مباشرة من أعلى سلطات اتخاذ القرار في جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة.
وحذ المركز من خطورة شرعنة القتل الإسرائيلي، لأنه سيفتح المجال لمزيد من جرائم القتل، بل سيجعل منها استعراضاً بحجة تحقيق ما سماه مشروع القانون “الردع”.
وفي بيان سابق للاتحاد الأوروبي، أعرب عن إدانته لمصادقة برلمان الاحتلال “كنيست” على “قانون الإعدام” بحق فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات ضد أهداف للاحتلال، واصفاً الخطوة بأنها “تتعارض مع الكرامة الإنسانية”.