المسجد الفاروقي في بيسان… شاهد على سياسة المس بحرية العبادة
يوسف كنانة
(تحافظ الدولة على المساواة التامة في الحقوق، اجتماعيا وسياسيا، بين جميع رعاياها دون التمييز من ناحية الدين والعرق والجنس، وتؤمّن حرية العبادة والضمير واللغة والتربية والتعليم والثقافة، وتحافظ على الأماكن المقدسة لكل الديانات). هذا النص ذُكر في وثيقة الاستقلال لدولة إسرائيل، فالناظر المتأمل والباحث في تاريخ سياسة دولة اسرائيل اتجاه المواطنين العرب، سيجد دونما عناء أنّ هذا الكلام، مجرد حبر على ورق، فسياسة الدولة وعلى مدى 73 عاما، تميزت بالمسّ والاعتداء على الأماكن الإسلامية المقدسة، حيث أنها طالت مئات المساجد والمقابر، خاصة تلك التي تقع في القرى والمدن العربية التي تمّ تهجيرها عنوة في حرب النكبة عام 1948.
فالمسجد الفاروقي في مدينة بيسان الفلسطينية (التي سقطت يوم الثاني عشر من أيار سنة 1948 والتي تقع عند نقطة التقاء مرج بن عامر وسهل غور الاردن، على الطريق الموصلة بين القدس وطبرية، والتي فتحها القائدان شرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص)، هو أحد المساجد الفلسطينية التي ذاقت ويلات التدنيس والاعتداءات المُمنهجة، فقامت سلطة الآثار الإسرائيلية بجعله مخزنا، ثم كمأوى للمرضى المعاقين، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، ففي سنة 2004 تعرض المسجد الفاروقي للحرق، ما أدّى إلى انهيار سقفه، فمئذنة مسجد الاربعين أو الفاروقي الشامخة في عنان السماء- وهي مربعة الشكل والتي بنيت على طراز المآذن الأموية، تشهد على هوية المكان والسكان، فالمسجد مكون من جزأين، الجزء الشرقي، وهو عبارة عن بيت الصلاة، يتمّ الدخول إليه من الواجهة الشمالية عبر مدخل مستطيل الشكل، يكتنفه من اليسار نافذتان مستطيلتا الشكل، ومن اليمين نافذة أخرى مستطيلة، ومحرابه مجوف يتوسط الواجهة الجنوبية، كما يوجد في الواجهة الشرقية من المسجد ثلاث نوافذ مستطيلة. ويعتبر المسجد من أقدم المساجد التي بنيت في فلسطين، فيعود تاريخه إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، لذلك سمي بالفاروقي.
فهنا نستدل أنّ الانتهاك الصارخ بحق المسجد، يترجم سياسة دولة تزعم أنها ديموقراطية، والتي تتجسد بمصادرة حقوق المسلمين بإقامة شعائرهم الدينية، الأمر المناهض لحقوق الإنسان وحريته في العبادة.