أخبار عاجلةمقالاتومضات

وايزمان اليهودي وبلفور البريطاني وراء ضياع فلسطين

الإعلامي أحمد حازم

الدولة الضحية اسمها فلسطين، والدولة المستعمرة اسمها المملكة المتحدة التي يطلقون عليها أيضًا اسم بريطانيا العظمى. وزير خارجية هذه الدولة كان اسمه آرثر بلفور في العام 1917. وفي العام نفسه وبالتحديد في الثاني من شهر نوفمبر/تشرين ثاني، بعث بلفور برسالة إلى المصرفي البريطاني البارون روتشيلد أحد زعماء اليهود في بريطانيا، أدّت إلى قيام إسرائيل. فماذا جاء في الرسالة ولماذا كتبها بلفور؟

الرسالة وكما اتفق على تسميتها هي وعد من بلفور، قطعه على نفسه لإقامة وطن لليهود في فلسطين، حيث طلب فيها بلفور من روتشليد إبلاغ زعماء الحركة الصهيونية في المملكة المتحدة وايرلندا بتعاطف الحكومة البريطانية مع مساعي الحركة الصهيونية، الأمر الذي نجم عنه بعد واحد وثلاثين عامًا أي في العام 1948 إقامة إسرائيل.

أمّا بالنسبة للأسباب التي دفعت بريطانيا إلى إصدار هذا الوعد، فهناك أكثر من تفسير لذلك، أهمها أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الاولى لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك، لدفع الولايات المتحدة للاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا.

ويقول التاريخ، “إن رسالة بلفور جاءت تتويجًا لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا، وإن موضوع مصير الاراضي الفلسطينية كان قيد البحث في دوائر الحكم في بريطانيا بعد دخولها الحرب العالمية الاولى مباشرة. وجرى أول لقاء بين حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية لاحقا، مع بلفور عام 1904 وتناول موضوع إقامة وطن لليهود في فلسطين.

مائة وأربعة سنوات مرّت على ذكرى وعد بلفور، و73 عاما مرّت على النكبة الفلسطينية، صحيح أن الفلسطينيين الكبار في السن انتقلوا إلى جوار ربهم، لكن الأحفاد لم ينسوا تاريخ وجغرافية وطنهم كما كان يأمل قادة الصهاينة. جيل يسلم الرسالة والأمانة إلى الجيل الذي يليه، أجيال مرّت وكلها كانت تحافظ على عهد الوفاء لفلسطين، وكلها درست عن بلفور وخداعه وعن بريطانيا ومؤامراتها. أجيال فلسطينية عاشت الألم والحرمان والحروب والقتل والتشريد والتهويد والاستيطان؛ هذه الأجيال عرفت أن بريطانيا ارتكبت أكبر خطيئة في القرن التاسع عشر بحق الفلسطينيين لأنها شردت شعبًا من وطنه ومنحته لمغتصبين صهاينة.

الكاتب البريطاني نيكولا بيروجيني، أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة أدنبرة وزميل ما بعد الدكتوراه في الدراسات الإيطالية ودراسات الشرق الأوسط في مركز كوغت للعلوم الإنسانية في جامعة براون الأميركية، يقول في كتابه “حق الإنسان في الهيمنة”: “بصفتنا جامعات بريطانية تتبنى رسميًا وعلنيًا أجندة إنهاء الاستعمار وتحاول إنهاء استعمار المناهج والأماكن الأكاديمية، كيف يمكننا إنهاء استعمار روايتنا التاريخية عندما يتعلق الأمر بالظلم الذي تعرض له الفلسطينيون نتيجة وعد بلفور”.

ويتساءل الكاتب: “لماذا لا نعترف علنًا بأن بلفور، الرجل الذي تمّ تعيينه لتعزيز السمعة الأكاديمية البريطانية العالمية لمدة أربعة عقود كان أيضًا فاعلًا سياسيًا وفكريًا رئيسيًا في إنتاج نظام إمبراطوري عنصري طرد العديد من الشعوب؟ ماذا ستكون الآثار المترتبة على مثل هذا الاعتراف؟”.

ويضيف: “وبما أن قضية فلسطين لا تزال حية كقضية استعمارية لا تزال تولد العنف، فكيف يمكننا أن نساهم بإجراءات مؤسسية ملموسة في إنهاء استعمار فلسطين وإصلاح تورط جامعة إدنبرة بمشروع استيطاني استعماري مستمر لحرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير واجتثاثهم من أرضهم؟”.

إذا كان البريطاني نيكولا بيروجيني قد أنّبه ضميره ولم يسكت ويطالب بلده بتصليح الوضع المؤلم والمأساوي الذي لحق بالفلسطينيين نتيجة وعد بلفور، فلماذا لا تتحرك السلطة الفلسطينية قضائيًا لجر بريطانيا إلى القضاء لمحاكمتها على ما فعلت يدا وزير خارجيتها آرثر بلفور في العام 1917؟

بلفور ارتكب باسم بريطانيا جريمة بحق شعب فلسطين، ولا بد من أن يكون ثمنًا لهذه الجريمة التي هي وصمة عار على جبين بريطانيا. والمطلوب عدم التقاعس والإهمال والتسويف لهذه المسألة المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى