لن ننسى ولن نغفر..
البروفيسور إبراهيم أبو جابر
أقدمت فرقة من حرس الحدود الإسرائيلي قبل 65 عاما وبالتحديد في 29/10/1956 على ارتكاب مجزرة رهيبة في حق سكان كفر قاسم، راح ضحيّتها 49 شهيدًا (نحسبهم كذلك عند الله) رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً.
إنّ ارتكاب هؤلاء المجرمين لهذه المجزرة الجبانة ضد هؤلاء الأبرياء، الذين كان جلّهم من العمّال العائدين الى بيوتهم بعد يوم عمل طويل، لا لجرم فعلوه وإنما لشيء واحد هو تجذّرهم في أرضهم ووطنهم.
تأتي المجزرة إذن في سياق إكمال المشروع الصهيوني، الرامي الى تفريغ الأرض من أهلها الأصليين، تمشيا مع مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، ثم استكمالا لمشروع سلب ونهب أراضي الفلسطينيين منهم، وصولاً إلى ترحيل ورحيل أصحاب الأرض الأصليين منها لتهويدها.
صحيح أنّ وقع الحدث كان جسيمًا، وصدى المجزرة كان مؤثّرا في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، إلا أن الفرصة قد فُوّتت على قادة المؤسسة الإسرائيلية، ولم يحقّق مخطط المجزرة أهدافه، بل زادت المجزرة سكان كفر قاسم إصراراً على التجذّر والبقاء في أراضيهم ووطنهم، جنبا الى جنب مع باقي أبناء الداخل الفلسطيني وجماهيرنا الفلسطينية الأخرى.
إنّ الشعب الفلسطيني وهو يستذكر مجزرة كفر قاسم هذه الأيام، لهو أكثر إصراراً على مواصلة مسيرة مشروعه الوطني، رغم كل العراقيل والمؤامرات وما أكثرها، التي جعلته غريباً في الإقليم، فمشاريع التطبيع مع المؤسسة الإسرائيلية من دول عربية بالجملة، وتنكُّر بعضٍ من أبناء جلدتنا لحقوق شعبنا الشرعية والتاريخية والدينية حاضرة، وممارسات الاحتلال الفاشية ليل نهار في ازدياد.
سيبقى الفلسطينيون متمسكين بحقوقهم الشرعية، رغم تخلّي البعض عن ثوابت معيّنة من ثوابت شعبنا الدينية والوطنية، وارتفاع وتيرة الانزلاق في أحضان المؤسسة الإسرائيلية، مقابل تحقيق بعض القضايا المطلبية، أو الفتات، في مخالفة وطنية واضحة ضد الإجماع الوطني الفلسطيني، حتى وإن حاول هؤلاء تبرير ما يعملون بسرد قواعد شرعية مشهورة لا تنطبق على واقعنا الفلسطيني.
إنّ المطلوب، ونحن نستذكر مجزرة كفر قاسم، نشر الرواية الفلسطينية، والتمسك بثوابتنا الدينية والوطنية، والبراءة ممّن يتاجرون بذلك، لا بل المطلوب أيضا منا، رفض كل مشاريع المساومة على أي ثابت من هذه الثوابت، وزيادة وعي شعبنا وجماهيرنا بأننا أصحاب حق شرعي، وهذا يستدعي الإصرار على البقاء في هذه الأرض وإفشال كل المؤامرات.