معدل القتلى السنوي يساوي عددهم في عشرين عاما
توفيق محمد
أمّا الحقائق والأرقام: فإنها تتحدث بذاتها وتقول منذ العام 1980 وحتى العام 2000 فَقَدَ أهلنا في الداخل 81 ضحية نتيجة أعمال عنف أي بمعدل 4 ضحايا في العام، وهي نسبة تتوافق مع كل المجتمعات البشرية، بل إنها تقل عن هذه المجتمعات، ومنذ العام 2000 عام هبة القدس والأقصى وحتى العام الحالي 2021 فقد مجتمعنا 1613 ضحية نتيجة العنف والجريمة أي بمعدل 81 ضحية في السنة وهو عدد القتلى خلال عشرين عاما (1980-2000).
الاستنتاج: تواطؤ الشرطة مع الجريمة وأربابها، ومخطط سلطوي لتفتيت النسيج المجتمعي وإلهاء شعبنا بأمنه الشخصي عن أي شيء آخر، خاصة بعد انتصاره للمسجد الأقصى في هبة القدس والاقصى عام 2000.
المطروح سلطويا: إنشاء وحدة سيف لمكافحة الجريمة، الاستعانة بجهاز المخابرات (الشاباك)، إدخال وحدة مستعربين بين أوساط شعبنا وأهلنا، السماح للشرطة بتفتيش البيوت دون إلزامها بالحصول على إذن قضائي مسبق، الاستعانة بوحدات من حرس الحدود.
وما دام المطروح هو هذا الذي ذكرنا أعلاه، فإنه ليس أقل من إعادة الحكم العسكري بحجة مكافحة العنف والجريمة.
توصيف الحالة: مما ذكر أعلاه فإننا نكاد نجزم بأن العنف والجريمة هي صناعة إسرائيلية، تم هندستها بدقة ليقوم العربي بقتل العربي عبر تيسير أدوات القتل (السلاح) والتغاضي بل والتواطؤ مع منفذيه، فالسلاح في سواده الأعظم من معسكرات الجيش الإسرائيلي والذخيرة كذلك، وما دامت هذه الذخيرة تؤدي الهدف الذي من أجله اشترتها أو صنعتها الدولة فلا بأس أن يُسرق من مخازن الجيش وبكميات رهيبة تصل الى 90 ألف رصاصة وهي كمية بحاجة إلى شاحنات، أما الجريمة (والجريمة هي القتل والسرقة والخاوة والحرق …) فإن فاعلها عربي محمي من جهاز المخابرات كما قال أحد كبار قادة الشرطة وما الحلول “المُصَنَّعة”! في الكنيست، المطروحة أعلاه، إلا لتضعنا بين خيارات ثلاث:
1- أن يبقى مجتمعنا يئن تحت وطأة الجريمة وعصاباتها.
2- أن يُدفع للمطالبة بالمطروح سلطويا وهو أن يطالب بإعادة الحكم العسكري عليه وبإدخال المخابرات من أوسع الأبواب، بل وفتح الباب أمام أبنائنا للوقوع في هذا الوحل بدعوى مكافحة العنف والجريمة.
3- الوقوع في الأسرلة المطلقة والذوبان والتماهي مع الواقع الإسرائيلي بدعوى دفع الضرر واستجلاب المصلحة لهذا الجزء من شعبنا الذي يعيش في الداخل دون مجمل قضايا شعبنا وأمتنا المصيرية أي الانقطاع عن الامتداد الفلسطيني والعربي والإسلامي والتعويل على “الإسرائيلية” فلا يعود الأقصى محورا في حياتنا، يُقتحم يوميا وتُقر صلاة اليهود فيه وتنبش مقبرة الشهداء (المقبرة اليوسفية) ويُقتل الأبرياء من أبناء شعبنا وربما تُقصف غزة، ويُتآمر على الشيخ جراح وسائر الاحياء المقدسية، ويبقى كل ذلك شأنا فلسطينيا لا علاقة لنا به، ساعتئذ تتغلب الإسرائيلية على الفلسطينية والعروبية والإسلامية وتُغدق الأموال وتُفتح الخطط للتطبيق.
لا أعتقد أن الشرطة عاجزة عن مكافحة العنف والجريمة أبدا، بل إن لديها من الإمكانات والوسائل الكثير التي يمكنها أن تتغلب على كل عصابات الجريمة، وبإمكانها فعل ذلك منذ اللحظة التي يتوقف فيها السياسيون عن بيعنا الوهم، تماما عندما يقرر أصحاب النفوذ وملاك القرار فعل ذلك فإن بإمكان الشرطة خلال مدة قصيرة جدا أن تقضي على العنف ومظاهره، لأن ما ينقص الشرطة ليس الوسائل والأدوات إنما ما ينقصها قرار حقيقي وليس تصريحات إعلامية وزارية، وما ينقصها فعلا قرار بان تتوقف أن تكون صانعة للجريمة بتواطئها مع أربابها وغض الطرف عنهم، لان المسؤول المتواطئ شريك في الجريمة وليس أقل من المنفذ.
نعتقد أن الدولة وأجهزتها المختلفة هي من دفعت بمجتمعنا إلى هذه الهاوية التي يتواجد فيها الآن لإبعاده عن همه الأكبر وإشغاله بأمنه الشخصي وهمّه الشخصي، معتبرة أن من فقد أمنه الشخصي فلن يهتم بأمنه الوطني ولا بهمه الوطني، لكن هبة الكرامة التي شهدها الداخل خلال وبعد رمضان الفائت، أثبتت عكس هذه النظرية، حيث انتصر الجيل الشاب الذي أُريد إغراقه بالعنف والجريمة، للمسجد الأقصى عندما اعتُدي عليه وعلى المصلين داخله يوم الثامن والعشرين من رمضان، وهتف الشباب للأقصى ودفاعا عن الأقصى، ثم دفاعا عن القدس والشيخ جراح وباب العمود، وهكذا فإن المخطط الذي نجح لا شك في صناعة عصابات الجريمة ومد الحبل لها على الغارب دون حسيب أو رقيب، فشل في إغراق السواد الأعظم والأغلبية الساحقة من شبابنا في هذا العالم وتغييبه عن همه الأكبر وقضاياه الوطنية الكبرى.