أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

ذاكرة الروحة وهبّتها والانتصار… الدكتور سليمان أحمد والمهندس محمد هاني يدليان لـ “المدينة” بشهادتيهما على هبّة الروحة

طه اغبارية

حلّت يوم الاثنين الأخير، الذكرى الـ 23 لأحداث هبة الروحة في مدينة أم الفحم ومنطقة وادي عارة، والتي أسفرت عن انتصار الأهالي في تحرير آلاف الدونمات من أرض الروحة من السيطرة العسكرية الإسرائيلية (اتفاقية الروحة) بالرغم من مئات الجرحى والمعتقلين على أيدي قوات الاجتياح الإسرائيلية.

 

تسلسل الأحداث

نصب أهالي مدينة أم الفحم وقرى وادي عارة، خيمة اعتصام على أرض الروحة، وكان ذلك بمبادرة بلدية أم الفحم ورئيسها آنذاك الشيخ رائد صلاح واللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة. أقيمت الخيمة احتجاجا على قرار الجيش الإسرائيلي إغلاق المناطق 105,107,109 في الروحة، عسكريًا ومنع وصول أصحابها إليها لفلاحتها أو مجرد دخولها.

استمر الاعتصام فترة طويلة، وتقاطرت وفود المتضامين من مختلف البلدات العربية إلى الخيمة.

في تاريخ 27/9/1998 (يوم أحد) قام المئات من قوات حرس الحدود، والقوات الخاصة، والشرطة الإسرائيلية بفض المعتصمين في خيمة الاعتصام والاعتداء عليهم بالضرب والغاز المسيل للدموع وتحطيم الخيمة، كذلك تم الاعتداء على آلاف المحتجين في مدخل قرية معاوية وعلى مدخل مدينة أم الفحم وداخل حرم المدرسة الثانوية الشاملة-أم الفحم. وقد أُصيب جرّاء الاعتداء الذي استمر لمدة 4 أيّام أكثر من 680 متظاهر/ة من الطلاب والشباب والشابات، بجراح متفاوتة بين الخطيرة والمتوسطة والطفيفة وهناك من فقدوا عيونهم جراء البلطجة الشرطية الإسرائيلية. وقد تبيّن فيما بعد كما يشهد أهالي أم الفحم أن الشرطة الإسرائيلية كانت قد دخلت قبل اسبوعين من الاعتداء على المدرسة الثانوية، وفحصت معابر المدرسة وساحاتها وجدرانها ومداخلها للتخطيط للاعتداء.

كما أصيب في اعتداءات الشرطة على الأهالي كل من الشيخ رائد صلاح رئيس بلدية أم الفحم، والدكتور سليمان أحمد القائم بأعمال رئيس البلدية حينها، وجرى نقلهما إلى المستشفى للعلاج.

بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية في مدينة أم الفحم وقرى وادي عارة تم الاجتماع بين اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة وبلدية أم الفحم وبين مندوبين من الحكومة الإسرائيلية حينها والتي كان على رأسها إيهود باراك الذي قتلت شرطته بعد ذلك بعامين فقط 13 شابا من أبناء شعبنا في هبة القدس والأقصى.

بعد مفاوضات استمرت نحو عامين بين اللجنة الشعبية للدفاع عن الروحة والجهات الحكومية جرى التوصل إلى اتفاق مشرف حققه النضال الشعبي والعمل المهني، حيث جرى تحرير الآلاف من الدونمات من أرض الروحة.

 

شهادة الدكتور سليمان أحمد

شغل الدكتور سليمان أحمد اغبارية منصب القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم، في الفترة التي اندلعت فيها هبة الروحة عام 1998، كما كان عضوا في لجنة المفاوضات المنبثقة عن اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة.

يقول في حديثه لـ “المدينة”: “بعد أن جرى اقتحام خيمة الاعتصام وعلمنا بذلك توجهت وأخي الشيخ رائد صلاح وأخوة آخرين إلى منطقة الخيمة، علما أننا في اللجنة الشعبية تناوبنا على التواجد في الخيمة ليلا ونهارا، ثم في ظل بطش الشرطة والوحدات الخاصة بالمعتصمين في الخيمة وقعت مواجهات بين الأهالي والقوات الأمنية الإسرائيلية، وقد تعرض الشيخ رائد وأنا لإصابات جراء الرصاص المطاطي والاعتداء علينا من قبل الشرطة كما أصيب العشرات من الأهالي ممن حاولوا ضد الشرطة”.

الدكتور سليمان أحمد اغبارية
الدكتور سليمان أحمد اغبارية

وأضاف: “رغم بطشهم لكن الموقف كان مهيبا حين كنت تشاهد الآلاف من أهلنا من أم الفحم وكافة البلدات في منطقة وادي عارة يمتدون بحشودهم ومواجهتهم لبطش القوات الإسرائيلية من مدخل أم الفحم حتى قرية معاوية، كانت والحمد لله وقفة مشرفة من الجميع ولكل مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني وعالمنا العربي والإسلامي، حتى وكالات الأنباء الكبرى مثل الـ “سي إن إن” نقلت الأحداث، وكل هذا يضاف طبعا إلى ما أنجزه اتفاق الروحة بتحرير آلاف الدونمات من أرض الروحة وكف يد الجيش الإسرائيلي عنها”.

يعتقد الدكتور سليمان أحمد أن أحداث هبة الروحة أسست لما بعدها من وعي وطني لدى الجيل الشبان، وكانت دافعا لاندلاع هبة القدس والأقصى التي تقدم المواجهات فيها بأم الفحم الجيل الشاب الذي عايش وحشية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حين اقتحمت قواتها المدرسة الثانوية الشاملة في أم الفحم خلال هبة الروحة.

ورأى أن ما تجلى في تلك المرحلة كان الاصطفاف الوحدوي من قبل الناس والقوى السياسية كافة، وتابع: “لذلك نوصي أبنائنا من الجيل الشاب بالوحدة والتمسك بالثوابت وعدم التنازل وأن يكونوا على قلب رجل واحد في مواجهة كل التحديات التي تفرضها علينا المؤسسة الإسرائيلية”.

وختم الدكتور سليمان شهادته على أحداث الروحة بالقول: “مهم جدا أن نعي أهمية النضال الشعبي في تحقيق الانتصارات والمنجزات، وهذا ما تحقق بعد هبة الروحة من خلال اتفاقية الروحة التي أذعنت فيها السلطات لمطالبنا، كذلك من الأهمية بمكان أن تتجلى الوحدة بين الجميع على هدف واحد فضلا عن قيادة عمل مهني وبرامج عملية في مواجهة الجهات الرسمية، وهذا والحمد لله قد تحقق من خلال اللجنة الشعبية للدفاع عن الروحة ولجنة المفاوضات التي أدارات الملف مقابل الجهات الرسمية. كذلك تميزت تلك الهبة بتقدم أهلنا من كبار السن للصفوف منهم من توفاهم الله رحمهم الله كذلك كنت ترى الأطفال يتحركون بحماسة منقطة النظير من أجل الهدف الواحد وحماية أرضنا وجذورنا”.

 

شهادة المهندس محمد هاني طميش

المهندس محمد هاني طميش، أحد قيادات هبة الروحة وعضو اللجنة الشعبية للدفاع عن أرضها، وعضو لجنة المفاوضات مع الجهات الرسمية، يروي في شهادته لـ “المدينة”: “قبيل الاجتياح بساعات كنت متواجدا في الخيمة ضمن الأخوة الذين تناوبوا عليها فترة الليل، ووصلني فجر ذلك اليوم خبر نقل أخي المرحوم عاطف للمستشفى، تركت الخيمة وذهبت للمستشفى وفي ساعات الصباح وصلني خبر الاجتياح الإسرائيلي للخيمة، غادرت مستشفى العفولة وعدت إلى الخيمة. في الطريق إلى الخيمة كان المئات من قوات الشرطة والوحدات الخاصة في المكان ولا تغيب عن ذاكرتي صورة الأخ المرحوم محمد يوسف محمود كيوان، وكان يحاول الوصول إلى الخيمة حين انقض عليه أكثر من 10 أفراد من الشرطة وقاموا بالاعتداء عليه بصورة وحشية ولكنه واجههم جميعا بكل صمود ودون أن يصدر عنه أي صوت لألم رغم وحشية الاعتداء”.

المهندس محمد هاني طميش
المهندس محمد هاني طميش

وأضاف طميش: “بعد يوم من فض الخيمة بصورة وحشية كان الآلاف من أهلنا يتظاهرون على مدخل مدينة أم الفحم وتحاصرهم قوات إسرائيلية مدججة. طلب منا في اللجنة الشعبية الحضور إلى اجتماع مع ممثلين عن الحكومة الإسرائيلية، أرادوا أن يعقدوا الاجتماع في مركز شرطة عارة، رفضنا ذلك وكان الاجتماع في بناية مجلس كفر قرع بحضور رئيس المجلس حينها المحامي حسن عثامنة، وحضر الاجتماع من طرف اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة: الشيخ رائد صلاح (حضر الجلسة الأولى من المفاوضات ثم ناب عنه بعد ذلك الدكتور سليمان أحمد)، وأنا محمد هاني طميش، والمهندس سليمان فحماوي والمحامي توفيق سعيد والمهندس يوسف محاميد والأخ توفيق الترك. في حين كان في الاجتماع من قبل الحكومة نحو 9 أشخاص وطلب أحدهم من الشيخ رائد الاجتماع به على انفراد، فسأله الشيخ رائد من انت، فأجاب: أنا ممثل عن وزارة الدفاع، فسأله الشيخ رائد ولماذا تريد الاجتماع بي على انفراد؟ فأجاب: لأن مسؤول ورئيس بلدية، فقال الشيخ رائد لنا: قوموا يا إخواننا نروح نقعد مع الآلاف المتواجدين في الشارع، ورفض الشيخ أن ينفرد به ممثل وزارة الدفاع وأصر أن يشمل الاجتماع كل أعضاء اللجنة والتي تحولت لاحقا إلى لجنة مفاوضات، وهذا ما كان، وكان أول مطلب لنا في هذا الاجتماع هو تجميد كل التدريبات العسكرية في منطقة الروحة خلال فترة التفاوض، إن أرادوا فعلا تهدئة الشارع، وهذا ما كان فعلا”.

وأضاف: “المفاوضات استمرت أكثر من عامين وانجزنا فيها اتفاقية الروحة، ولكن خلال المفاوضات انجزنا أمورا فورية منها: إلغاء معسكري التدريب في منطقة عين إبراهيم ومنطقة كفر قرع، ثم لاحقا وعبر الاتفاقية جرى تحرير أكثر من 12 ألف دونم من الأراضي التي كانت خاضعة للسيطرة العسكرية وضمها إلى مناطق نفوذ بلدية أم الفحم وباقي السلطات المحلية في منطقة وادي عارة”.

يؤكد المهندس محمد هاني طميش أن “الوحدة بين كل أهلنا في أم الفحم والمنطقة كانت السبب الرئيس في تحقيق الانتصار، وهذا درس علينا جميعا أن نستفيد منه، وإلى جانب الوحدة مهم الاستفادة من كافة الطاقات والكفاءات وهذا ما عملت عليه اللجنة الشعبية حيث تجند المحامون والمهندسون من أم الفحم والمنطقة من أجل أن نخرج بأفضل اتفاق لمصلحة أهلنا يحافظ على أرضنا”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى