مساجد في الداخل الفلسطيني…صروح تشهد على تاريخ الأرض
يوسف فوزي كنانه
تشير الوثائق التاريخية الموثوقة المعتمدة، أنه في تاريخ 21 تشرين الأول من سنة 1948 سقطت عاصمة النقب، مدينة بئر السبع في أيدي قوات الهجانا الصهيونية، ومن ثم غدت المدينة رقعة جغرافية تسيطر عليها الدولة العبرية. تلك الدولة التي كانت قد ذكرت في وثيقة استقلالها (أن الدولة تحافظ على الأماكن المقدسة لكل الديانات، وتكون مخلصة لميثاق الأمم المتحدة)، ولكن على أرض الواقع ما كان ذلك إلا حبرا على ورق، فإذا أمعنّا النظر في سياسة إسرائيل اتجاه المساجد والمعالم الدينية الاسلامية داخل الخط الأخضر، فقد كانت النتيجة الحتمية هي، سياسة ممنهجة لطمس المعالم وتحويلها إما إلى متاحف أو نواد وحتى مخازن وزرائب، أو من خلال منع ترميمها وصيانتها بغية أن تصبح أثرًا بعد عين. ففي عام 1950 شكّلت حكومة إسرائيل الأولى التي قادها آنذاك زعيم حزب المباي، دافيد بن غوريون، لجنة لإحصاء الأماكن الإسلامية المقدسة، وخرجت بتوصيات لإعداد قائمة بأسماء الأماكن التي إن تضررت ستقود إلى ضرر سياسي على إسرائيل، لذلك امتنعت “إسرائيل” عن هدم هذه المساجد التي كانت قد فرضت عليهم صمودها وبقاءها، رغم أن روادها منعوا من إعمارها عنوة، حيث أصبحوا بين عشية وضحاها في عداد اللاجئين خارج موطنهم، بل ومن دعته نفسه وحنينه بالرجوع الى قريته المهجرة فقد اعتبر كمتسلل.
في هذا المقال نسلّط الضوء على مصير وواقع هذه الصروح الدينية الاسلامية، ونعرض ونبين ما لاقته وتلاقيه من تدنيس واهمال ممنهج.
فمسجد مدينة بئر السبع حوّلته بلدية بئر السبع إلى متحف ومن ثم ناد ليلي، ومن ثم معرض رسومات. أمّا مسجد قرية يازور فقد تمّ تحويله إلى كنيس يدعى “شعاري تسيون”.
نفس المصير، كان في انتظار مسجد العفولة في منطقة مرج بن عامر، إذ تمّ تحويله إلى كنيس، وكذلك الأمر حدث مع مسجد أبو هريرة في قرية يبنه المهجرة، وتحول لكنيس جمليئيل. الجامع الابيض في الرملة، وهو إرث معماري من الفترة الأموية، حُول إلى مركز سياحي حمل اسم البرج الأبيض، أمّا جامع الصواوين أحد أقدم مساجد صفد العريقة، فقد تم هدمه ولم يبق منه إلا المئذنة. وفي طبريا يتلألأ مسجد الظاهر عمر الزيداني فقد تم إغلاقه ومنع الصلاة فيه، وكذلك جامع الجسر في طبريا، والذي يقع في الحارة الجنوبية، على ساحل البحيرة، تم انتهاك حرمته وتحويله إلى متحف.
ومن ضمن مساجد فلسطين التي تم تدنيسها هو مسجد قرية سلمى قضاء يافا، فقد تم في بداية الأمر تحويله إلى نزل للشباب ومن ثم تم إغلاقه.
وفي قرية الطيرة المهجرة قضاء حيفا، وبعد ان بسطت إسرائيل سيطرتها على القرية وطردت أهلها منها، استقدمت مستوطنين يهود من المغرب ليحلوا مكان العرب الاصلانيين، فقد حُول مسجد القرية إلى كنيس. وفي قرية اللجون المهجرة المحاذية لمدينة أم الفحم، فإن المسجد هناك حول في البداية لورشة نجارة، ومن ثم تم إغلاقه. أمّا المسجد الصغير في مدينة حيفا الساحلية، فأبت دولة إسرائيل إلا أن تغلقه في وجه المصلين، ونفس ذلك المصير، لقيه مسجد عين كارم في القدس. مسجد قرية حطين قضاء طبريا، يعاني هو الآخر من الإغلاق ومنع إقامة الصلوات فيه. مسجد الغابسية ومسجد الكويكات وعمقا كلها تتعرض لسياسة الاغلاق ومنع الترميم. أما مسجدي عين حوض قضاء حيفا، ومسجد عسقلان قضاء غزة، فقد حولا إلى مطاعم، وما يلاقيه مسجد قرية المالحة قضاء القدس من تدنيس ليس أقل وطأة، فقد حول إلى قاعة أفراح صغيرة، ومسجد قرية النبي روبين تم تحويله الى مقام وكنيس.