حوار مع القره داغي حول علاقة “الاتحاد” مع طالبان
موقف الاتحاد من حركة طالبان مبني على ميثاقه ورسالته
علاقتنا بالحركة جيدة منذ بدء مفاوضات الدوحة
قدمنا ثلاثة مشاريع للحركة تشمل عدة جوانب سياسية واقتصادية وتعليمية
وافقت طالبان على التعامل والتعاون معنا لتنفيذ المشاريع التي طرحناها عليهم
نصحنا الحركة بالأخذ بالثوابت مع الاجتهادات والتجديد والمتغيرات
أكد لنا وفد الحركة رفضها للإرهاب بجميع أشكاله
التقت “عربي21” بالأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي، وحاورته حول علاقة الاتحاد بحركة طالبان، ونتائج الزيارة الأخيرة لوفد الحركة لمقر الاتحاد في الدوحة ولقائهم رئيس الاتحاد وأمينه العام.
وأشار القره داغي إلى أن “علاقة الاتحاد بالحركة جيدة منذ بدء مفاوضات الدوحة، وأن الاتحاد طرح على الحركة ثلاثة مشاريع تشمل الجانب السياسي متضمنا مسألة الحكم الرشيد، وأيضا مشروعا يشمل الجانب الاقتصادي وكذلك مشروعا يشمل الجانب التعليمي”.
وأوضح بأنه “سيكون هناك لقاءات مستقبلية وعقد ندوات فيما بيننا وبينهم حول مسألة الحكم الرشيد وغيرها من القضايا التي تهم الطرفين”.
وفي ما يلي نص المقابلة كاملة:
ما هو موقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من حركة طالبان؟
موقفنا من حركة طالبان ينطلق من ميثاق الاتحاد ورسالته، حيث ينص الميثاق ويدل على شمول الاتحاد لجميع علماء المسلمين ما داموا ملتزمين بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، وبما أن علماء حركة طالبان لا يخرجون عن هذا الإطار فهم من علماء المسلمين، وحتى لو كان لنا أو لأي جهة ملاحظات على بعض التوجهات إلا أنهم يدخلون ضمن هذا الإطار، ومن هذا المنطلق نحن في الاتحاد نولي العناية بهم، ونسعد بتقديم كل ما يمكننا.
وأما الجانب الآخر، فهو أن هذه الحركة تدعو إلى تطبيق الإسلام والشريعة الإسلامية، وهذا التطبيق يحتاج في نظرنا إلى أن يكون قائما على الثوابت والمتغيرات.
ومن هنا فالاتحاد يحترم هذه الحركة ويحاول أن يتعاون معها لأجل إعطاء وإظهار صورة حقيقية عن الإسلام والمسلمين، لأنه بالنتيجة الناس لا يقولون هذه طالبان أو غيرها وإنما يقولون هذا هو الإسلام.
ولهذا نحن نولي كل عنايتنا بهذه الحركة لأجل مساعدتها ونصحها، وكذلك التعاون معها لتحقيق الشريعة الإسلامية بالصورة التي يريدها الله وهي العدل والرحمة “إن الله يأمر بالعدل والإحسان”.
إذن هل يمكن وصف علاقتكم بالحركة بالجيدة؟
نعم علاقتنا بهم جيدة وبخاصة منذ بدء المفاوضات في الدوحة، حيث كان لنا بهم علاقة تواصل وتشاور وتفاهم، قائم على مبدأ إبداء النصح والتناصح من الطرفين.
ما هي نتائج هذا اللقاء، وما طبيعة العلاقة المستقبلية بينكم؟
بالتأكيد هذه الزيارة لم تأتِ من فراغ، فهي جاءت بعد سلسلة من اللقاءات السابقة خلال مشاركة الحركة بالمفاوضات في الدوحة، والتي أعقبها إصدار الاتحاد بيانا مفصلا لهذه اللقاءات كذلك كان هناك كلمة لرئيس الاتحاد ومقابلة لأمينه العام، كما أرسل الاتحاد رسالة تهنئة بمناسبة تعيين رئيس الوزراء بالوكالة، وتم الرد علينا برد مفصل من رئيس الوزراء، وجاء المكتب السياسي للحركة الموجود في الدوحة، لزيارتنا لتقديم الشكر إلى الاتحاد وللتشاور والتناصح حول بعض القضايا.
ومن نتائج هذا اللقاء الذي استمر لمدة ثلاث ساعات، أننا قدمنا لوفد الحركة الذي التقينا به يوم السبت ثلاثة مشاريع، وأخبرناهم أنه يمكن أن يكون هناك دور للاتحاد في خدمة هذه المشاريع وخدمة الشعب الأفغاني كذلك.
ويتعلق المشروع الأول بالجانب الاقتصادي بكل تفاصيله التي تتضمن السياسات الاقتصادية والنقدية وكذلك التنمية الشاملة والبرامج والمشاريع وغيرها من الأمور المتعلقة بالجانب الاقتصادي.
وأما المشروع الثاني فيتعلق بالتعليم وتطويره وهذا المشروع عملنا عليه في الاتحاد منذ فترة.
بينما المشروع الثالث ينص على أن نتشاور فيما بيننا عبر عقد ندوات معهم حول قضية الحكم الرشيد.
أيضا ناقشنا عدة قضايا وجوانب خلال اللقاء، ولكن هذه المشاريع الثلاثة هي أحد أهم ما تحدثنا به خلال لقائنا بوفد الحركة.
هل وافقت حركة طالبان على العمل معكم بهذه المشاريع؟
نعم، حيث كان هذا الأمر أهم نتيجة للقائنا بهم، حيث وافقت الحركة على التعاون والتعامل معنا، وبالطبع ليس بالضرورة أن يأخذوا كل ما عندنا وبالتأكيد نحن لا نطالبهم بذلك أبدأ، لكنهم أبدوا استعدادا كافيا وكاملا للتعاون، حتى في مسألة قضية المرأة، حيث أخبرونا بأنهم ليسوا ضد المرأة وأنهم سيسمحون للنساء بالتعليم والعمل، بالمقابل نحن أبدينا وجهة نظرنا الإسلامية الواسعة في هذا المجال.
كذلك أبدوا رغبة بالتعاون في هذه المشاريع الثلاثة، وبالتأكيد سيعرض الوفد النتائج على قيادة الحركة، وكلنا أمل أن تتم الموافقة على هذه المشاريع ونحوها مما يخدم الفكر الإسلامي الصحيح ويخدم التعايش السلمي ويخدم جميع مكونات الشعب الأفغاني، وبخاصة أن من ضمن الأمور التي طرحناها قضية الحكم الرشيد بأن يكون شاملا لجميع مكونات الشعب الأفغاني بدون استثناء سواء من الناحية العرقية أو الجنسية أي الرجل والمرأة، وهم أبدوا استعدادا للاستماع والتشاور فيما بيننا وبينهم حول هذه الأمور.
ما رأي الاتحاد برفض الحركة تعيين وزير شيعي، وماذا بشأن المرأة والأقليات خاصة الشيعة؟
بحسب فهمنا ونقاشنا معهم هم لم يرفضوا مسألة التعيين، ولكن ليس بالضرورة أن يبدأوا بتعيين وزير شيعي فورا، بمعنى على سبيل المثال النظام الحالي في إيران يحكم منذ عام 1979، وإلى الآن لا يوجد وزير سني واحد، ولم يتكلم أحد عن ذلك.
وعلى العموم قال لنا الوفد بأنه لا مانع للحركة فيما يتعلق بهذا الأمر، وقالوا لنا بأن “أقلية الهزارة الشيعية جزء منا، وكانوا قد رحبوا بنا ورحبنا بهم وليس لدينا مشكلة معهم أبدا”، بالتالي ما فهمناه منهم أنهم لا يريدون الطائفية أو اللجوء إليها.
ما رأيكم أنتم كاتحاد في هذه المسألة؟
رأينا أنه سواء في إيران أو أفغانستان يجب أن يكون هناك مشاركة حقيقية من جميع مكونات الشعب ومنهم إخوتنا الشيعة، وكذلك المرأة، لأنهن أعلم بشؤونهن منا، ورسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام كان لنا قدوة في هذا الأمر حيث كان يستمع لرأي المرأة، ومثال على ذلك أخذه برأي أم سلمة في صلح الحديبية، ورأينا واضح وهو أن للمرأة الحق بالوزارات وفي جميع الأعمال ولكن بالتأكيد ضمن الضوابط الشرعية.
بماذا توصون الحركة فيما يتعلق بالمرأة والأقليات في الجوانب الأخرى غير جانب المشاركة السياسية؟
نحن نوصي الحركة بالأخذ بالثوابت الإسلامية القطعية وهذا الأمر لا جدال فيه، وأما القضايا الاجتهادية، في نظرنا فيجب على الحركة أن تأخذ بما هو الأصلح والأنفع والأوفق مع العالم، لأننا اليوم لا نستطيع عزل أنفسنا، وأفغانستان جزء من العالم الذي أصبح بمثابة قرية، فكيف نعزل أنفسنا.
أيضا توجد مشتركات بيننا وبين الشرق والغرب، ولا يعارضها الإسلام، ويجب أن نأخذ بها، ومنها حقوق الإنسان والحرية وتوزيع السلطات الذي يسمى بـ”الفصل بين السلطات” الموجود في النظام الديمقراطي، وسواء اسمه ديمقراطي أو شورى ولكن هذه الأمور موجودة لدينا في الإسلام وهي جزء أساسي من النظام الإنساني، والإسلام لم يأت لهدم كل شيء وإنما جاء ليتمم، حيث قال النبي عليه السلام: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ولم يقل لأبدأ بمكارم الأخلاق، ومعنى ذلك أنها موجودة ولكن الإسلام أتى ليتممها ويجملها ويحسنها.
ما هي توصيات الاتحاد للحركة فيما يخص تعليم المرأة؟
تكلمنا بصورة موجزة في هذا المجال، ولنا لقاءات أخرى مقبلة، أيضا كان لي لقاء مع بعض المسؤولين منهم وتحدثنا خلاله في هذه المسألة بالتفصيل.
ما هي نصيحتكم للحركة حتى لا يتكرر لها ما حدث عام 2001؟
الدين نصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وبالتالي ننصحهم بالخطوات التالية، أولا تشكيل حكومة شاملة تغطي جميع مكونات الشعب، وأن يتم اختيار من هم الأصلح، كما قال سيدنا يوسف: “اجعلني على خزائنِ الأرضِ إنّي حَفيظٌ عليم”.
بمعنى أن الاختيار يتم بناء على الإخلاص والاختصاص، حيث لا يكفي أحدهما وحده بل يجب أن يجتمعا سوية، بالتالي يجب أن تكون الحكومة مخلصة ومتخصصة وشاملة.
النصيحة الثانية أن تأخذ الحركة بالثوابت الإسلامية والمتغيرات والاجتهادات الجديدة والمعاصرة في مجال الحكم الرشيد والفصل بين السلطات وحقوق المرأة والإنسان.
وفي الحقيقة معظم البنود في حقوق الإنسان إسلامية، بل حتى كلمة سيدنا عمر بن الخطاب “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” هي المادة الثانية من قانون حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي أقر عام 1948، وبالتالي حقوق الإنسان وكرامته أمران مهمان جدا.
وأما النصيحة الثالثة، فنصحناهم بأن تبعد الحركة عن نفسها شبهة التطرف وشبهة التعاون مع المنظمات الإرهابية، ومن فضل الله الآن ليس هناك توافق بينها وبين تنظيم الدولة، حيث قام الأخير بتفجيرات خطيرة في أفغانستان بعد وصول الحركة للحكم، ولو كان مع الحركة لما حصلت هذه التفجيرات، أيضا قلنا إن هذا دليل على أن هذا التنظيم هو منظمة مخابراتية إقليمية ودولية، وإلا كيف تحارب أفغانستان وهي تريد تطبيق شرع الله.
أيضا نريد من الحركة توفير الأمن الاقتصادي والأمن السياسي وأيضا الاجتماعي، وأن تكون العلاقة مع جيران أفغانستان والعالم والأمم المتحدة علاقة تعاونية وذلك لتحقيق الخير للشعب الأفغاني وبالمقابل أيضا لحماية الأمن والسلم الدوليين.
بماذا نصحتم وفد الحركة فيما يخص تنظيم الدولة والقاعدة وغيرها؟
بحسب ما قالوا لنا هم يرفضون الإرهاب بكل ما تعني الكلمة، وبالتالي حسب فهمنا لا يمكن أن تتفق الحركة مع المنظمات الإرهابية بإذن الله، وهذا ما نأمله ونتوقعه وهذا ما سمعناه منهم.
(المصدر: عربي 21)