أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

حي الشيخ جراح القدس… موقع جغرافي استراتيجي يقع في خطر التهويد

يوسف فوزي كنانه

(إن أقدامنا كانت تقف على أبوابك يا قدس، يا قدس التي بقيت موحدة) هذا من أهم ركائز وأهداف الحركة الصهيونية، الذين عملوا جاهدين بتطبيق النظرية وتحقيق حلمهم الدفين على أرض الواقع، ضاربين بعرض الحائط ومتناسين ومتجاهلين أن أهل العرب، هم أصحاب الأرض والمكان الأصليين.

ففي عام النكبة عام 1948، استطاعت الحركة الصهيونية أن تحقق نصف ذلك المشروع، عندما تمكنت عصابات (الهجانا) من احتلال القسم الغربي لمدينة القدس، لكن ثلثي أراضي المدينة والتي تتمثل بالبلدة القديمة، ظلت بيد العرب وذلك وفقا لاتفاقية هدنة رودوس التي وقعت بين المملكة الأردنية وإسرائيل.

ثم جاءت حرب حزيران 1967 أو ما تعرف بالنكسة العربية، والتي أسفرت عن سقوط كل أجزاء المدينة المقدسة تحت براثن دولة إسرائيل. ففي يوم التاسع من ذات الشهر أزيلت الحواجز التي كانت تفصل بين شطري المدينة، وصدر بنفس اليوم مرسوم بحل المجلس البلدي الغربي لمدينة القدس، وبدأت السلطات الإسرائيلية ممارسة سياسة الامر الواقع والتحكم بمصير المدينة وسكانها العرب والعمل بتهويدها ومحو المعالم العربية، ديموغرافيا، وذلك بواسطة سنّ القوانين التي تشرعها الكنيست الإسرائيلية والتي تعتبر كأداة جهنمية توظف لشرعنة الاحتلال، والقضاء على التراث العربي الإسلامي وحتى المسيحي وتدمير المقدسات وتهجير السكان وإقامة الاحياء اليهودية على انقاض الاحياء العربية.

وأحد هذه الاحياء العربية التي تعمل حكومات إسرائيل المتعاقبة على تهويدها ومحو معالمها العربية والإسلامية، وطرد أهلها العرب منها واستجلاب مستوطنين يهود ليسكنوا بيوتها، هو حي الشيخ جراح، الذي يقع على بعد كم واحد شمالي البلدة القديمة على الطريق المؤدي ما بين مدينة القدس المحتلة ورام الله، يحد الحي من الشمال، جبل المشارف ومن الشرق حرم الجامعة العبرية، ومن الغرب مستوطنة رمات اشكول. فإذا أمعنا النظر في خريطة المدينة، فإننا سنجد دونما عناء أن هذا الحي العربي الإسلامي (باسمه الذي يعود نسبة الى الشيخ حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراح، طبيب القائد المسلم صلاح الدين الايوبي)، فإنه يتمتع بموقع استراتيجي جعل من حكومات إسرائيل من أن تقود بحقه جريمة الهجمات الاستيطانية وطرد اهله منه. فحي الشيخ جراح يفصل الجامعة العبرية عن المحيط اليهودي، بل ويشكل عائقا للتواصل الجغرافي اليهودي بين غربي القدس وشرقها، فهو يطل على الطريق الرئيسي الذي يربط كتلة E1 الاستيطانية الموجودة شرقي القدس بالجزء الغربي من القدس، كما أنه يمثل مع حي وادي الجوز الحد الشمالي للبلدة القديمة، القلب النابض لمدينة الاسراء والمعراج، كما أن السيطرة على الحي، تمكّن امتداد حزام جغرافي إسرائيلي يمتد من مقر شرطة الحدود الإسرائيلية الى كبانية أم هارون، ثم مستوطنة شمعون هتصديك ومستوطنة فندق الشبرد ومقر الشرطة الإسرائيلية ووزارة الداخلية الإسرائيلية.

وهكذا، فإنه من الممكن أن ندرك من وراء قضية حي الشيخ جراح، أن ما يعرف بحقوق الانسان الطبيعية، كحق المسكن وحق التنقل وحقوق كرامة الانسان وحق الحياة وحماية الجسد وحق التملك وغيرها، لا تساوي حبرا على ورق لدى الاحتلال.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى