قانون العودة الإسرائيلي 1950… الطرد مقابل الاستجلاب والتهجير مقابل الهجرة
يوسف فوزي كنانة
في يوم التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها رقم 181 (قرار التقسيم)، والذي دعا الى تقسيم فلسطين الى دولتين “واحدة يهودية وأخرى للعرب”. ولكن العرب الفلسطينيون رفضوا هذا القرار كونه يعطي لليهود أكثر من 52% من الأراضي التي كان يملكها الفلسطينيون في عهد الانتداب البريطاني. فالفلسطينيون العرب الذين كانوا يملكون 95% من الأراضي، حصلوا فقط على 5،44 بالمئة منها، بينما حصل اليهود على 5،55 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية والتي يبلغ قوامها 27009 كيلو مترات مربعة، رغم أنهم يشكلون 6 بالمئة منها، ولكن بسبب حرب النكبة 1948 وما أعقبها من اتفاقيات الهدنة 1949 في رودوس، مع دول الطوق العربية (سوريا والأردن ولبنان ومصر) وبرعاية الأمم المتحدة، تمكّنت إسرائيل من بسط السيطرة على 78 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية، ليس قبل أن تقوم العصابات الصهيونية بطرد 800 ألف فلسطيني، كانوا يمثلون آنذاك 6،53 بالمئة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ مليون وربع المليون فلسطيني، وتهجير حوالي 419 قرية ومدينة كانوا يسكنونها.
وهكذا تركز معظم اللاجئين الفلسطينيين 85%، في مناطق خارج الخط الأخضر، أي في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين اضطر 20 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا بين ليلة وضحاها، بيوتهم وأملاكهم، وغدوا في غياهب اللجوء، في الدول العربية الشقيقة، كسوريا والأردن والعراق ولبنان ومصر، بينما توجّه العديد من الفلسطينيين إلى أوروبا وأمريكا، وكذلك نحو دول الخليج العربي.
في المقابل، فقد بقي حوالي 151 ألف عربي في أراضيهم، يسكنون قراهم ومدنهم، داخل الخط الأخضر، وقد تركزوا في مناطق: الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة كحيفا ويافا واللد والرملة وآخرين في غربي مدينة القدس.
فبالرغم أنّ الغلبة الإسرائيلية اليهودية في الشق المتعلق بالأرض، فإن صناع القرار في الحركة الصهيونية وقيادة دولة إسرائيل، قد أولوا موضوع الديموغرافيا، اهتماما خاصا، لا يقل أهمية عن الأرض، واتفقوا على أن الخطر الديموغرافي يهدد دولة إسرائيل ويهدد يهودية الدولة، لأجل ذلك، سارعت حكومة إسرائيل الأولى، والتي قادها آنذاك حزب (المباي) بزعامة دافيد بن غيريون، إلى سنّ وتشريع قانون أساس الكنيست في عام 1950 وقد عرف هذا القانون (حق العودة لليهود 1950) واعتبره بن غيريون، أحد أهم القوانين التي سيعرفها الكنيست أو السلطة التشريعية الإسرائيلية، إذ يتم تأسيس دولة إسرائيل اليهودية بواسطة استجلاب عامة اليهود إلى البلاد. وأعلن بن غيريون، أن إسرائيل ليست دولة يهودية لان اليهود يشكلون الأكثرية فيها فقط، بل هي دولة اليهود حيثما وجدوا، ودولة كل يهودي يرغب في الإقامة فيها، وبغض النظر عن جنسيتهم أو الشعوب والأمم التي ينتمون إليها، وبغض النظر عن عدم وجود أية علاقة أو صلة بينهم وبين أرض فلسطين، وحتى انه لا تستطيع الدولة ومؤسساتها منع أي يهودي من القدوم الى إسرائيل، بل يجب على مؤسسات الدولة العبرية، أن تمنح كل قادم يهودي جنسية إسرائيلية في اللحظة التي يهاجر فيها الى أرض فلسطين. والقانون يشمل أبناء وبنات أبنائهم وأحفاد اليهود أيضا.
إذا أمعنا النظر والبحث، فإن الكنيست الإسرائيلية، تعمدت عدم تشريع أي قانون أو أي بند يمنح ويضمن عودة الفلسطينيين، أصحاب الأرض والمكان الأصليين الى أراضيهم، وإن كانوا يتسلحون ويملكون “الكواشين” وأوراق الطابو والوثائق التي تشهد على ملكيتهم للأرض والمسكن.
إجمالا، فإن هذا القانون يجسد استراتيجية الطرد مقابل الاستجلاب والتهجير مقابل الهجرة.