قانون استملاك الأراضي 1953… وسيلة تم بها تغيير الواقع على الأرض
يوسف فوزي كنانه
وضعت حرب النكبة أوزارها، بعد توقيع اتفاقيات (هدنة رودوس) بين دول الطوق العربية: مصر، سوريا، الأردن ولبنان. وأشرفت على ذلك الأمم المتحدة، وقد تشرّد الشعب الفلسطيني في غياهب اللجوء والمخيمات.
يمكننا القول، إنه خلال الفترة التي تلت الحرب، تمّ التوسّع الاستيطاني بواسطة سنّ سلسلة من القوانين- يقدر عددها 33 قانونا- يكمل بعضها البعض الآخر بشكل يتيح للحكومة الصهيونية أن تبسط سيطرتها على أراضي الفلسطينيين الذين اضطروا وأُكرهوا عنوة على تركها، هربا بأنفسهم وأهليهم للنجاة من ويلات الحرب، ومن المجازر وخطط التهجير القسري التي كانت قد انتهجتها العصابات الصهيونية، ولم يقتصر الامر على ذلك، بل كذلك تعمّدت وعملت المؤسسة الإسرائيلية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الذين آثروا البقاء في أراضيهم داخل الخط الأخضر.
فإذا أمعنّا النّظر وتعمقنا في البحث ودراسة هذه القوانين الإسرائيلية الجائرة، والتي اتخذت من ديموقراطية الكنيست المزيفة شرعية لها، فإننا سنجد حتمًا أن عددا من هذه القوانين كانت قد ورثتها إسرائيل من زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، بغية تسهيل عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية العربية ومصادرتها، ففي هذه المقالة سنلقي الضوء على أبرز هذه القوانين المجحفة، وهو قانون (الأراضي- الاستملاك بهدف المصلحة العامة لسنة 1953(، وهو قانون قد أقرّته الكنيست، يوم الرابع من نيسان سنة 1953 وقد نص القانون على ما يلي:
1. تعريف مصطلح الملكية، وتعني الأرض والملكية المكتسبة والمقصود بها تلك الملكية التي هي بحوزة هيئة التطوير التي أنشئت بموجب قانون الملكية لعام 1950.
2. يتم تحديد تاريخ الاستملاك أو الاستحواذ على الأراضي والأملاك الفلسطينية داخل الخط الأخضر، في ذلك اليوم الذي آلت فيه الملكية إلى هيئة التطوير.
3. تمّ تعريف مصطلح المالكين فيما يتعلق بالملكية المكتسبة تعني الأشخاص الذين كانوا قبل تاريخ الاستحواذ مباشرة ملاكا لمثل هذه الملكية، أي لهم حق او مصلحة فيها. ويشمل ذلك من يخلفهم قانونا، وان الملكية التي يشهد بها الوزير المختص بموجب شهادة تصدر عنه هي ما يلي:
أ. الأرض التي لم تكن في يوم الأول من نيسان سنة 1952 بحوزة مالكيها.
ب. الأرض التي استخدمت أو كانت معدّة بغية أهداف التطوير الضرورية، أو تلك المعدّة لتحقيق هدف الاستيطان أو أمر خلال الفترة الواقعة بين الرابع عشر من أيار 1948 والسادس من اذار 1952.
ونصّ القانون أيضا، أن الملكية التي تمّ مصادرتها من أصحابها العرب الفلسطينيين، والتي تنتقل إلى ما تسمى هيئة التطوير ويسجّل باسمها ويتم المصادقة عليها في قسم تسجيل الأراضي، وكما تطرق قانون الاستملاك هذا الى مسالة تعويض الفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين والذين تمّ سلب أراضيهم منهم عنوة ودون حق، فمثلا إذا كانت الملكية المكتسبة أرضا زراعية، وكانت هذه الأرض بمثابة مصدر الرزق الرئيسي لمعيشة مالكها، ولا يملك أرضًا غيرها تشكل المصدر لمعيشته، عندئذ من الممكن أن يتم تعويضه بقطعة أرض بديلة، تعويضا كليا أو جزئيا، استملاكا أو استئجارا، شرط مصادقة اللجنة المعينة من قبل الوزير المختص بذلك. وتنص بنود هذا القانون الجائر، أن عملية التعويضات بشتى اشكالها وطرق دفعها تعفي هيئة التطوير من المسؤولية القانونية فيما يخص الطريقة التي تم بموجبها استخدام مثل هذا التعويض أو إساءة استخدامه بعد ذلك.
إذًا، يمكن التلخيص في أن قانون الاستملاك هذا، صيغ ليكون أداة جهنمية لمصادرة الأراضي العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر، بهدف تغيير الواقع على الأرض الفلسطينية، ومن أجل إضفاء الشرعية والمصادقة على نهب وسلب الأراضي العربية وإقامة البلدات والقرى التعاونية (يشوف).