أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

الأردن.. تخوفات من “التوقيف الإداري” بحق معتقلي الحراك

تواصل السلطات الأردنية توقيف أكثر من 200 مواطن، على خلفية احتجاجات عمّت المملكة عقب فاجعة مستشفى السلط التي وقعت في 13 آذار/ مارس الجاري، ونتج عنها تسع وفيات جراء نفاد الأوكسجين.

وتطورت الاحتجاجات التي بدأت أمام مستشفى السلط الحكومي لتشمل باقي المحافظات، ولتتحول من الدعوة إلى محاسبة المتسببين بفاجعة السلط، إلى المطالبة بتغيير نهج الحكم، وتشكيلات حكومات منتخبة، وصياغة قانون انتخاب عادل، وإيقاف قانون الدفاع والحظر الجزئي الذي فرضته الحكومة بحجة الوقاية من فيروس كورونا، ومحاربة الفساد والفاسدين.

وبلغت الاحتجاجات ذروتها الاثنين الماضي؛ حين قرر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة فض الاعتصامات والوقفات والمسيرات بحجة سريان الحظر الجزئي الذي يبدأ الساعة السابعة مساء، ما نتج عنه اعتقال المئات، والاعتداء من قبل “الدرك الأردني” على المحتجين بالهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع.

محمد، شقيق أحد المعتقلين، قال في تصريح صحفي إن الأجهزة الأمنية اعتقلت شقيقه أثناء مشاركته في مسيرة سلمية بمنطقة حي نزال في العاصمة عمان.

وأضاف بعد أن طلب الاقتصار على ذكر المقطع الأول من اسمه خشية “التضييق” على شقيقه المعتقل: “ذهبت إلى المركز الأمني الذي تم توقيف شقيقي فيه لأول مرة، وحاولت رؤيته، إلا أن أفراد الأمن منعوني وعاملوني بقسوة، ثم طردوني من المركز”.

وأوضح “محمد” أنه “بعد نقل شقيقي إلى المدعي العام الذي قرر توقيفه لمدة أسبوع؛ تقدمت بطلبَي تكفيل، ولكن دون جدوى”.

وتابع: “زرت شقيقي الخميس في سجن ماركا بالعاصمة عمان، وهو في صحة جيدة، إلا أنه يشتكي من حبسه مع مدمني ومهربي المخدرات وأصحاب الأسبقيات والأتاوات”.

وبيّن “محمد” أن المحكمة وجهت لشقيقه “تهمة هو بريء منها، وهي القدح في مقامات عليا (الملك)”، معربا عن مخاوفه من تعرض شقيقه للتوقيف من قبل الحاكم الإداري، بعد الموافقة المفترضة على طلب تكفيله من قبل المحكمة.

التهم الموجهة للمعتقلين

ولا يختلف حال بقية المعتقلين كثيرا عن حالة هذا الشاب المعتقل؛ فقد صرح المحامي علاء الحياري، بأن هيئة الدفاع عن أكثر من 200 معتقل تقدمت بطلب تكفيلهم أكثر من مرة، إلا أن طلباتها قوبلت بالرفض، رغم أن بعضهم يعاني أمراضا مزمنة، وآخرين بحاجة إلى تدخل جراحي لعلاجهم.

وقال الحياري في حديث صحفي إن التهم الموجهة للمعتقلين شملت خرق أوامر الدفاع، والتجمهر غير المشروع، “ووجهت لبعضهم تهمة إلحاق الضرر بالمال العام، أو إضرام الحرائق”.

ولفت إلى أن المعتقلين يشتملون على محامين، ومهندسين، ومعلمين وأساتذة متقاعدين، وطلاب جامعيين، ومتعطلين عن العمل، وعمال مياومة، وموظفي شركات، موضحا أن من بين الموقوفين أشخاصا اعتقلوا رغم أنهم يملكون تصاريح تسمح لهم بالحركة أثناء حظر التجول الذي خرجت خلاله الاحتجاجات.

وبيّن أن المعتقلين تم توقيفهم على حساب القضايا التحقيقية لمدد مختلفة، لافتا إلى أنه ليس من حق المحكمة توقيفهم لأكثر من 30 يوما.

التوقيف الإداري

وأعرب الحياري عن تخوفه في حال وافقت المحكمة على تكفيل المعتقلين؛ من أن يتم تحويلهم إلى الحاكم الإداري، الذي يلجأ عادة إلى إعادة توقيفهم بشكل تعسفي، استناداً لقانون منع الجرائم رقم 7 للعام 1954، والذي يمنح الحكام الإداريين صلاحيات واسعة تتضمن التوقيف.

وأشار إلى أن مدعي عام مدينة مادبا ترك 12 مشتكى عليه من المتظاهرين أحرارا دون توقيف، “إلا أن الحاكم الإداري قرر توقيفهم مرة أخرى إلى إشعار آخر، وتقدمت عائلاتهم بطلبات تكفيل، ولكنها قوبلت بالرفض”.

وأوضح الحياري أن من يُحوَّل إلى الحاكم الإداري فإنه يتعرض لتعسف في إطلاق سراحه بالكفالة، حيث تفرض عليه الكفالة بمبالغ طائلة قد تصل إلى 500 ألف دينار، كما حصل قبل أشهر مع عضو الهيئة المركزية في نقابة المعلمين الدكتور يحيى العسيلي.

وقال إن فرض كفالات بمبالغ كبيرة يستوجب دفع رسوم عالية تصل إلى 700 دينار عن الكفالة التي قدرها 100 ألف دينار، متسائلا: “من أين يملك المعلم أو الموظف العادي أو عامل المياومة هذا المبلغ كي يدفعه؟”.

ووصف الحياري قانون منع الجرائم بـ”الجائر”، مشيرا إلى أنه “يمنح الحاكم الإداري صلاحيات مطلقة، مع عدم وجود أي جهة يمكن للموقوف أن يتظلّم أمامها”.

وبيّن أن القانون المذكور يجيز توقيف الأشخاص الذين يشكلون خطرا حقيقيا على المجتمع، ويكون لديهم سجل إجرامي معروف، وليس الذين يخرجون إلى الشارع للتعبير عن آرائهم في وقفات سلمية.

وقال الحياري إن هذا القانون التعسفي يحرم الأشخاص من حق التظلم، ولا يحدد مددا للتوقيف، ويشكل تعديا سافرا من قبل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية “التي ارتأت أن تدَع شخصا ما حرا طليقا دون توقيف، أو أن تربطه بكفالة عدلية يطلق سراحه على إثرها؛ لتأتي السلطة التنفيذية بعد ذلك وتعتدي على قرار القضاء من خلال إعادة توقيفه مرة أخرى”.

ذكرى 24 آذار

ويربط مراقبون بين الاعتقالات الأخيرة، وبين دعوات لتنظيم وقفات احتجاجية في ذكرى اعتصام 24 آذار 2011 الذي نفذته حراكات شعبية إبان ثورات الربيع العربي، وقمعته القوات الأردنية بقسوة، بالتعاون مع من اشتُهروا إعلاميا آنذاك بـ”البلطجية”.

ورأى الحياري أن الذي يتابع المشهد يتأكد من أن خوف السلطات الأردنية من وقفات 24 آذار دفعها إلى تنفيذ هذا الكم الكبير من الاعتقالات، مشيرا إلى أن الداعين لإحياء هذه الذكرى أكدوا أن وقفاتهم المفترضة ستكون سلمية، وأن الغاية منها المطالبة بأبسط الحقوق التي يمكن أن يتمتع بها مواطن في دولة ديمقراطية.

وأكد أن هذه التخوفات الرسمية لا يمكن أن تشكل مسوغا قانونيا في حال من الأحوال لاعتقال المحتجين السلميين، مشددا على أن “حق التعبير مكفول بموجب الدستور الأردني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وفي المقابل؛ رأى عضو البرلمان الأردني، النائب ضرار الحراسيس، أنه لا علاقة بين الاعتقالات وبين اقتراب ذكرى اعتصام 24 آذار، مؤكدا أن المعتقلين خرجوا إلى الشارع احتجاجا على فاجعة السلط، ونتيجة الوضع الاقتصادي المتردي، وازدياد نسبة المتعطلين عن العمل، ورفضا لرفع الأسعار.

مذكرة نيابية

وقدّم الحراسيس، الأحد، مذكرة لرئيس الوزراء بشر الخصاونة بضرورة الإفراج عن جميع الموقوفين على خلفية الاحتجاجات السلمية التي تبعت فاجعة مستشفى السلط.

وقال في تصريحات صحفية إن أكثر من 50 نائبا وقعوا على المذكرة، متسائلا: “كيف يُعتقل المواطنون الذين خرجوا في هبة شعبية نتيجة فاجعة السلط؛ التي كان أكثر إنسان غاضبا تجاهها هو الملك عبدالله الثاني”.

وحول وجود تخوفات من تحويل المعتقلين إلى التوقيف الإداري؛ أوضح الحراسيس أن هذا الموضوع غير مطروح حاليا، والأولوية لمسألة الإفراج عنهم، مشددا على أن “التوقيف الإداري مرفوض بجميع أشكاله، كونه يشكل تغولا على قرارات السلطة القضائية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى