في بيتنا حافظة… نصائح من والدي حافظة كتاب الله الطفلة تقوى بلال ابو مخ
عائشة حجار
أتمّت الطفلة تقوى بلال سعيد ابو مخ (12 عامًا) من باقة الغربية، حفظ القران الكريم، الاسبوع المنصرم، في جلسة تسميع واحدة نالت فيها علامة 98.6. “المدينة” التقت والدي تقوى لتلقي النصائح حول تربية طفل حافظ لكتاب الله، ووجدت مشروعًا عائليًا قرآنيًا.
الدعم والمساندة
السيدة مريم ابو مخ، والدة تقوى، حدثتنا عن شعورها عندما ختمت تقوى حفظ المصحف فتقول: “لا يوجد كلمات تصف هذا الشعور، هي فرحة من نوع اخر”. اما عن مشوار الحفظ فقالت: “لم يكن الامر بسيطًا طبعًا، كان هناك فترات فيها صعوبة واحتاجت لوقت اطول. احيانًا قد يصل المرء الى لحظة يأس يحتاج فيها الى من يدعمه، وفي هذه اللحظات كانت تجد مدرستها التي دعمتها طوال الوقت، ونحن في البيت كنا نشعر بالأمر أكثر ونحاول مساعدتها في بناء برنامج مناسب لتنهي مهامها، ونحسن نفسيتها”.
كيف تربي حافظة للقران؟
تقول الام: “أولًا برأيي الموضوع أسهل مع البنات منه مع البنين، لكن هناك عدة جوانب يجب الاحاطة بها. فأولا يجب ان يكون الوالدان في نفس الخط، ان يكونا مؤمنين بقدرة ابنهما حتى لو شعر بصعوبة ما، وفي نفس الوقت أن يكونوا واقعيين بمعرفة قدرات ابنهم، فإن كان الجميع يحفظ في زمن الرسول والصحابة فهذا يعني أن الجميع يمكنه الحفظ، الفرق هو تربيتنا بشكل مختلف، فأولوياتنا اليوم مختلفة”.
وتضيف أن “ما ساعد تقوى على اتمام الحفظ بجيل صغير نسبيًا هو ان لديها قدرة عالية على الحفظ. هذا لا يعني أن من لا يملك القدرة لا يستطيع لكنهم قد يحتاجون الى وقت اطول ودراسة أكثر. يجب ان لا ييأسوا في الطريق، فهناك لحظات نشعر فيها أن المشوار طويل، لكنه ينتهي وعندها نرى نتيجة تعبنا”.
كما ثمّنت دور المدرسة: “أعتقد أن إحدى أهم النقاط هي وجود مدرس، فمن الصعب الحفظ دون أن يكون هناك شخص ملازم له، فأنا أعرف أمهات ربوا حفظة لكن المهمة أصعب بكثير. فوجود المدرس مهم وليس فقط للحفظ بل للتربية نفسها. فالأهل يختلفون عن المدرس، فأنا سعيدة بوجود مدرسة ابنتي في حياتها ايضًا من الناحية التربية، فهي تتوجه اليها وتلجا اليها عند الحاجة”. وتضيف عاملًا اخيرًا هامًا هو الدعاء: “أنت تفعل ما عليك لكن أعلم أنك بدون الدعاء لن تصل الى اي شيء، فالدعاء مهم ومن المهم أن يكون طوال الوقت وليس فقط في العمرة أو القدس بل ايضًا خلال كل الوقت”.
خطة واضحة
أمّا والد تقوى، السيد بلال سعيد ابو مخ تحدث الى “المدينة” عن دور الاب في مشوار حفظ القران فيقول: “بداية لا شك أن العلاقة الطيبة بين الازواج تؤثر تأثيرًا طرديًا على الاطفال وهذه اول نقطة، فلا بد من وجود انسجام بين الاب والام واتفاق بينهما على هدف معين. في الحقيقة فقد وضعنا أمامنا هدفًا اننا معنيون ان تكون تقوى حافظة لكتاب الله في جيل تسعة او عشر سنين، اي اننا تأخرنا سنة عن هدفنا. هذا الهدف مشترك لكل العائلة تجاه تقوى. بدأ الامر من تسميع متكرر للقرآن في البيت لنفس السورة، وبهذه الطريقة حفظت تقوى سورة يوسف عندما كانت في الصف الاول أو الثاني”.
ويردف: “من ثم كان لدينا مرحلة ايجادها في جو الايمان والتربية الاسلامية، فوجدنا ضالتنا في مركز الزهراء الذي تناوبنا انا وامها على بعثها الى هذا المركز لتألف ابنتنا الدين والتربية واللباس الشرعي، لأن الاطفال يتأثرون بما يرونه حولهم، ونحن في جو وزمن يؤثر في الاطفال بشكل سلبي، فكان يهمنا ان نوفر لها بيئة صحيحة”.
ويتحدث عن شعوره كأب فيقول: “شعور الأب من شعور الابنة نفسها وسعادة الاب من سعادة الابنة. تقوى تعبت كثيرًا للوصول الى الهدف وسعادتها جزء من سعادتي، فأنا لا أجد كلمات أصف فيها السعادة التي يكون فيها كل أب وأم تحمل ابنتهم في هذا الجيل 600 صفحة غيبا من كلام الله. فنحن نشعر بمسؤولية أكبر تجاه تقوى الان. فالان المهمة أصعب وهي تعاهد القرآن حتى لا يتفلت وتحافظ على ما حفظته. فهذه هي فقط بداية الطريق. اذكر انه كان لي كلام معها وسألتها ماذا الان يا تقوى؟ وكان جوابها انه آن أوان فهمه وتدبره وحفظ أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، فهي الان تنوي حفظ الأحاديث النبوية وتفهم القران والسنة عبر فهم ودراسة اللغة العربية، حتى نصل الى الهدف الأسمى وهو ان تنال العلوم الشرعية التي تؤهلها للاجتهاد، فعدد المجتهدين اليوم في الامة الاسلامية قليل جدًا”.
الدافع
وحول ما جعلهم يبدؤون مشوار الحفظ مع ابنتهم يقول الاب: “لقد لمسنا لدى تقوى القدرة على الحفظ، فكان اولى كلام لتحفظه واولى ما تثبت فيه قدرتها هو كلام الله تعالى. قررنا أن نضع نصب أعيننا أن تحفظ ابنتنا القران الكريم وسرنا في هذا الطريق”.
ويختم بنصيحة للآباء بقوله: “الرسول عليه الصلاة والسلام قال “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فهذه المسؤولية ليست مسؤولية الأم فقط بل ايضًا مسؤولية الاب. فكما أن مسؤوليته تأمين حياة جيدة لأبنائه وعائلته في الدنيا، فهو مسؤول عن توفير حياة هانئة لهم في الآخرة، ولا يمكنه أن يهرب من هذه المسؤولية. فهذه مهمة الاب والخطاب الرباني والشرعي هذا موجه للاب”.
نصيحة من طفلة تحفظ كتاب الله
وفي حديث لـ “المدينة” مع الحافظة تقى، استذكرت أن الطريق لم تكن سهلة دومًا وكان فيها لحظات صعبة. وتوجهت بنصيحة لأبناء سنّها الذين يودون حفظ القران: “أولًا يجب أن نتحلى بالمسؤولية، وأن ينال التشجيع من أهله والاهتمام. وأن يبدأ في الحفظ في جيل صغير حتى يستغل الوقت الذي يملكه. بالإضافة الى ذلك اعتقد أن الاهل لا يجب أن يحضروا لأبنائهم هدايا كبيرة وباهظة الثمن قبل انهائهم للحفظ، لأن هذا يقلل الحماسة والدافع للحفظ”.