تقرير لا يستبعد فشل الانتخابات وحربا أهلية في إسرائيل
رجّح تقرير استراتيجي إمكانية فشل الانتخابات الإسرائيلية في طيّ صفحة الخلافات الداخلية، وتوقّع أن يصب عدم قدرة أي حزب أو تيار على تشكيل حكومة انفرادية، مزيداً من الزيت على نار التوتر الداخلي.
جاء ذلك في ورقة عمل أصدرها الثلاثاء، مركز “الزيتونة للدراسات والاستشارات” بعنوان: “الفوضى السياسية في إسرائيل والتحذيرات من الحرب الأهلية” وهي من إعداد الدكتور عدنان أبو عامر.
وناقشت الورقة أسباب وتداعيات ازدياد حدة الاستقطاب السياسي والحزبي، والانتشار اللافت لمفردات واتهامات في أوساط الزعماء السياسيين، والكتّاب، والمعلقين الإسرائيليين، والتي لم تكن سائدة في سنوات وعقود سابقة. كما حاولت قراءة أهم السيناريوهات المستقبلية المحتملة.
وأشار التقرير إلى أنه ومع بدء العد التنازلي لذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع يوم 23/3/2021، شهدت الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية انتشاراً لمفردات غير معهودة في النقاشات والسجالات السياسية، مثل: الحرب الأهلية، الفوضى، انهيار الدولة، وذلك بالتزامن مع استمرار الأزمة السياسية المستفحلة في دولة الكيان، وعدم وجود بصيص أمل لإيجاد حلّ لها، حتى من خلال الانتخابات المبكرة الرابعة المقررة في آذار/ مارس.
وذكرت الورقة أنه ليس هناك في الأفق ما قد يشير إلى توقف التدهور في هذا الخطاب المتداول، في مرحلة ما بعد الانتخابات، بل إن المعطيات السائدة تحفّز على مزيد من انحدار النقاشات السياسية.
وبحثت الورقة في أهم ما يتداوله الإسرائيليون في نقاشاتهم: ساسة وكتاباً وجمهوراً، ولماذا دخلت هذه المفردات على سجالاتهم، وهل فعلاً تمثّل حقيقة الوضع القائم بينهم، أم أن الأمر يحتمل مبالغة وتضخيماً للمزايدات السياسية بين الأحزاب المتنافسة، وكيف يؤثر ذلك على نظرتهم لكيانهم، ورؤية العالم لهم.
ورأى الدكتور عدنان أبو عامر أن من أهم بواعث الفوضى السياسية في إسرائيل ازدياد الاستقطاب السياسي والتصدعات الحزبية، والذي عبرت عنه الأعداد غير المسبوقة من القوائم الانتخابية المسجلة. بالإضافة لأفول عهد الجنرالات بعدما شهد الكنيست في دوراته الثلاث الأخيرة حضوراً لافتاً للجنرالات الإسرائيليين ممن نجحوا في السياسة، فإن التقديرات الإسرائيلية تتوافق بشأن غيابهم عن الكنيست المقبل.
ورأى الباحث أيضاً في انتشار الفساد سبباً إضافياً للفوضى السياسية، إذ لم يعد الفساد محصوراً في الساحات الحكومية والوزارية، لكنه بات أيضاً في السلطات المحلية والبلديات. خاصة وأن “إسرائيل” حصلت على درجة 60 من أصل مئة في مؤشر الفساد العالمي لسنة 2020 الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية، وهي ليست بعيدة عن الخط الأحمر، وفيما يتعلق ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تظهر صورة أكثر قتامة، إذ احتلت المرتبة الـ25 من بين 37 دولة.
كما أن الباحث عدَّ تفاقم حالة الكراهية الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي أحد مؤشرات الفوضى السياسية، ذلك أن “إسرائيل” تشهد انتشاراً غير مسبوق لما باتوا يصفونه بـ”وباء” الكراهية الداخلية، والنتيجة المتوقعة لما يشهده الإسرائيليون من مظاهر الكراهية والتفسخ الداخلي تتمثل في أنهم باتوا يخشون ذهابهم إلى قاع الهاوية، حيث حذّر بعض الزعماء من الوصول إلى “حرب أهلية”.
ووفق الورقة فقد دفعت مؤشرات الكراهية المتزايدة بين الإسرائيليين إلى صدور تحذيرات من كبار الجنرالات من سيناريوهات قاتمة تحيط بمستقبلهم، في ظلّ ما وصفوه بـ”الفجوات الكبيرة بين مختلف مكوناتها الاجتماعية”، معتبرين ذلك أكثر خطراً من حرب تقليدية قد تشن عليهم، بما في ذلك أخطر السيناريوهات المتوقعة التي قد تهددهم، والقاسم المشترك بينها هو التوقعات الصعبة القاسية على مستقبلهم، وصولاً لما يشبه تهديداً وجودياً ضدهم.
ومن الشواهد التي يستند إليها الإسرائيليون في التحذير مما يعيشونه من أحداث خطيرة، وفق ذات المصدر، استخدامهم لمفردات “الكارثة القادمة” نحو “إسرائيل”، وأنها ستجد نفسها بعد بعض الوقت “على حافة الهاوية”، في ظلّ اتساع الفجوات الاجتماعية بينهم، وما قد تحدثه من “انفجار داخلي كبير”، يدخل “إسرائيل” في حالة من “التيه والهاوية”، على الرغم من تفوقها العسكري والاقتصادي والنوعي، لكن جبهتها الداخلية تشهد “انقسامات وتشققات” لم تعهدها من قبل في تاريخها، وقد باتت تجد نفسها اليوم في “حالة تراجع”.
تستعد 39 قائمة، لخوض الانتخابات العامة الإسرائيلية، في الثالث والعشرين من آذار (مارس) المقبل. وهذه هي الانتخابات “الرابعة”، منذ شهر نيسان (أبريل) 2019، حيث جرت انتخابات في شهر أيلول (سبتمبر) 2019، وفي آذار (مارس) 2020 وأسفرت عن تشكيل الحكومة الحالية في شهر أيار (مايو) الماضي.
ومن أبرز القوائم التي تخوض الانتخابات ويتوقع أن تفوز بها، وفق تقرير للأناضول، “الليكود” برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، و”أزرق أبيض” الوسطي برئاسة وزير الدفاع بيني غانتس، و”أمل جديد” اليميني برئاسة جدعون ساعر، و”يمينا” اليميني برئاسة نفتالي بينيت.
كما تضمنت القائمة “إسرائيل بيتنا” برئاسة أفيغدور ليبرمان، و”شاس” اليميني برئاسة وزير الداخلية أريه درعي، و”يهودوت هتوراه” اليميني برئاسة وزير الصحة السابق يعقوب ليتسمان، و”هناك مستقبل” الوسطي برئاسة يائير لابيد، و”العمل” برئاسة ميراف ميخائيلي، و”ميرتس” اليساري برئاسة نيتسان هوروفيتس.
وتخوض الأحزاب العربية الانتخابات ضمن القائمة المشتركة، التي يترأسها أيمن عودة، وتضم 3 أحزاب وهي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، والتجمع الوطني الديمقراطي، والقائمة العربية الموحدة، التي تخوض الانتخابات منفردة، بقائمة برئاسة منصور عباس.
ومنذ سنوات، تتشكل الحكومة الإسرائيلية من ائتلاف من عدة أحزاب بسبب عدم وجود أحزاب كبيرة تحظى بثقة 61 نائبا من أصل 120 نائبا هو عدد أعضاء الكنيست، وهو العدد المطلوب لتشكيل حكومة.