“مهرجان الأقصى في خطر” ودوره في رفع الوعي (3)
صناعة موقف إسلامي وعروبي وفلسطيني مناصر للقدس والأقصى
صناعة موقف إسلامي وعروبي وفلسطيني مناصر للقدس والأقصى
ساهر غزاوي
نجحت الحركة الإسلامية (المحظورة إسرائيليا من 2015) عبر عقدين متتاليين من خلال مهرجان “الأقصى في خطر”، بصناعة موقف إسلامي وعروبي وفلسطيني يقول (الأقصى في خطر والقدس في خطر)، وأكّدت في رسائل المهرجان بدوراته العشرين أن المسجد الأقصى سيبقى يتعرض للاعتداءات على أركانه تحت الأرض وعلى سائر مبانيه وبواباته وساحاته فوق الأرض، إلى جانب الاعتداءات على كل وفود المصلين والمصليات والمعتكفين والمعتكفات والمرابطين والمرابطات فيه كبارًا وصغارًا، كما وأكّدت أن العلاج الوحيد الجذري لكل هذه الاعتداءات المستمرة على القدس والمسجد الأقصى هو زوال الاحتلال الإسرائيلي.
أثر المهرجان الميداني على صعيد الداخل الفلسطيني
تنبهت الحركة الإسلامية قبل غيرها، وأدركت حقيقة ما يجري حول المسجد الأقصى من خلال رؤيتها وقراءتها للواقع والأحداث، في الوقت الذي كان فيه هناك من يُشكك في شعارها الحقيقي “الأقصى في خطر” الذي رفعته ويعكس الواقع بشكل دقيق ويُكذبه حتى قال من قال يومها إن “الأقصى في خير وليس في خطر”! وعليه فقد حرصت الحركة الإسلامية بوعيها الذي تمتعت به، أن يكون المهرجان عرسًا وطنيًا فلسطينيًا، خاصة أنه الملتقى الذي يحشد عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل وبمشاركة وفود من القدس المحتلة والجولان السوري، إضافة إلى ممثلين عن كافة الأحزاب والطوائف الدينية المسيحية، إلى جانب فقرات خطابية لممثلين عن دول عربية وإسلامية وممثلين عن منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية إلى غير ذلك. فكان المهرجان يتخلله كلمة مركزية للشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية، وأخرى لنائبه الشيخ كمال الخطيب، وكلمات تُخصص لقيادات مقدسية ومن أبرزها، الدكتور عكرمة صبري، مفتي الديار المقدسة سابقًا، ورئيس رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس. وكلمات لشخصيات من الطائفة المسيحية كان أبرزها، كلمة الأكونوموس صالح خوري كاهن مدينة سخنين للروم الأرثودكس، وكلمات أيضًا عن الوفد الكبير من هضبة من الجولان السوري المحتل كان يتحدث بالنيابة عنهم الدكتور مجد أبو صالح في بعض الأحيان، يضاف إلى ذلك كلمات لممثلين عن دول عربية وإسلامية وممثلين عن منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية. وبذلك فقد ساهمت الحركة الإسلامية بشكل كبير في لمّ الشمل الفلسطيني والعربي والإسلامي بمختلف أطيافه السياسية والدينية نصرة لقضية القدس والمسجد الأقصى. حيث أضحى المهرجان الذي كان ينتظره الجميع خلال شهر سبتمبر/أيلول من كل عام، صمام الأمان للدفاع عن المقدسات، والمنبر الذي بعث رسائل وصرخة مدوية للعالمين العربي والإسلامي حيال المخاطر المحدقة في المسجد الأقصى.
وعلى أثر ذلك فقد نجحت الحركة الإسلامية بصناعة حاضنة شعبية مناصرة للقدس والمسجد الأقصى في الداخل الفلسطيني. وقد نتج عن هذه الحاضنة الشعبية قيام مجموعة مؤسسات أهلية مستقلة أخذت على عاتقها نصرة القدس والمسجد الأقصى منها: مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، مؤسسة الأقصى للوقف والتراث، مؤسسة مسلمات من أجل الأقصى، مؤسسة عمارة الأقصى، مؤسسة القدس للتنمية، مؤسسة البيارق.
وبالتعاون مع هذه الحاضنة الشعبية ومع المؤسسات الأهلية التي نتجت عنها وبالتعاون مع الأهل في الداخل الفلسطيني ومع الأهل في القدس وبرعاية هيئة الأوقاف ولجنة الإعمار، نجحت الحركة الإسلامية مع كل هذه الأجسام بإعمار المُصلى المرواني وإعمار الأقصى القديم وفتح بوابات المُصلى المرواني العملاقة وبناء حمامات وأماكن وضوء عند باب الأسباط وباب حطة وباب المجلس وباب فيصل، ونجحت مع كل هذه الأجسام بتبليط ساحات واسعة من ساحات المسجد الأقصى وتزويدها بأعمدة كهربائية ومدرجات توصل إليها بسهولة، إلى جانب ذلك دعمت الحركة الإسلامية مسيرة البيارق التي رعتها مؤسسة البيارق حيث نجحت هذه المؤسسة بتسيير تسعين ألف حافلة سنوياً من الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى، ودعمت الحركة الإسلامية مصاطب العلم والرباط في المسجد الأقصى التي رعتها مؤسسة (عمارة الأقصى) حيث نجحت هذه المؤسسة برعاية 1200 مرابط ومرابطة يوميًا في هذه المصاطب حتى عام 2014، ودعمت الحركة الإسلامية صندوق طفل الأقصى الذي رعته مؤسسة الأقصى حيث نجحت هذه المؤسسة برعاية أكثر من عشرين ألف طفل في هذا المشروع، إلى جانب ذلك دعمت الحركة الإسلامية إقامة الموائد الرمضانية (فطورًا وسحورًا) في كل شهر رمضان، ودعمت أيام النفير إلى المسجد الأقصى وليالي الاعتكاف فيه، وتبنت استراتيجية فضح الاحتلال الإسرائيلي وإساءة وجهه والكشف عن كل الجرائم التي يرتكبها في المسجد الأقصى. كما يُبين ذلك الشيخ رائد صلاح في كتابه: (إضاءات على بعض مفاهيم ومواقف الحركة الإسلامية، 2016، ص 337، 338).