حظر الحركة الإسلامية في المنظور الإسرائيلي (4)
النقاش الإسرائيلي الداخلي حول قرار حظر الحركة الإسلامية (أ)
النقاش الإسرائيلي الداخلي حول قرار حظر الحركة الإسلامية (أ)
ساهر غزاوي
دار داخل المؤسسة الحاكمة وفي أوساط النخب الإسرائيلية جدل عميق عبر تمرير مشروع قانون في الكنيست تعتبر بموجبه الحركة الإسلامية حركة غير قانونية. ودار حديث حول جدوى نزع الشرعية القانونية عن عمل الحركة الإسلامية وإخراجها عن القانون الإسرائيلي، وعلى إثر ذلك برز خلاف عميق داخل المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية والنخب المثقفة حول هذه الفكرة، إلى أن وصلت القيادة الإسرائيلية إلى قناعة بضرورة اتخاذ خطوة حاسمة في ظل الخلاف وتباين الآراء، مرجحة كفة قرار الحظر على اعتبار أن الخطوة ضد الحركة الإسلامية باتت ضرورية، مستغلة بذلك الواقع الإقليمي والدولي.
الطرف المؤيد
بعض الساسة وكبار الجنرالات والباحثين والصحافيين، رأوا أن الخطوة الأولى التي يتوجب اتخاذها من أجل مواجهة الحركة الإسلامية بنجاعة، تتمثل في إخراجها عن إطار القانون، ومنعها من المشاركة في الانتخابات المحلية. أحد المتحمسين لإخراج الحركة الإسلامية عن إطار القانون هو الجنرال المتقاعد ايهود ياتوم، الذي شغل في السابق منصب رئيس قسم العمليات في جهاز “الشاباك” الذي يستهجن أن تطالب المؤسسة الإسرائيلية بإخراج الحركات الإسلامية في البلدان العربية بحجة أنها تقدم الدعم للمقاومة الفلسطينية في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن وجود الحركة الإسلامية التي تقدم الدعم لحركة حماس التي تعتبر أكثر أعداء إسرائيل وحشية، مشدداً على الخطر الهائل الذي يكمن في عمل الحركة الإسلامية. على حد قول الجنرال ياتوم.
أمّا وزير الأمن الداخلي السابق، عوزي لنداو، فقال إن “إخراج الحركة الاسلامية عن القانون هو جزء لا يتجزأ من الحرب ضد الارهاب”، معتبراً أنه كان يجدر بإسرائيل استغلال الأجواء التي سادت في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر من أجل إخراج الحركة الإسلامية عن نطاق القانون. ومن أجل تسويغ تحمسه لفكرة إخراج الحركة الإسلامية عن إطار القانون يقول الجنرال عاموس غلبوع “تعاظم شأن الحركة الإسلامية يعبر عن رغبة فلسطينيي 48 في مواجهة الدولة ومؤسساتها ولا يعبر بحال من الأحول عن إرادة في الإندماج في المجتمع ومؤسسات الدولة، ويجب على الدولة ومؤسساتها المختلفة مواجهة التحدي الذي تمثله هذه الحركة بكل الوسائل المتاحة لديها، فمن حق النظم الديموقراطية الدفاع عن نفسها”.
وفي السياق، دعا موقع “كالكاليست” العبري في تقرير نشر في 13 تشرين الأول 2015 (قبل الحظر بشهر) تحت عنوان (ليتعلم نتنياهو من مصر) رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الإسراع بحظر وتجفيف المنابع المالية للحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح والتي تتهمها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بتحريض الشباب الفلسطينيين على الانتفاضة ضد الاحتلال وقتل الإسرائيليين، على خلفية الاضطرابات الأخيرة في المسجد الأقصى. وأضاف التقرير: “إذا قررت إسرائيل حظر الحركة الإسلامية، فربما من الأفضل تبني النموذج الذي قامت به جارتنا من الجنوب، مصر، التي خرجت في حرب شاملة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وتحديدا ضد مصادرها المالية”. كما ورأى الموقع أن “تجفيف المصادر المالية للتنظيمات المتطرفة هو الطريق الأكثر فاعلية لتقليص نشاطها. وقبل كل شيء قدرتها على تجنيد مؤيدين جدد. وهو ما ينطبق على الحركة الإسلامية. فتقييد قدرتها على جمع الأموال يمكن أن يتسبب في تدني شعبيتها بين عرب إسرائيل”.
ورغم أن الظروف في إسرائيل ومصر مختلفة ولا يمكن مقارنة مستوى الخطر الذي تمثله الحركة الإسلامية في إسرائيل على الاستقرار الأمني، بخطر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إلا أن موقع “كالكاليست” الاقتصادي وجّه نصائحه لنتنياهو بالقول: “إن لجنة حصر أموال الإخوان حققت نجاحات مذهلة، إذ صادرت أصولا بقيمة 4 مليار دولار، كما صودرت أموال نحو 1200 من قيادات الجماعة. علاوة على ذلك صودرت أصول نحو 1100 مؤسسة يديرها الإخوان، بما فيها مستشفيات ومدارس في محافظات مصر المختلفة”.
يضاف إلى ما ذكر أن الشرطة الإسرائيلية كانت “متحمسة” لتنفيذ قرار حظر الحركة الإسلامية فقد لخص الصحافي الإسرائيلي “بن كاسبيت” وجهة نظر الشرطة المتفائلة بالقول: “إن ردود فعل العرب في إسرائيل ستكون خفيفة ويمكن السيطرة عليها، في حين أن تحييد الإسلام المتطرف بواسطة الأدوات القانونية ستكون له أهمية جوهرية”. كما أن نتنياهو لم يواجه معارضة سياسية للخطوة. فقد أعلن اسحاق هرتسوغ، رئيس حزب المعسكر الصهيوني دعمه للحظر، وعاتب نتنياهو على تأخره في اتخاذ هذه الخطوة.
وقبل قرار حظر الحركة الإسلامية بأسابيع قليلة، اجتمع المجلس الوزاري المصغر “كابينيت” لمدة أربع ساعات لبحث إمكانية تجريم الحركة الإسلامية. وفي ختام الاجتماع، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليمات لجهاز الأمن العام “الشاباك” بنقل المعلومات الاستخباراتية التي بحوزته إلى النيابة العامة عن الحركة الإسلامية من أجل صياغة بنية تحتية استدلالية لحظر التنظيم. وفي السياق أشار مسؤول رفيع المستوى في القدس إلى أنه ستكون هناك عدة مناقشات أخرى حول هذه القضية في الأيام المقبلة، لكنه شدّد على أنه لا يبدو أن هناك أي عائق أمام دفع هذه الخطوة. وقال: “إن المدعي العام يهودا واينشتاين لم يعارض تجريم الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، ولم يقدم الشاباك سوى تحفظات تكتيكية حول كيفية تنفيذ الخطوة ونطاقها. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ الإجراءات ضد الحركة الإسلامية على عدة مراحل. أولاً، يجب أن تستند البنية التحتية للأدلة إلى مشاركة المنظمة في أنشطة غير قانونية. الادعاءات الرئيسية ضد الحركة الإسلامية تتعلق بالضلوع المزعوم في التحريض على العنف. وبعد أن يقدم جهاز “الشاباك” المواد الاستخبارية إلى النيابة العامة للدولة وصياغة الرأي القانوني، سيتم تقديمه للمناقشة واتخاذ القرار في مجلس الوزراء. كما سيتم اتخاذ إجراءات إضافية، مثل إعلان المنظمات الأخرى التي تنتمي إليها الحركة الإسلامية على أنها جمعيات غير مشروعة أو منظمات إرهابية. وصرّح نتنياهو في افتتاح الجلسة الأسبوعية للحكومة مخاطبا الحركة الإسلامية: “لست مستعدا للتحريض في الداخل. سنستخدم كل الوسائل ضد المحرضين من كل الاتجاهات”. بحسب تقرير لصحيفة هآرتس نُشر في 11 تشرين الأول 2015.