هآرتس: الشرق الأوسط الأكثر خرابا في العالم بفعل ترامب
أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن سياسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو “المهرج” الذي أدار العالم، عبر مقاربته التي ترى الدول كشركات، تركت منطقة الشرق الأوسط أكثر خرابا.
أحلام ترامب
وأوضحت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن السنوات الأربع الماضية كانت مع ترامب “مثيرة، فهو يعرف كيف يُضحك بصورة مأساوية، وأن يثير موجات تسونامي في الشبكات الاجتماعية، لقد دخل بصورة هائجة إلى دكان الخردة في الشرق الأوسط وبحث ووجد فيها كل الأجزاء التي لا ترتبط معا وشكل منها أفراسا لها 9 أرجل و5 رؤوس”.
وأشارت إلى أن “ترامب تصاحب مع أشخاص ديكتاتوريين وآمن بأنه من الممكن عقد صفقات معهم، حتى اتضح أنه غارق في الديون ونسي دفع الضرائب”، مضيفة أنه “اندفع نحو الشرق الأوسط مع صفقة صاخبة عُرفت بـ “صفقة القرن” والتي وقعت بحضور جانب واحد، هو ترامب؛ الذي رأى في أحلامه سلاما شاملا بين إسرائيل و العرب، في هذه المنطقة الدامية”.
ورأت أن “ترامب جدير بالثناء، لنجاحه في تطبيع الإمارات والبحرين والسودان مع إسرائيل؛ حيث الأخيرة هي الرابح الأكبر، وهذا شكل ثورة وتغييرا منهجيا.. لقد أوجد حزام تأييد عربيا لإسرائيل، دون أن تدفع مقابله ثمنا أيديولوجيا أو جغرافيا أو ماليا، هذا إنجاز القرن وليست “صفقة القرن” التي تنهي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وتابعت: “ترامب لم يحدث معجزة ولا حل نزاعا داميا بين إسرائيل وأي دولة عربية، لقد صادق على شرعنة استمرار الاحتلال، وضم هضبة الجولان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأنهى مكانة واشنطن كوسيط بين تل أبيب والفلسطينيين، يضاف لذلك أنه أنهى الأفق السياسي للإسرائيليين والفلسطينيين”.
وأضافت: “في الشرق الأوسط، أدار ترامب استراتيجية تجارية استندت على أن رؤساء الدول هم مدراء عامون أو رؤساء شركات غير خاضعين لمجال الإدارة العامة، فهو يعتقد أنه لا أهمية في المنطقة للمشاعر القومية وللتاريخ أو للثقافة، يكفي وجود علاقة شخصية وطيدة مع زعيم من أجل عقد صفقة”.
وعود تتلاشى
ونبّهت الصحيفة، إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، “غرس عود أسنان في عيني ترامب لدى شرائه أنظمة الصواريخ الروسية، ورغم ذلك حظي أردوغان بدعم كامل من ترامب، وحتى إن ترامب برر شراء الصواريخ، بأن إدارة أوباما رفضت أن تبيع تركيا صواريخ متطورة”، مشيرة إلى أن “أردوغان لم يصادف بعد رئيسا أمريكيا يمكنه أن يرفع عليه صوته”.
واعتبرت أن “درة التاج لفن صفقات ترامب كانت بالتحديد، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران”، منوهة إلى أن ترامب كان واثقا من أن سياسة “الضغط بالحد الأعلى” ستجبر إيران على أن تجثو على ركبها وتقبل بكل شروطه، وبعد عامين، إيران ما زالت حية ولم تخضع، وزادت كميات اليورانيوم التي تخصبها وأعادت تشغيل أجهزة طرد مركزي كانت متوقفة.
وأفادت بأن “ترامب واثق من أن لديه صفقة ناجحة سيعرضها على إيران، فقط إذا فاز، وهو نفس ترامب الذي لم ير إطلاق صواريخ إيرانية أصابت أهدافا أمريكية سعودية وأخرى إماراتية، واستعد لمساعدة الرياض مقابل دفع الثمن، وهو يجري اليوم مفاوضات مع سوريا بشأن إطلاق سراح معتقلين أمريكيين”.
وذكرت “هآرتس”، أن “ترامب وعد ثلاث مرات بأنه سيسحب قواته من أفغانستان ومن سوريا والعراق، ولكن الانسحاب من أفغانستان ما زال ينتظر الخروج إلى حيز التنفيذ، والانسحاب من سوريا تلاشى، وفي العراق ما زال يواصل إجراء مفاوضات، وخلال ذلك يترك على الطريق خلفه صفا من الجثث”.
وبينت أن “ترامب وضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كشخصية ظل، حاضرة-غائبة، وهي ليست فقط غير قادرة على حل النزاعات، بل تساهم في إطالتها وتغذيتها”، موضحة أن “الشريكة العربية الأهم للولايات المتحدة، السعودية تحكم على يد ولي العهد محمد بن سلمان، الذي أصبح شخصية غير مرغوب فيها في واشنطن بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي”.
“المدير المهرج”
ونبهت إلى أن “ترامب هو الزعيم الوحيد الذي امتنع عن اتهام ابن سلمان بالمسؤولية عن قتل خاشقجي، خلافا لاستنتاجات الاستخبارات الأمريكية، وهو من أجبر السعودية على إجراء مفاوضات مع الحوثيين في اليمن، ولكن السلاح الأمريكي ما زال يستخدم من قبل القوات السعودية في هجماتها على التجمعات السكانية هناك”.
وتابعت: “حتى جهود ترامب في رأب الصدع بين قطر وكل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، لم تنجح. في حين عزز حصار تلك الدول لقطر، علاقة الدوحة مع تركيا وإيران، ومعا أسست محورا مشتركا يحاول أن يحل محل المحور العربي الذي حل محل أمريكا”.
وبينت الصحيفة، أن “تركيا وقطر تقفان على رأس الجبهة في الحرب في ليبيا بين الحكومة المعترف بها وبين الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، حيث يقف ضدها جبهة روسية فرنسية سعودية إماراتية مصرية، وفي هذه الساحة، مثلما في الساحة السورية، تكتفي الولايات المتحدة بمكانة المراقب، وكأن هذه المعركة لا تمسها”.
وأكدت أن “اللامبالاة الأمريكية في سوريا وليبيا، منحت روسيا احتكارا في الملعب الشرق أوسطي، وهي تنجح في توسيعه كما يظهر من شبكة العلاقات العسكرية والاقتصادية التي طورتها مع مصر والسعودية، ولا شك في أن روسيا تستطيع أن تأكل المزيد من الطيبات التي تركها ترامب لها”، بحسب تعبير الصحيفة.
وفي النهاية، تساءلت “هآرتس”: “هل حان اليوم فصل النهاية لهذه الفترة الفوضوية التي ستبقي تراثا معيبا ومليئا بالنزاعات؟” وقالت: “كما أثبت ترامب لنفسه، فإنه ليس هنالك سياسة لا رجعة عنها، وليس هنالك خطوات نهائية لا يمكن إصلاحها، ويجب علينا فقط أن نأمل في أن تكون الفترة القادمة مملة، بدون إثارة وبدون مهرج يدير العالم”.