تقدير إسرائيلي: حديث الأسد عن السلام يهدف لبقائه في السلطة
قال خبير عسكري إسرائيلي إن “الحديث الأخير الذي أدلى به رئيس النظام السوري بشار الأسد حول السلام مع إسرائيل مدعاة للتوقف، لأنه يتزامن مع تواجد مكثف للروس والإيرانيين وحزب الله على أرضه، بعد إنقاذه عندما تفكك جيشه”.
وأضاف أمير بار شالوم في مقال نشره موقع “زمن إسرائيل”، أنه “تم إرسال رسائل متضاربة في الأسابيع الأخيرة من القصر الرئاسي في دمشق، فالأسد يحاول إعادة تجميع ما تبقى من سوريا بعد تسع سنوات من القتال، ولاشك أنه في مفترق قرارات مهمة، وعليه أن يقرر من سينضم ومن يتخلى عنه في طريقه إلى استقرار الدولة النازفة”.
وأشار إلى أن “حديثه عن المفاوضات مع إسرائيل يكشف عن نسيج معقد للغاية من اعتباراته الداخلية والخارجية، لأنه قد يدفع ثمنها باهظا، فالإيرانيون وحزب الله أنقذوه من مصير القذافي، حيث تفكك جيشه تدريجيا، وبعد أن قامت روسيا بتسوية مدن بأكملها بالأرض بسلاحها الجوي، فإن الأسد مدين لها بالكثير، وبوتين لن يتخلى عن وجوده الاستراتيجي في طرطوس، لأنها النقطة الوحيدة له في البحر المتوسط بمواجهة الناتو وتركيا”.
الوجود الإيراني
وتابع: “كما أن إدارة ظهر الأسد للروس في الوقت الحالي تبدو مستحيلة، فإن الوضع مشابه مع إيران الراعي الثاني الذي حوّل حزب الله عن الحدود الإسرائيلية، وألقاه في ساحة المعركة في سوريا، وقد سعوا لإقامة محور مفتوح إلى البحر المتوسط، يمتد من طهران عبر العراق وسوريا إلى لبنان، ودفعت إيران وحزب الله ثمنا باهظا لتحقيق الاستقرار في نظام الأسد، ولا ينويان خسارة هذه المقامرة”.
وأكد شالوم أن “إعادة الأسد لإبداء استعداداته للتفاوض مع إسرائيل يصطدم بالوجود الإيراني ببلاده، فإيران تستخدم الأراضي السورية لنقل الأسلحة لحزب الله، وترسيخ وجودها في الجولان، وقد تثير ردود فعل عدوانية من إسرائيل، وهي صيغة لعدم الاستقرار، ما يطرح السؤال: هل سيتخلص الأسد من إيران، ويحاول الاعتماد على روسيا فقط، في تفاوضه مع إسرائيل، في هذه المرحلة يبدو أنه يحاول الإمساك بالعصا من الطرفين”.
ولفت إلى أن “قائمة مشاكل طبيب العيون الذي تم تعيينه في السلطة دون خيار، بعد وفاة شقيقه باسل، لا تقتصر على روسيا وإيران، فاستعداده لفتح ملف العلاقات مع إسرائيل يتزامن مع الوجود التركي في شمال شرق سوريا حيث المنطقة الكردية، وأردوغان يواجه هناك روسيا والولايات المتحدة بشكل مباشر، وبالتالي فإن الرد الوحيد على هذا التواجد التركي ليس من جانب الأسد إطلاقا، بل بين البيت الأبيض والكرملين”.
رياح الخليج العربي
ونوه الكاتب إلى أن “إعلان الأسد الأخير عن عدم معارضته لأي علاقات مع إسرائيل، إذا انسحبت من كل بلاده، يترافق مع علامات عدة خرجت من دمشق في الأسابيع الأخيرة، أهمها ضعف الرد السوري على اتفاق التطبيع الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين، مع أنه كان متوقعا أن يمطر العلويون هذا الاتفاق نارا وتصعيدا بما لا يقل عن رعاتهم الإيرانيين، لكن ذلك لم يحدث”.
وأوضح أن “الأسد يدرك جيدا رياح الخليج العربي، وفي الوقت ذاته تحالفه المتنامي مع إيران، وحقيقة أن الإمارات العربية المتحدة أصبحت دولة محورية، وعلى المدى القريب ستكون جسره للجامعة العربية والسعودية، ومحاولة استعادة شرعية حكمه، وإذا كان هناك مال عربي لإعادة تأهيل سوريا فهو في الخليج، وليس في مكان آخر، إضافة لذلك، فإنه يمكن للإمارات أن تفتح أبوابها أمام دمشق نحو واشنطن”.
وأكد أن “تلميحات أخرى صدرت قبل أيام بذات محتوى حديث الأسد الخاص بإسرائيل، خاصة دراسة سوريا لخطوة تكون فيها روسيا والولايات المتحدة راعيتين للتفاوض مع إسرائيل، مع العلم أن كل ذلك يتم وسط ظروف إشكالية يجد الأسد نفسه فيها: إعادة بناء سوريا، استقرار الحدود، استعادة الشرعية، وبعد تسع سنوات من الحرب، بات الأسد يفهم جيدًا، وربما أفضل من والده، أن مصالحه لم تتغير، وهي أولا وأخيرا بقاؤه في السلطة”.