بذكرى أكتوبر.. خبراء: السيسي يجرف مصر لتبعية الإسرائيلي
لا تمر ذكرى حرب 6 أكتوبر 1973 بين مصر والمؤسسة الإسرائيلية دون الحديث عن التقارب غير المسبوق، الذي يزداد يوما تلو الآخر بين الطرفين في عهد رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، الذي وصف السلام بين بلاده والمؤسسة الإسرائيلية “بالدافئ”.
ويحتفل المصريون في السادس من أكتوبر من كل عام، والقوات المسلحة المصرية، بذكرى انتصارهم في الحرب على السلطة الإسرائيلية، التي احتلت في حزيران/ يونيو مساحات شاسعة من فلسطين ومصر والأردن وسوريا، في هزيمة مذلة وصفت “بالنكسة”.
في عام 2017، أثارت دعوة السيسي الفلسطينيين للتغلب على الخلافات فيما بينهم، والاستعداد للقبول بالتعايش مع بعضهم البعض ومع الإسرائيليين في سلام وأمن، استنكار الشارع العربي، وترحيب الشارع الإسرائيلي.
نظرية السيسي عن السلام
وقال السيسي في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: “أتوجه بكلمتي وندائي الأول إلى الشعب الفلسطيني، وأقول له: مهم جدا الاتحاد خلف الهدف وعدم الاختلاف، وعدم إضاعة الفرصة، والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر، مع الإسرائيليين، في أمان وسلام”.
واستبق السيسي توقيع الإمارات والبحرين على اتفاق مفاجئ للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في الكلمة ذاتها بالقول: “يدَ العرب ما زالت ممدودة بالسلام، وإن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن، وأنه يعد هدفا واقعيا يجب علينا جميعا مواصلة السعي بجدية لتحقيقه”.
وأضاف مخاطبا الإسرائيليين: “لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة في السلام معكم منذ أكثر من أربعين سنة، ويمكن أن نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخرى”.
وتتعارض اتفاقية التطبيع الإماراتية البحرينية مع المؤسسة الإسرائيلية، التي تم توقيعهما في البيت الأبيض بواشنطن بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية عام 2002، وتبنتها جامعة الدول العربية.
وتشترط المبادرة العربية إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود 1967، وعودة اللاجئين، وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من هضبة الجولان، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات مع الدول العربية.
من مبارك إلى السيسي
وانتقد الخبير العسكري وعضو هيئة تفتيش القوات المسلحة المصرية سابقا، العقيد السابق، عادل الشريف، دور النظام المصري في خدمة الأجندة الإسرائيلية، قائلا: “إذا كان مبارك أطلق عليه الإسرائيليون الكنز الإستراتيجي لهم، فإن السيسي وضع مصر كلها تحت إمرتهم، وجعلها كاملة التبعية لهم، وحقق نبوءة جولدا مائير، التي قالت فيها: سوف يستيقظ العرب يوما ويجدون أن من يحكمونهم هم أبناؤنا”.
وأكد في حديث صحفي، أن “السيسي أحرص من الإسرائيليين على أمن مواطنيهم أكثر من حرصه على أمن مواطنيه، فمن قتلهم من المصريين وأعدمهم خلال سنوات حكمه يقابله عدم المساس بشعرة واحدة من الإسرائيليين”، مشيرا إلى أن “عقيدة الجيش المصري ظلت ثابتة حتى جيل حرب 73، لكن ما بعد ذلك بدأ يفقد أركان وركائز تلك العقيدة لصالح الصهاينة”.
وأضاف الخبير العسكري: “في عهد مبارك، قام وزير دفاعه، المشير حسين طنطاوي، بتجريف العقيدة العسكرية المصرية، فبدأ باستبعاد الضباط المشهود لهم بالكفاءة والانضباط لصالح ضباط أقل كفاءة وانضباطا، ولا يصل إلى رتبة عميد فما فوق إلا هؤلاء الموالون للعقيدة الجديدة، حتى أنه في فترة خدمتي قرر الجيش منح الضباط “ترنج رياضي” لونه “فوشيا ميتالك” كالذي ترتديه الراقصات”.
وفيما يتعلق بدور السيسي في حالة التطبيع العربية مع دولة الاحتلال، شدد الشريف على أن “تطبيع دول خليجية مع إسرائيل هو نتيجة ثمرة التعاون من أسفل الطاولة منذ سنوات، وتحديدا منذ مبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز للسلام عام 2002، لكنها نضجت وأينعت وحان قطافها في عهد السيسي”.
السيسي و الأجندة الإسرائيلية
من جهته، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب سابقا، أسامة سليمان، إن “مصر لم تسترد حقوقها من العدو الإسرائيلي إلا بحرب، ولم تسترد حتى الآن سيادتها كاملة على شبه جزيرة سيناء؛ بسبب اتفاقية كامب ديفيد التي انتقصت من سيادتها على أرضها، والإسرائيليون ليسوا أهل سلام بل استسلام، وهدفهم ومطامعهم من النهر إلى البحر قائمة”.
وأضاف في تصريحات صحفية: “في عهد السيسي انتقص من سيادة مصر على البحر الأحمر، بتحويل ممر تيران إلى ممر دولي، بعد تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والاستفادة المالية التي يجنيها النظام العسكري هو حصوله على المعونة الأمريكية المقدرة بنحو مليار وثلاثمئة مليون دولار، لكن في الحقيقة خسرت مصر حقوقها في مياهها الاقتصادية في البحر المتوسط بمليارات الدولارات”.
واتهم السيسي بأنه “يمضي قدما في تنفيذ الأجندة الصهيونية في مصر والمنطقة، من خلال التفريط في الأرض والثروات الطبيعية، وإنهاء المقاومة الفلسطينية بمحاصرة قطاع غزة، وتجريف أراضي سيناء وتهجير أهلها، ويمكن القول إن تحول البوصلة المصرية نحو الكيان الإسرائيلي كان نتيجة الانقلاب العسكري على الشرعية في يوليو 2013”.
ووصف سليمان هذا التحول “بالدراماتيكي، الذي نتج عنه أن العدو الإسرائيلي أصبح حليفا وصديقا، وأصبح الفلسطينيون هم الأعداء في نظر تلك الدول، وتمدد النفوذ الإسرائيلي في المنطقة العربية وأفريقيا هو نجاح حقيقي للسيسي في تحقيق أهداف الاحتلال، ولقد شجع السيسي بقوة تطبيع الإمارات والبحرين مع الكيان الإسرائيلي لصالح التفريط في حقوق الفلسطينيين”.