هذه رسائل السيسي من إعدام 15 معتقلا مصريا في يوم واحد
قامت السلطات الأمنية للنظام العسكري الحاكم في مصر بتنفيذ أكبر عدد من أحكام الإعدام بحق المعتقلين السياسيين في يوم واحد خلال 7 سنوات؛ في تصعيد مثير للتساؤلات، ويأتي قبل أيام من اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الموافق 10 تشرين الأول/ أكتوبر.
والسبت 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، نفذت السلطات حكم الإعدام في نحو 15 من المعتقلين السياسيين في أماكن متفرقة من الجمهورية وفي مناطق قريبة من أماكن تظاهرات المصريين التي انطلقت ومازالت مستمرة منذ 20 سبتمبر/ أيلول 2020، ضد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
فجر السبت، أعلنت السلطات عن تنفيذ حكم الإعدام في المعتقلين ياسر الأباصيري وياسر شكر من محافظة الإسكندرية، إلا أن منظمات حقوقية، وأهالي المعتقلين، وإجراءات أمنية مشددة في مشرحة “زينهم” –مقر تسليم جثث الضحايا- بالقاهرة؛ جميعها كشفت الأعداد الحقيقة لمن تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
وكشفت المنصة الحقوقية الدولية “نحن نسجل”، عن تنفيذ الإعدام بحق 15 معتقلا سياسيا، اثنان منهم بالقضية المعروفة إعلاميا بأحداث “مكتبة الإسكندرية”، و 13 آخرون بقضية “أجناد مصر 1″، فيما رصدت تواجد قوة أمنية من قطاع الأمن المركزي والعمليات الخاصة بمشرحة “زينهم”.
وإلى جانب ياسر الأباصيري وياسر شكر، نشرت المنظمة أسماء 13 آخرين، هم: “بلال صبحي فرحات، وياسر محمد أحمد خضير، وعبدالله السيد محمد السيد، وجمال زكي عبدالرحيم، وإسلام شعبان شحاتة، ومحمد أحمد توفيق، وسعد عبدالرؤوف سعد، ومحمد صابر رمضان نصر، ومحمود صابر رمضان نصر، وسمير إبراهيم سعد مصطفى، ومحمد عادل عبدالحميد، وتاج الدين محمد حميدة، ومحمد حسن”.
وتأتي أحكام الإعدام، في توقيت تم قتل فيه نحو 20 مصريا خلال شهر أيول/ سبتمبر في السجون بالإهمال الطبي وغيره، وبرصاص الشرطة بالشوارع من بين المتظاهرين ثلاثة بينهم من قرية البليدة مركز العياط بالجيزة- ومن المواطنين العاديين إسلام الأسترالي بمنطقة المنيب بالجيزة والشاب الصعيدي عويس الراوي من قرية العوامية بالأقصر.
“إعدامات 2019 و2020”
وفي أيام 7 و13 و20 شباط/ فبراير 2019، نفذت السلطات الأمنية حكم الإعدام في 15 معتقلا، 3 منهم بقضية “قتل نجل المستشار”، و 3 بـقضية “مقتل اللواء نبيل فراج”، و9 بـ”اغتيال النائب العام”.
وفي 25 شباط/ فبراير 2020، تم تنفيذ حكم الإعدام في 8 معتقلين بقضية “تفجير الكنائس”.
وفي 4 آذار/ مارس 2020، تم تنفيذ الإعدام بحق ضابط الجيش السابق هشام عشماوي بقضية “كمين الفرافرة”، وعبدالرحيم المسماري بقضية “الواحات”.
وفي 28 تموز/ يوليو 2020، نفذت مصلحة السجون، حكم إعدام 7 معتقلين بقضية قتل ضابط شرطة بالإسماعيلية.
وتوقيت تنفيذ أحكام الإعدام الجديدة بهذا العدد الكبير، بالتزامن مع تظاهرات الغضب الشعبية المطالبة برحيل السيسي؛ يدعو للتساؤل حول الأسباب والدلالات والرسائل التي يقصد النظام توصيلها للشعب والمعارضة والمتظاهرين الغاضبين.
“ردا على التظاهرات”
وفي تقديره لدلالات الموقف، يعتقد الحقوقي المصري خلف بيومي، أن “هذا هو رد النظام على تظاهرات الشارع المصري، وأنه رد يحمل رسالة إرهاب للجميع أنه لن يتوانى أو يتوقف عن قتل معارضيه”. وفي حديثه لـ”عربي21″، أكد أن “عدم إعلان النظام عن العدد الحقيقي للمعتقلين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، قد يكون سببه بعض القلق الأمني من ردة الفعل الشعبي”.
مدير منظمة “الشهاب لحقوق الإنسان”، استدرك بقوله: “لكن ذلك القلق من النظام لن يمنعه ولن يردعه عن تنفيذ الأحكام”. واعتبر أن “تنفيذ الأحكام رسالة لجميع أطياف الشعب المصري، ولكل معارضيه،أنه لن يتوقف عن الاستمرار في تنفيذ سياسته وقتل معارضيه”.
“رسالة للجميع”
وفي رؤيته، أعرب الحقوقي المصري محمد زارع، عن أسفه من أن “الرسالة التي يريد النظام أن يوصلها للجميع ومنهم جماعة الإخوان المسلمين أن هناك مزيدا من تنفيذ الأحكام بحق أعضائها؛ إلى جانب رسالة للمتظاهرين الذين يطالبون بجزء من العدالة وتحسين أوضاعهم بشكل سلمي”.
رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أضاف بحديثه لـ”عربي21″، أن “النظام ليس لديه سوى الرصاص والقبض على المصريين ومحاكمتهم، وليس لديه ما يقدمه إلا الإجراءات العنيفة وشديدة القسوة ضد المواطنين وهو الوضع المستمر منذ قدوم السيسي”.
وأشار زارع، إلى أن “هذه هي النصيحة التي يقدمها له مستشاريه وبينهم أستاذ الطب النفسي الدكتور أحمد عكاشة، الذي طالب السيسي، بأن يبقي المواطنين في تقشف شديد حتى يكون لديهم أسباب للانكفاء على عملهم، ولا يمارسون أي عمل سياسي ولا يفكرون بأي شيء”.
وأوضح، أن “الإجراءات العنيفة هنا بهدف إرهاب المواطنين واسكاتهم رغم الأوضاع الاقتصادية شديدة القسوة”. ويعتقد الحقوقي المصري، أن “إعدامات السبت، رسائل لجماعة الإخوان أن لديكم المزيد من الشباب في السجون، وآخرين خارج السجون ربما يكونون متهمين محتملين مستقبلا، وكذلك كل القوى السياسية والشعب المصري”.
وأكد أن “مفاد الرسالة هو أن الدولة ليس لديها غير الإجراءات العنيفة بحق من يخرج ليتظاهر ويثور، أو يختلف سياسيا مع نظام السيسي؛ ولم يعد لدينا ما نستغربه من كثرة ما تم من قتل واعدام وسجن للمصريين”.
وعبر صفحته بـ”تويتر”، أكد المحامي الدولي محمود رفعت، أن النظام لم يعلن رسميا إلا عن إعدام ياسر شكر، وياسر الأباصيري، كي لا يثير الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية خاصة أن ترمب لن يحميه الآن، موضحا أنه “تم اختيار من تم إعدامهم على أساس جغرافي من المناطق التي تظاهرت وجوارها”.