المحكمة تؤجل النظر في ملف مقبرة “القسام” وتعيين خبير للتيقن من “موجودات القطعة المتنازع عليها”
طه اغبارية
حددت محكمة الصلح في حيفا، اليوم الخميس، جلسة بتاريخ 8 كانون الثاني/ يناير المقبل، لاستئناف البحث في ملف مصادرة مقبرة الشيخ عز الدين القسّام في قرية بلد الشيخ المهجّرة، قضاء حيفا، وذلك لحين الاستماع إلى تقرير خبير جيولوجي وآخر شرعي.
ويخوض المواطنون العرب في مدينة حيفا، معركة أخرى من معاركهم في الوجود على أرضهم والذود عن مقدساتهم في مواجهة مخططات الاقتلاع والمصادرة من قبل المؤسسة الإسرائيلية.
وبحثت محكمة الصلح، اليوم، في ملف مصادرة مقبرة الشيخ عز الدين القسّام في قرية بلد الشيخ المهجّرة في قضاء حيفا، بحضور أعضاء لجنة “متولي وقف حيفا” والعشرات من الأهالي وقيادات سياسية واجتماعية، وأحفاد شهداء دفن أقرباؤهم في مقبرة القسام، بالإضافة إلى محامين ومؤسسة “ميزان” التي تصدت للدفاع عن المقبرة.
وكانت شركة “أحزكوت كيرور” قد رفعت قضية في المحكمة ضد لجنة متولي وقف حيفا حول وجود قبور في المنطقة التي تنوي الشركة البناء عليها، وتطالب بإلزامهم بنبش وإخلاء القبور من جزء من مقبرة القسام في بلد الشيخ (نيشر- تل حنان) بادعاء شرائها مما يسمى “دائرة أراضي إسرائيل”.
ويدور الحديث عن مساحة 15 دونمًا من أرض مقبرة القسام، التي تقع على قطعة أرض مشكلة من 44 دونمًا، والتي تدعي شركة “كيرور أحزكوت” أنها اشترتها عبر صفقة مع شخصية اجتماعية من حيفا في الفترة التي تلت احتلال حيفا عام 1948، ما تنفيه لجنة الوقف، وتعتبر أن “أراضي الوقف وعلى وجه الخصوص المقابر لا تخضع للمساومة والبيع والشراء”.
وقال المحامي مصطفى سهيل، من مؤسسة ميزان (تترافع في الملف)، في حديث لـ “موطني 48″: لقد قرر القاضي اليوم تأجيل الجلسة وتعيين خبير في طبقات الأرض، لكي يفحص إن كانت في قطعة الأرض المتنازع عليها، قبور لأموات أم لا، ونحن نعلم وأهل القرية (بلد الشيخ) يعلمون حق العلم أن هناك المئات من أهالينا المقبورين في هذه القطعة، لذلك نحن على ثقة أن الفحص سوف يثبت الحقيقة، وعندها سيكون موقفنا الجماهيري والقانوني أقوى مما هو عليه اليوم”.
وبخصوص الخبير الشرعي الذي عينته المحكمة قال المحامي سهيل: “دور الخبير الشرعي يأتي بعد إعطاء قرار الخبير بطبقات الأرض، وفي حال لم تكن هناك قبور سيكون السؤال الشرعي في اتجاه إثبات وقفية الأرض، وفي حال وجدت قبور فسيكون السؤال الشرعي في اتجاه آخر حول الوقفية وحرمة الأموات ونقل رفاتهم من المكان”.
إلى ذلك أكد الشيخ فؤاد أبو قمير، من لجنة المتولين، في حديثه لـ”موطني 48″ داخل أروقة المحكمة، أن “صفقة البيع التي تدعيها شركة “كيرور أحزكوت” باطلة، فالدولة صادرت أراضي وقف الاستقلال عام 1954 ومنحت الشركة حقوق استخدام لـ 49 عامًا، ثم مددت العقد لـ99 عامًا، وبعدها فوجئنا بعقد حقوق ملكية، وهذه الصفقات المشبوهة لا نعترف بها على الإطلاق لأنها باطلة أصلا”.
وأضاف أن “وقف الاستقلال يملك عقارات عديدة نهبتها الدولة، وهناك مقابر ومساجد عديدة إضافة لعقارات يملكها الوقف ولا زالت أسيرة بعد مصادرتها إثر احتلال مدينة حيفا”.
وأكد أن لجنة متولي الوقف تصر على بطلان كل الصفقات بكونها مشبوهة، وتطالب بإعادة الأرض المصادرة من المقبرة التي تضم رفات شهداء وأموات من أهالي حيفا ويتواجد أهليهم اليوم في المحكمة، لرفض هذا العبث والإجرام بحق موتاهم.
واستذكر أبو قمير، في حديثه، الراحل القيادي في الداخل الفلسطيني عبد الحكيم مفيد، والذي وافته المنية الأحد قبل الماضي (19/11/2017)، منوّها إلى دوره في متابعة ملف مقبرة “الاستقلال” في حيفا، وحملة التبرعات التي تكللت، في شهر تموز المنصرم، بالنجاح عبر جمع مليون شيقل لتحرير مقبرة الاستقلال ومنع مصادرتها.
وأضاف: “كان أخونا المرحوم عبد الحكيم مفيد، معنا في الليل والنهار من أجل متابعة ملف مقبرة الاستقلال وتحريرها، وعقدنا العزم، بعد نجاحنا في جمع المبلغ المطلوب، على إقامة احتفال بالمناسبة، غير أن قضاء الله شاء رحيله، فلا نقول إلا ما يرضي الله وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا شك أننا نفتقده في مثل هذا الموقف، ونشكر كافة الأخوة من قيادات الداخل الذين تواجدوا معنا اليوم، ما يؤكد ان شعبنا وقيادته يلتفون حول قضية القسام ويساندوننا في كل معاركنا مع الظلم الإسرائيلي”.
من جانبه ندّد الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، بالشركة الإسرائيلية ومزاعمها، معتبرا خطوتها في الادعاء بالملكية على مقبرة القسام بأنها “مستهجنة ووقحة”.
وأضاف في حديث لـ “موطني 48”: “تريد هذه الشركة أن تبني مجمعا تجاريا على أرض المقبرة، أي على قبور ورفات آبائنا وأجدادنا، وقد أعطت وباعت حكومة إسرائيل، في سنوات ماضية، هذا الجزء من المقبرة لهذه الشركة وكأنه لا حرمة لا للأموات ولا حرمة للأحياء الذين هم أهل هؤلاء الأموات”.
وأشار إلى أن ديدن المؤسسة الإسرائيلية في انتهاك المقابر والمقدسات، كما فعلت في مقبرة مأمن الله في القدس المحتلة وغيرها من المقابر، التي “نبشتها وحفرتها وألقت برفات الأموات في المزابل ومكبات النفايات” كما قال.
وتابع خطيب: “نحن اليوم بين يدي مشهد يتكرر يراد من خلاله بوجود مليون ونصف المليون فلسطيني، طمس هذه المقبرة وبناء مجمع تجاري عليها، وتأتي الشركة المدعومة بشكل واضح من الحكومة الإسرائيلية، من أجل أن تدافع عن حق مزعوم، وهو حقنا نحن في أن ندافع عن مقبرتنا وأمواتنا، وبالتالي حينما يقف ممثل الشركة ليتحدث عن حق ويضرب على صدره، وحين يسأل محامي الدفاع عن دفن الأموات يكون الجواب أنهم دفنوا قبل قيام الدولة، وهذا يؤكد طبيعة هذه الدولة التي تبيع رفات عظام لأموات دفنوا قبل قيامها، فمن تكون إسرائيل هذه التي تعتقد أن لها الحق في أن تبيع رفات أموات كانوا موجودين قبل أن تقوم، إذا هي قمة الوقاحة وقمة الصلف، وآمل أن يقوم القضاء الإسرائيلي، أن يجدها فرصة لتبييض بعض وجهه وينظف يده دنس التوقيع على بيع مقبرة ونبشها وانتهاك حرمة الأموات”.
وختم الشيخ كمال: “ندعم كل الدعم للأخوة المحامين والأخوة من بلد الشيخ ومن دفنوا في هذه المقبرة وفي مقدمتهم الشهيد الشيخ عز الدين القسّام، حيث أن له حق علينا أن ندافع عنه كما دافع عنّا وهو حي فعلينا أن ندافع عنه الآن وهو ميت”.
وقال النائب عبد الحكيم حاج يحيى لـ “موطني 48”: “جئنا اليوم للمحكمة محاولة منا ومن جماهيرنا العربية وقيادتها في هذه البلاد، من أجل رفع الظلم عن مقبرة القسام ولنقول للقاضي ونقول لحكومة إسرائيل ولكل يهودي في هذه البلاد، إن قدسية المقابر الاسلامية قدسية دائمة وثابتة إلى الابد ولا يمكن ان نسمح بانتهاكها أو العبث فيها، وإن كان هناك مصالح تجارية فلتتوجه هذه الشركات للحكومة وإن كان لها حق فهو ليس على حساب قبورنا ولا مقدساتنا”.
وقال الشيخ حسام أبو ليل، رئيس حزب “الوفاء والإصلاح” في حديث لـ “موطني 48”: “نعتبر دعوى الشركة ضد لجنة الوقف تصرفا بربريا اجراميا وهو اعتداء صارخ على حرمة الأموات والأحياء، ونطالب من كل شعبنا وكل حر أن يقول كلمته ضد هذا الاجراء الإجرامي ضد مقبرة القسام والوقوف بحزم ضد نبش هذه الشركة للقبور، وعلى المحكمة إن كانت معنية بالعدل أن تؤكد أن كل مس بالقبور هو اعتداء على تاريخنا ومقدساتنا”.