موقع: هكذا أصبحت الإمارات والسعودية في صف المعادين للإسلام
إتهم موقع “بايلاين تايمز” كلا من السعودية والإمارات بتأجيجهما ظاهرة الإسلاموفوبيا، وقال في تقرير للصحفي سي جي ويرلمان، أن الشكل الجديد مما يعرف بـ “الإسلاموفوبيا” بدأ من اليمين المتطرف الأمريكي والإسرائيلي وانتهي بالسعودية والإمارات.
ويرى التقرير أن فكرة ربط الإسلام بالإرهاب تعود إلى قادة دول الخليج والديكتاتوريين حول العالم.
وذكّر التقرير بما قاله رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن الحكومة الهندوسية في نيودلهي هي أكبر راع للكراهية والتحيز ضد الإسلام وأنها تمثل خطرا على 200 مليون مسلم في الهند. وقال إن القوميين الهندوس “يعتقدون أن الهند بلد للهندوس فقط أما البقية فليسوا مواطنين متساوين”.
ووجه خان انتقاده لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وانتقد سجله في انتهاكات حقوق المسلمين في كشمير ووصفها بأنها “جرائم خطيرة ضد الإنسانية”. وتحدث خان عن توجهات عالمية لكراهية الإسلام ودعا الأمم المتحدة للإعلان عن يوم دولي ضد “الإسلاموفوبيا”.
ويعلق ويرلمان على خطاب خان بالقول إن الهند أصبحت بالتأكيد نقطة الصفر في المعركة العالمية ضد الإسلاموفوبيا في “عصر الحرب على الإرهاب” حيث لا يخفي أعضاء حزب “بهارتيا جاناتا” والجماعة المسلحة التابعة له “راستريا سواياما سيفاك” رغبتهم بتطهير الهند من المسلمين، أي ربع سكان العالم الإسلامي. وأشار إلى تصريحات راجيشوار سينغ أحد قادة هذا الفصيل المسلح المتطرف في عام 2014 الذي قال فيه: “هدفنا تحويل الهند إلى بلد هندوسي بحلول 2021”. وقال: “المسلمون والمسيحيون لا حق لهم بالبقاء هناك فإما التحول للهندوس أو إجبارهم على الخروج من هنا”.
ولتحقيق هذا الهدف تحاول الحكومة الهندية تعقيد حياة الأقلية المسلمة وجعلها لا تحتمل. وتم تشريع قانون المواطنة الذي يميز ضد المسلمين ويشجع الجماعات المسلحة على ممارسة العنف وتشويه المسلمين كغزاة ميالين للإرهاب وهذا من أخبث الاستعارات المعادية للإسلام.
ويرى أن ربط الإسلام بالإرهاب وجعل المسلمين الهدف الموضوعي له في الخطاب الأمني لا يقتصر على السياسة الهندية فقط. فالجهود لتحديد دين ومعتقد في استراتيجيات مكافحة العنف المتطرف ومكافحة الإرهاب أصبحت جزءا لا يتجزأ في سياسات بريطانيا والولايات المتحدة.
وما يثير الخوف هي الطريقة التي تطورت فيها عملية نشر الخطاب المعادي للإسلام على مدى العقود الأربعة الماضية.
ويمكن ربط الجهود لجعل “الإسلاموفوبيا” جزءا من الخطاب العام وربط الإسلام بالإرهاب بمؤتمر دولي عن الإرهاب الدولي للمحافظين الجدد واليمين الإسرائيلي عقد في تل أبيب عام 1979 وكان من بين الحاضرين كل من جورج بوش الأب ومناحيم بيغن، وذلك حسب البرفسورة ديبا كومار، مؤلفة كتاب “إسلاموفوبيا وإمبراطورية الكراهية”.
وكان هدف المؤتمر هو التوصل إلى اتفاق يقوم فيه عناصر الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة والحزب الجمهوري الأمريكي بتجذير طموحات الفلسطينيين للتحرر في خطاب الإرهاب. وتقول كومار إن المؤتمر “هدف لبداية جديدة وعملية جديدة- عملية تعبئة الديمقراطيات في العالم للكفاح ضد الإرهاب وما يمثله من مخاطر”، إلا أنه لم يؤكد على العلاقة بين الإرهاب والإسلام. ولكن هذا الموقف تغير بعد خمسة أعوام بعد عقد مؤتمر ثان عن الإرهاب في العاصمة واشنطن. وهنا كما تقول كومار ربط المحافظون الجدد في أمريكا واليمين الإسرائيلي المتطرف الإرهاب الحديث بالتشدد الإسلامي والعربي.
وفي هذا المؤتمر قدم برنارد لويس مؤلف كتاب “أزمة الإسلام” أول ربط فكري واضح بين الإرهاب والإسلام وناقش أن “الإسلام هو دين سياسي”. ولأن الإرهاب هو فعل سياسي للعنف فإن مصطلح “الإرهاب الإسلامي” ينطبق عليه، مضيفا أن الأمر نفسه ينطبق على اليهودية والمسيحية. ومنذ تلك اللحظة بدأ المحافظون الجدد واليمين الإسرائيلي بإقناع صناع السياسة أن “الإرهاب الإسلامي” سيحل محل الشيوعية كأكبر تهديد على الحضارة الغربية. وكانت المنفعة الإستراتيجية لهذا الحلف واضحة، فمن خلال ربط الإسلام بالإرهاب سيحصل المحافظون الجدد على تغطية سياسية لطموحاتهم الإمبريالية في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه سيحصل المشروع الصهيوني الاستعماري في الأراضي الفلسطينية على دعم من خلال حشد التعاطف الغربي في كفاحهم ضد “الإرهاب” الفلسطيني.
ونقل الكاتب عن المحاضر في جامعة نيويورك ريمي برولين قوله إن مصطلح الإرهاب كان غائبا عن الخطاب الأمريكي حتى مجيء رونالد ريغان والذي تبنى تعريفا “محددا وضيقا وقائما على الفهم الأيديولوجي للإرهاب وهو نفسه الذي تبناه المحافظون الجدد في أمريكا والحركات الليكودية الصهيونية. وظل الخطاب ساكنا ومحصورا داخل جماعات اليمين المتطرف الأمريكي حتى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001. لكن الإعلام الرئيسي بالإرهاب الإسلامي كان حاضرا فيما أسماه ناثان لين “صناعة الإسلاموفوبيا”- وهي رابطة من الجماعات التي حاولت التنفع شخصيا وسياسيا من شيطنة الإسلام.
واليوم فإن “الإسلاموفوبيا” ليست أصل العفن الكبير في قلب الديمقراطيات الغربية ولكنها سبب في صعود الحركات الفاشية الديكتاتورية وحركات اليمين المتطرف العنيفة. فبدون “الإسلاموفوبيا” لم يكن دونالد ترامب ليصبح رئيسا للولايات المتحدة، فقد بنى قاعدة دعم سياسي من خلال اتهام باراك أوباما بأنه أجنبي ولد مسلما، ولم يقدم أي إثبات على هذا.
وفي عام 2020، من المثير للدهشة هو صعود عدد من ملكيات الخليج مثل السعودية والإمارات لكي تصبح بين دول العالم الأكثر دعما للإسلاموفوبيا من خلال دعم الحركات اليمينية المتطرفة والحركات السياسية في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة.
وبدأت أيضا بنشر وترويج فكرة أن الإسلام هو طريق الإرهاب. وهذا واضح من الطريقة التي عبرت فيها هذه الحكومات عن موقفها من اضطهاد الصين للمسلمين الأيغور. وفي أعقاب الربيع العربي طورت هذه الحركات خوفا من الحركات الإسلامية والقاعدة.
وجاء في مقال لـ “فورين بوليسي”: “بناء على عدد من الحوارات التي جرت على مدى السنين وجدنا أن الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة تقوم برعاية الدوائر المحافظة واليمين المتطرف في الغرب والتي تدعم الأجندات المعادية للإسلام”. وأضافت: “يزعم الدعائيون العرب أن هناك رابطة أصيلة بين حركة التصحيح السياسي والميول للتقليل من الأيديولوجيات التي قادت للإرهاب. ويزعمون أن اليمين المتطرف في الغرب استخدمها لشرعنة جدله ومواقفه”. وفي عام 2017 نشر موقع “ذا انترسيبت” رسائل الكترونية مسربة بين سفير الإمارات في الولايات المتحدة وصف فيها الإسلام السياسي بـ “المشكلة التي يجب التعامل معها”، وأثنى على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “كشخص مستعد لمعالجة الأمر”. واليوم، أصبح أمرا عاديا قيام قادة دول الخليج كيل المديح والثناء على الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومودي وغيرهم من القادة المتطرفين الذين انتخبوا بناء على أجندة معاداة للمسلمين.
وفي النهاية، فالطريقة التي تطورت فيها “الإسلاموفوبيا” وانتشرت وأصبحت جزءا من الخطاب الرسمي تكشف عن فاعلية وفائدة هذا الشكل من العنصرية حول العالم.