ما الذي دار بين الشهيد محمد الدرة ووالده قبيل إعدامه على يد الاحتلال الإسرائيلي؟!
في الذكرى الـ 20 للانتفاضة الفلسطينية الثانية، تحدث والد الشهيد الطفل محمد الدرة، عن اللحظات الأخيرة المرعبة قبل إعدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لنجله بالرصاص.
أيقونة الانتفاضة
ويعتبر الطفل محمد الدرة، الذي استشهد يوم 30 أيلول/سبتمبر 2000، بعد يومين من انطلاقة شرارة الانتفاضة في 28 أيلول/ سبتمبر، عقب اقتحام رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق أرئيل شارون المسجد الأقصى المبارك، ايقونة ورمزا لـ”انتفاضة الأقصى” التي استمرت خمس سنوات .
ومن داخل منزل الشهيد الدرة الذي يقع بين أزقة مخيم البريج وسط قطاع غزة مسقط رأس الشهيد، أوضح جمال محمد أحمد الدرة من مواليد 1964، والد أيقونة الانتفاضة الثانية، أنه كان في طريقه إلى المنزل عائدا من مدينة غزة، لكنه لم يتمكن من الخروج من المنطقة التي وصل إليها في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة، بسبب “زخات” الرصاص الحي من قبل جيش الاحتلال.
ونوه في تصريحات صحفية، أنه لم يتمكن من مغادرة المكان الذي وصل إليه، فقام بالاحتماء من رصاص الاحتلال الكثيف خلف برميل من الباطون، ووضع نجله الشهيد (12 عاما) خلف ظهره لحمايته من وابل الرصاص.
وفي تلك اللحظات التي تضاعف فيها الألم خوفا على الطفل الدرة، حاول والده أن يتلقى عنه الرصاص بيديه، التي أصيبت بالعديد من الطلقات، رغم المعاناة الكبيرة في الإشارة لمن يطلق الرصاص المباشر صوبهم من جنود الاحتلال، أنه أعزل ولا يحمل أي شيء.
ووسط هذه الزخات الكثيفة من الرصاص التي وثقتها كاميرا قناة تلفزيونية فرنسية، لمشاهد إعدام حية للطفل الدرة الذي ظهر محتميا بوالده قبل 20 عاما، ذكر والد الشهيد الذي رافقه قبل إعدامه من قبل جنود جيش الاحتلال، أن محمد سأله: “لماذا يطلقون علينا النار هؤلاء الكلاب؟”.
وبين أنه في تلك الفترة من الزمن والتي استمرت نحو 45 دقيقة، لم يكن باستطاعته الرد على سؤال نجله قبل أن يستشهد، لانشغاله بحمايته من الرصاص، حيث أصيب محمد في قدمه اليمنى، وحينها حاول تهدئة طفله مع تواصل اطلاق الرصاص الإسرائيلي عليهم.
مصارعة الرصاص
ولفت إلى أن الشهيد قبل إصابته، كان يحاول تهدئته بقوله له: “بابا لا تخاف، أنا استطيع أن اتحمل”، منوها أنه شعر بعد ذلك بسكون محمد الذي لم يعد يخاطبه ويتحدث معه رغم انشغاله بمحاولة تلقي الرصاص عنه، ليكتشف أن طفله الجريح الذي لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليه، أصيب مرة أخرى في ظهره، وقد تمدد على قدم والده اليمنى ليرتقي شهيدا.
وأفاد جمال الدرة الذي أصيب بالعديد من الرصاصات، أنه شعر بالعذاب الشديد، لأنه فشل في حماية طفله من الرصاص الإسرائيلي، لافتا أنه بعد توقف إطلاق النار الذي كان “أقوى من زخات المطر”، تمكنت سيارة إسعاف من الوصول إلى المكان، وحملهم.
وأشار والد الشهيد الذي لم يتمكن من وداع ولده، أنه نقل في اليوم الثاني إلى مدينة الحسين الطبية في الأردن لتلقي العلاج، موضحا أن ما دار في ذهنه طيلة هذه القترة التي كان فيها “يصارع الموت”، أنه هو من سيقتل على يد جنود الاحتلال، وأن طفله الشهيد محمد سيبقى حيا، ولكن “قضاء الله أكبر من كل ذلك”.
وبحسب تقرير إحصائي صادر عن مركز المعلومات الوطني التابع للهيئة العامة للاستعلامات الفلسطينية، أكد أن عدد الشهداء منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2005، بلغ 4242 شهيدا، وعدد الجرحى 46068 منهم 8435 جريحا تلقوا علاجا ميدانيا
وبين أن عدد الشهداء الأطفال (أقل من 18 عاما) وصل 793، ووصل عدد الشهداء جراء القصف الإسرائيلي 732 شهيدا، فيما بلغ الإناث 270 شهيدة.