حرية أم تحرر وانفلات
الشيخ حسام أبو ليل- رئيس حزب الوفاء والإصلاح
إن الله تعالى خالق الكون بعلمه وحكمته وتدبيره، وهذا معلوم وواضح، فخلق الانسان حراً، ليس عبداً لمخلوق، لكنه عبد للخالق،
النجوم والكواكب والكائنات الحية من شجر وبحر ونهر ودواب تعمل وفق منظومة ربانية محكمة لا تحيد عنها لتبقى الحياة مستقرة وآمنة للإنسان ولا دخل للإنسان فيها، وإلا كانت الفوضى والدمار (وكل في فلك يسبحون)، تصوروا لو أن نجماً واحداً فقط له الحرية وسار بعكس مداره، ماذا سيحدث لكل المنظومة الفلكية، وكم تأثيرها الكارثي على البشرية!، لاحظوا الطواف، وحركات الصلاة ومواعيدها…، إذن النظام الرباني هو عين الاستقرار.
الإنسان فيه عقل وشهوة، وله نوع إرادة، النفس تميل وتشتهي وقد تتمادى في طلباتها وتنطلق متحررة، لكن العقل يضبطها، ذلك أن الإنسان منا مرتبط بمجتمع وعائلة وعلاقات وقوانين تضبطه ليبقى في دائرة الإنسانية والاحترام والاستقرار، وكل مجتمع أو شعب له هويته وخصوصيته، ولا يمكن أن نكون إمّعات خلف دعاة التحرر والانفلات بدعوى الحرية، مرة حرية المرأة في لباسها وجسدها ثم حرية الشذوذ الجنسي ثم علاقات شاذة أخرى، وهكذا، ثم نجد من يبرر ويحلل ويروج لتكون واقعاً يحرف مجتمعاتنا السوية ويهدم منظومتنا الأخلاقية والقِيَميّة، بل ويسلخوننا عن فطرتنا.
الإنسان حرٌّ في اختياراته، يختار ما يأكل وما يتعلم ويتزوج ويلبس…، ولكن ليس التحرر، فهناك منظومة قوانين وضوابط تلزم الناس بها من أجل الاستقرار والراحة والتعاون والانتاج، وإلا دبّت الفوضى والانحراف وجلبت التعاسة والمشقة في حياة الناس، فمثلاً: لك حرية أن تختار سيارتك من مال حلال بلا تبذير، لكن قوانين السير ملزمة لحفظ حياة الناس، فهل للسائق أن يتحرر منها وينطلق في مركبته يؤذي نفسه وغيره بدعوى الحرية؟! واضح أن هذا ما لا يقبله عاقل، لأنه يحدث خللاً في حياة المجتمع واستقراره.
قوانين العقوبات، ضوابط المؤسسات كافة ونظام الدول، جاءت لتنظيم الحياة مع أن فيها تقييداً “للحريات”، لكنها مقبولة معقولة، لأن الإنسان لو تُرك لأن يتحرر منها لكانت الفوضى بكل ما تعنيه الكلمة، فلا استقرار من غير منظومة قوانين تنظم الحياة الآمنة وهذا متفق عليه، ونعيب على من يخالفها بل ويستحق العقوبة، والعاقل يعتبر التحرر من الالتزام بها شذوذا وانحرافا وخيانة.
الزواج سنّة ربانيّة دعا لها الأنبياء لينظم الحاجة الفطرية بين الذكر والأنثى والترابط المجتمعي بين العائلات وتنظيم النسل وحفظ الصحة، فهل يقبل عاقل بالخيانة الزوجية بدعوى الحرية؟!
وكذلك في الطعام والشراب واللباس حرية الاختيار، ولكن له ضوابط أخلاقية ومجتمعية ووقائية تمنع التعدي والضرر.
بالتالي، لا يمكن أن يعيش الناس من غير ضوابط وقوانين ترتب حياتهم وتردعهم عن الانحراف ونشر الفوضى، فكيف نرفض منظومة قيم وأخلاق وضوابط فرضها الله تعالى خالقنا العليم الحكيم الخبير بما يصلحنا ولا يريد لنا إلا الخير في الدنيا والآخرة؟!