محامي عبدالله مرسي: جهات أمنية مصرية لم توافق على اغتياله
عقد مؤتمر صحفي بمناسبة الذكرى الأولى لوفاته
كشف المحامي البريطاني توبي كادمان، رئيس غرف العدل الدولية (غيرنيكا 37)، وباعتباره محاميا ومستشارا قانونيا لأسرة الرئيس المصري الشهيد محمد مرسي، جانبا من ملابسات ما وصفه باغتيال عبد الله مرسي، مؤكدا أن “بعض أجهزة الأمن المصرية لم تكن راضية عما حدث، في حين كان هناك جهاز بالدولة (لم يسمه) على علم بهذه العملية قبل تنفيذها”، بحسب قوله.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي، عقده، الأحد، بمقر غرف العدل الدولية بالعاصمة البريطانية لندن، بمناسبة الذكرى الأولى لوفاة عبد الله، الابن الأصغر للرئيس المصري المنتخب الشهيد محمد مرسي.
وقال كادمان: “في هذه المناسبة نسرد للرأي العام حقيقة ما حدث للراحل عبد الله مرسي الذي وكلني قبل وفاته بشهرين لأمثله في قضية والده الرئيس محمد مرسي الذي توفي في السجن في ظروف قاسية جدا وتقع مسؤولية وفاته على عاتق الدولة المصرية، التي يقودها الآن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي”.
وأضاف: “كان توكيل عبد الله لمكتبنا في الخارج بسبب استحالة تحريك أي قضية أو تحقيق مستقل وشفاف في الداخل في قضية الرئيس المصري الراحل في ظل غياب العدالة بعد الانقلاب العسكري على والده وتعرضه لفترة من سوء المعاملة والانتهاكات المستمرة للقانون وخرق الحماية الدستورية وحقوق الإنسان والحماية الإنسانية”.
وأردف المحامي البريطاني: “اليوم بعد عام من وفاة عبد الله في ظروف غامضة خارج منزله في العاصمة المصرية القاهرة، وبالقرب من منزله، نجدد مطالبنا للسلطات المصرية بضرورة التحقيق المستقل في وفاة كل من الرئيس المصري ونجله ورفاقه”.
“نتائج التحقيقات”
ودعا كادمان إلى ضرورة استلامهم “نتائج التحقيقات التي زعمت السلطات إجراءها، ولم تخرج للنور، وحُفظت للسرية القصوى، وهو ما يثير الشكوك حول تورط بعض مؤسسات الدولة في هذه العمليات من القتل”.
وتابع: “لقد تعرض عبد الله مرسي للقتل خارج منزله في 4 أيلول/ سبتمبر 2019، وهذا ادعاء أقرته ووجهته النيابة العامة المصرية بعدما أسندت تهمة الشروع في قتل وتهمة القتل العمد للمواطنة رندا علي شاكر علي عسران، وهي مواطنة مصرية متزوجة مقيمة في باب الشعرية بالقاهرة، ومن مواليد آب/ أغسطس سنة 1984، وقد حصلنا على كافة شهاداتها وتصريحاتها التي كانت متضاربة”.
وأشار كادمان إلى أن “رندا ظلت تُحاكم في جلسات مشورة سرية دون أي إعلان، وتم حفظ نتيجة تقرير الطب الشرعي لوفاة عبد الله مرسي تحت عنوان (سري للغاية)”.
وأوضح أنه “لم تعرض المتهمة على تحقيقات شفافة، إلا أن معلومات وصلت لمكتبنا مصدرها بعض الجهات الأمنية المصرية تكشف أن الرواية التي تبناها النظام عن وفاة عبد الله غير صحيحة؛ فالسيدة لم تكن لها معرفة بعبد الله، كما زعمت السلطات وقتها، ولم تكن بمفردها وقت مقتل عبد الله، بل كانت في صحبة شخص له اسم حركي (ميشو)”.
“مواد قاتلة”
وذكر أن “(رندا) و(ميشو) قاما بنقل عبد الله بسيارته مسافة تزيد على 20 كيلومترا إلى مستشفى بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة حقنه، كما يبدو، بمواد قاتلة، ولم يُنقل إلى مستشفيات قريبة عمدا حتى يموت، وأن أحد الأجهزة في الدولة كان يعلم عن هذه العملية فيما لم تعرف باقي الأجهزة المعنية بمتابعة عبد الله عن الجريمة وتفاجأت بها”.
وقال: “أُرسلت إلينا معلومات، مرفقة بمقطع فيديو يظهر نقل عبد الله إلى سيارته ماركة بسات فولكس، وحمله ميتا إلى مستشفى الواحة في هضبة الأهرام بالجيزة في تمام التاسعة ونصف وأربع دقائق يوم الأربعاء 4 أيلول/ سبتمبر 2019، ويظهر نزول المتهمة رندا عسران من السيارة، والمتهم الآخر (ميشو) وهو يرتدي تيشيرت أحمر”.
وأضاف: “من المؤسف أنه لم تستدع النيابة أو تبحث عن المتهم الذي سلّم مفتاح السيارة لموظف الاستقبال في المستشفى، واختفى بينما هو مَن قام بقيادة السيارة ومرافقة المتهمة إلى هناك لكنه اختفى دون أي خيط يكشف الحقيقة”.
وعرض كادمان مقطع فيديو يُظهر سيارة عبد الله مرسي، ويُظهر عبد الله محمولا على نقالة، وتظهر المتهمة رندا عسران، والشخص المجهول والمعروف باسم “ميشو”.
“موقف أجهزة الأمن”
وقال: “حصل فريقنا القانوني على معلومات تفيد بأن بعض أجهزة الأمن المصرية لم تكن راضية عما حدث لعبد الله الذي كان ينبغي أن يكون تحت حماية سلطات الدولة كمواطن مصري، بالإضافة إلى أنه يحمل جواز سفر دبلوماسيا”.
وذكر أن “نجل رئيس مصري سابق كان يفترض أن يخضع لأعلى درجات الحماية من الحرس الجمهوري، كما هو الحال مع أبناء جميع رؤساء الدول السابقين”، مشيرا إلى أن “النظام الذي يُعرف في مصر بنظام الاتحادية، ينظم الحماية والمزايا لأسر الرؤساء السابقين للجمهورية، وقد مُنح للجميع باستثناء أسرة الرئيس المنتخب ديمقراطيا الدكتور محمد مرسي، وهو شكل غير قانوني”.
واستطرد قائلا: “بدلا من توفير أعلى مستوى من الحماية بموجب القانون، تتعرض الأسرة باستمرار للخطر والتهديدات والتدخل في حياتها الخاصة، ويُحظر عليهم العمل، ونقل الأموال، ولا يمكنهم التملك”.
ودعا السلطات المصرية إلى “التعاون الكامل وغير المشروط في التحقيق في مقتل عبد الله مرسي، وتقديم الجناة أيّا كانوا إلى العدالة”.
وشدّد على ضرورة “إجراء تحقيق فعال في ملابسات وأسباب منع السلطات جنازته بناءً على إرادته ومعتقداته الدينية؛ فلا يوجد أي مبرر لمثل هذا التدخل”.
“إرث محمد مرسي”
وطالب السلطات المصرية بتحمل مسؤوليتها تجاه أسرة الرئيس كمواطنين في الدولة المصرية، ووقف الاضطهاد المستمر لمجرد أنهم من أفراد أسرة الرئيس السابق”، مضيفا أنه “لا يوجد مبرر للاضطهاد السياسي المستمر والمعاملة الانتقامية التي يتعرضون لها بشكل يومي. يجب أن يتوقف هذا الآن”.
واستطرد قائلا بأن “إرث الدكتور محمد مرسي بصفته الرئيس الأول والوحيد المنتخب ديمقراطيا لمصر سوف يظل قائما بغض النظر عن الخطوات التي يتخذها النظام العسكري الحالي في محاولة عقيمة لتشويهه”.
ودعا كادمان، وهو محام في المحكمة الجنائية الدولية، إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن أسامة مرسي، نجل الرئيس السابق، والمُحتجز منذ ما يقرب من أربع سنوات.
وأضاف: “لقد عرضنا عمليات قتل كل من الدكتور مرسي وابنه عبد الله -والتي تنطوي على مسؤولية الدولة- على المقررة الخاصة للأمم المتحدة، آغنيس كالامارد، وسنواصل الضغط من أجل العدالة، وقد تحركت الأمم المتحدة بخطوات إيجابية”.
وأيضا، دعا الإدارة الأمريكية -كما وعدت من قبل- إلى “حماية أفراد عائلاتهم من مواطنيها، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه مواطنيها من أسرة الرئيس مرسي، مع الحرص على حياتهم بعد وفاة عبد الله”.
ونوّه إلى أنهم سيعقدون حلقة نقاش عبر الإنترنت حول ذات القضية مع كبار الخبراء يوم الخميس المقبل في العاصمة البريطانية لندن، نظرا للقيود التي فرضتها جائحة كورونا.
وأشار كادمان إلى أن “مؤسسة (مرسي للديمقراطية) بادرت بتقديم جائزة سنوية باسم الراحل عبد الله مرسي في مجال دعم الشباب والحرية، وهي مبادرة تقوم على تخليد تضحية عبد الله مرسي من أجل وطنه وحق والده والدفاع عن المظلومين في طريق الحرية والديمقراطية”.