أزمة اليونان وتركيا.. أنقرة تعلن عن عاصفة البحر المتوسط وأثينا تتحدث عن دعم أميركي لها وتتواصل مع الناتو
أفادت وزارة الدفاع التركية بأن القوات المسلحة التركية وقيادة قوات السلام في جمهورية قبرص الشمالية تعتزمان إجراء مناورات في البحر المتوسط، في حين تحدثت اليونان عن مؤشرات على دعم أميركي لموقفها في المتوسط.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن المناورات مع قبرص الشمالية ستكون في الفترة ما بين 6 و10 سبتمبر/أيلول الحالي تحت اسم عاصفة البحر الأبيض المتوسط.
وأشارت الوزارة في بيان إلى أن هذه المناورات السنوية بين البلدين تشمل تدريبات للقوات البحرية والجوية تزامنا مع مناورات للقوات البرية.
ويأتي ذلك في وقت يحاول فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي تخفيف حدة التصعيد، في حين أعلن الجيش التركي أنه يواصل تحمل مسؤولياته وأداء مهامه شرقي البحر المتوسط، ويؤيد الحوار في الوقت ذاته.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن الأمين العام لحلف الناتو أعلن مبادرة لعقد اجتماعات بين العسكريين الأتراك واليونانيين على خلفية التوتر شرقي المتوسط، وإن بلاده تدعم هذه المبادرة.
وشدد أكار على أن القوات المسلحة ستحمي حقوق ومصالح تركيا وفقا للقوانين الدولية، مشيرا إلى أن اليونان سلّحت 16 جزيرة في بحر إيجة في خطوة تعد انتهاكا لاتفاقية لوزان.
تحركات يونانية
من المقرر أن يجري وزير الخارجية اليوناني، بحسب وسائل الإعلام اليونانية، اتصالات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ.
وكان وزير الخارجية اليوناني قد أجرى محادثات هاتفية مع فليب ريكر مساعد وزير الخارجية الأميركي.
ونقلت عنه صحف يونانية قوله عقب تلك المحادثات إن الأميركيين يكثفون جهود تخفيض التوترات، وإن جملة من المؤشرات تُظهر أن الطرف الأميركي يتبع نهجا مؤيدا لبلاده.
وكان وزير الخارجية اليوناني قال عقب محادثات هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة إن المفاوضات مع تركيا يمكن أن تتم بمجرد مغادرة السفن التركية الجرف القاري اليوناني.
وأعلن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ في وقت سابق أن البلدين العضوين في الحلف “اتفقا على الدخول في محادثات تقنية في مقر الحلف لوضع آلية من أجل منع وقوع أي نزاع عسكري وخفض احتمال وقوع حوادث في شرق المتوسط”.
ولكن اليونان نفت الخميس أن تكون اتفقت على عقد محادثات برعاية حلف شمال الأطلسي مع تركيا لخفض تصعيد التوتر بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز.
وقالت وزارة الخارجية اليونانية إن المعلومات المنشورة التي تزعم أن اليونان وتركيا اتفقتا على عقد ما أطلق عليها “محادثات تقنية” لخفض التصعيد في التوتر في شرق المتوسط لا تتطابق مع الحقيقة.
وتعقيبا على ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن اليونان كذبت بشأن مبادرة الأمين العام لحلف الناتو التي وافقت عليها في البداية قبل أن تتراجع لاحقا.
جزيرة ميس
وخلال الأيام الماضية جرى رصد تحركات عسكرية يونانية غير معتادة في جزيرة ميس، وتقع هذه الجزيرة -التي تفرض اليونان عليها سيادتها- على بعد كيلومترين فقط من ساحل بلدة كاش التركية في ولاية أنطاليا، وتبعد عن البر اليوناني أكثر من 580 كيلومترا.
ورصدت خدمة سند للرصد والتحقق في الجزيرة صور أقمار صناعية ومقطع فيديو تظهر تحركات عسكرية يونانية في الجزيرة وجزيرتين أخريين مجاورتين لها.
وتظهر الصور -التي تأكدت سند من صحتها- وجود جنود يونانيين وعربات عسكرية في الجزيرة.
وأظهرت صور أخرى قوات وتحصينات يونانية على جزيرة رو التي تقع على بعد 5 كيلومترات غرب ميس، وكذلك على جزيرة ستروغيلي شرق ميس.
الدور الفرنسي
وحول الوجود الفرنسي في شرق المتوسط، قال أكار “لا توجد أي علاقة لفرنسا بالمنطقة، ولا حدود لها، وليس لها أي تمثيل في الاتفاقيات المبرمة، وليست لها صلاحية لتمثيل الناتو أو الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف “جاءت (فرنسا) من مسافة آلاف الكيلومترات لتتحدث عن مبادئ ومزاعم في عدة قضايا”، مشيرا إلى أنها أحضرت عتادها العسكري إلى المنطقة وشاركت في مناورات عدة.
وقال “تفعل ذلك باسم (بذريعة) خفض التوتر، على العكس تماما، فهي تزيد من التوتر، وهم يعلمون أن ما يفعلونه خاطئ”، وإن “التصريحات التي يدلون بها (الفرنسيون) واللغة والأسلوب والمواقف المستخدمة من قبلهم ليست صائبة ولا تخدم الحوار والسلام”.
وأكد أن فرنسا “تعتقد أن بإمكانها فعل ما يحلو لها ليس في شرق المتوسط وحسب، بل تطلق التصريحات من العراق أيضا”، محذرا من أن “هذه الأمور لا تخدم السلام والحوار، ولا تنسجم مع روح التحالف (الناتو)، بل هي تصرفات عاطفية، وللعلم فإن هذه الخطوات ليست لها أي نتيجة”.
ودعا وزير الدفاع إلى التأمل في السياسة ذات الوجهين لفرنسا وللرئيس إيمانويل ماكرون، مشيرا إلى أن الأخير وصف في تصريحات سابقة حلف الناتو بأنه “ميت سريريا” ثم اختبأ وراء الحلف وخلف الاتحاد الأوروبي.
كما لفت إلى أن ماكرون يعتبر توجيه الإساءات لنبي الإسلام الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) “حرية تعبير”، ولكنه لا يتحمل سؤالا بريئا من أحد الصحفيين.
تحرك أوروبي
من جهته، يسعى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل لعقد مؤتمر متعدد الأطراف للمساعدة في تخفيف حدة التوتر في شرق المتوسط بشأن الأنشطة التركية للتنقيب عن الغاز.
وقال ميشيل إنه طرح فكرة عقد المؤتمر على تركيا وشركاء آخرين. وأضاف أنه لا يوجد رد فعل سلبي على عقد المؤتمر، رغم أنه لم يتلق بعد إشارات بالقبول، وأوضح ميشيل أنه سيزور الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (اليونان وقبرص ومالطا) لمناقشة الأمر قبل قمة الاتحاد المقررة يوم 24 من الشهر الجاري، ومن المنتظر أن تتصدر قضية شرق المتوسط جدول أعمال القمة.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لليونان وقبرص في مواجهة تركيا بشأن أزمة شرقيِ المتوسط.
وقال المتحدث باسم لجنة السياسات الخارجية في الاتحاد بيتر ستانو إن دعم البلدين هو أمر أساسي لأعضاء الاتحاد، وأوضح أن الحوار هو السبيل الوحيد لنزع فتيل التوتر بين الجانبين.
وأضاف “هذا ما ننتظر أن نراه ونريده في هذه المرحلة، وهو ما سيجلب استقرارا بشكل دائم”.
وكالات