هل يتم تبرئة قتلة الشهيد المقدسي إياد الحلاق؟!
رغم ظهور معلومات تؤكد أن الشهيد المقدسي إياد الحلاق (32 عاما)، لم يشكل خطرا على أحد، لكن على ما يبدو تتجه سلطات الاحتلال إلى تبرئة قتلته.
وبحسب معلومات مستقاة من إفادتي ضابط وشرطي في حرس الحدود الإسرائيلي، اللذان اشتركا في إعدام الشاب إياد الحلاق، في البلدة القديمة في القدس المحتلة، فإنه لم تكن هناك حاجة لإطلاق النار على الشاب المقدسي وأنه لم يشكل أي خطر على أي أحد.
يذكر أن الحلاق (32 عاما) كان من ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى طيف التوحد، واستشهد عندما كان متوجها إلى مدرسته، صباح يوم 30 أيار/مايو الماضي.
ويتضح من إفادة الضابط أنه يحاول إلقاء اللوم على شريكه الشرطي في حرس الحدود وتحميله كامل مسؤولية إعدام الحلاق. ونقلت صحيفة “هآرتس” اليوم، الخميس، عن الضابط قوله في إفادته أمام محققي قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة الإسرائيلية (ماحاش)، إن شرطيا تواجد في منطقة باب الأسباط اعتبر أن تصرف الحلاق مشبوه وصرخ “مخرب”، وبعدها بدأ الضابط وشرطي حرس الحدود (21 عاما) بمطاردة الحلاق.
وحسب الضابط، فإنه “كنا نطارده وفي مرحلة معينة أطلقت النار باتجاه القسم السفلي من جسده. ولم ألحظ أنه أصيب”. وبعد أن دخل الحلاق إلى “غرفة النفايات” التي وصفها الضابط بأنها “طريق مسدود”. وتابع الضابط “عندما وصلت، نظرت إلى الشاب وصرخت “توقف عن إطلاق النار”. وقصدت توجيه كلامي إلى أفراد الشرطة الذين حضروا ولشريكي. وبعد ذلك أطلق شريكي النار وصرخت مرة أخرى “أوقف إطلاق النار، أوقف إطلاق النار”. ويبدو أن المشتبه (الحلاق) قام بحركة ما جعلت شريكي يطلق النار مرة أخرى”.
وأضاف الضابط أنه “تواجدت منذ سنتين ونيّف في هذه المنطقة، وأعرف ماذا تعني قابلية الاشتعال في هذا المكان. وكانت لدي فجوة بين التقرير الذي تلقيته في البداية والذي بموجبه أن هذا حدث تخريبي وبين الوضع في غرفة النفايات. فهذا مكان مغلق ولا توجد فيه طريق للهروب. وهو (الحلاق) لم يهاجم ولم يفعل شيئا. ولم يكن واقفا بكل تأكيد. ولم يكن يشكل خطرا علي في تلك الوضعية”.
وعندما قال له المحققون أنه يتحمل مسؤولية كقائد القوة في هذه المنطقة، حول الضابط المسؤولية إلى شرطي حرس الحدود، قائلا “اسألوه لماذا أطلق النار، فقد تعيّن عليه أن ينصاع إلى أوامري. وكان ينبغي أن نفحص المشتبه عن بعد، واستجوابه. وبعد ذلك جاء جميع الضباط واستمعوا إلى كلينا. ورويت ما حدث وقلت أمامهم أنه أصدرت أمرا بوقف إطلاق النار”.
وحسب التحقيق، فإن شرطي حرس الحدود كان جديدا، فقد التحق بالخدمة قبل نصف سنة وأنهى دورة تأهيل قبل ارتكابه الجريمة بأسابيع معدودة. وقال خلال التحقيق معه إن أطلق النار بسبب التوتر في البلدة القديمة، وصراخ شرطي بأن الحلاق “مخرب”.
لكن إفادته جاءت مختلفة عن إفادة الضابط المسؤول عنه، وقال إنه “لم أسمع “أوقف إطلاق النار”، وعملت بموجب ما علمونا. وبالنسبة لي الحديث يدور عن مخرب، أطلق الضابط النار عليه قبل أن ندخل إلى الغرفة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن تحقيق “ماحاش” اقترب من نهايته، إلا أن المحققين لم يجروا مواجهة بين الضابط والشرطي، خاصة إثر اختلاف إفادتهما. وأضافت الصحيفة أن كاميرات التصوير في “غرفة النفايات”، وهي تابعة لمقاول، لم تعمل في ذلك اليوم، إلا أن كاميرات شبكة “مباط 2000” التي تغطي البلدة القديمة، وثّقت ما حدث قبل ذلك.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في جهاز إنفاذ القانون الذين شاهدوا مقاطع فيديو، لم تنشر على الملأ، قولهم إن تصرف الحلاق كان “مشبوها جدا” ومن شأنه أن يجعل أفراد الشرطة يعتقدون أنه “مخرب”، بادعاء أنه كان يحمل قفازات سوداء وسار باتجاه باب الأسباط فيما كان يلتفت إلى الوراء طوال الوقت. وأضافوا أنه عندما دخل إلى البلدة القديمة اختبأ خلف عمود من الإسمنت، ونظر إلى الشرطة في الساحة المقابلة.
وتبين لاحقا أن تصرف الحلاق ناجم من كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى طيف التوحد، وأنه كان يحمل قفازا، وادعى أحد افراد الشرطة بأنه اشتبه أنه مسدس. وفي وقت لاحق، قال الشرطي نفسه للمحيطين به إنه أخطأ وتعين عليه تحذير الحلاق، أو مطالبته بالتوقف من أجل تشخيص هويته وليس الإعلان عنه أنه “مخرب”، وهو “الأمر الذي حسم مصير الحلاق”، حسب مصدر مطلع على تفاصيل التحقيق. وقال المصدر إن مقاطع الفيديو تظهر أن أفراد شرطة طاردوا الحلاق أيضا.
وحسب المصادر التي شاهدت مقاطع الفيديو لمطاردة الحلاق، فإنه لا تظهر فيها معلمة الحلاق التي أفادت بأنها صرخت باتجاه أفراد الشرطة أن تلميذها “معاق”. وقالوا إنها حضرت إلى المكان بعد بضع دقائق. لكن شرطي حرس الحدود القاتل، قال خلال إفادته لدى “ماحاش” إنه خلال المطاردة سمع صوت امرأة تصرخ بهلع. وقال إنه اعتقد حينها أن هذه امرأة مذعورة بسبب الخوف من عملية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطي القاتل أدلى بإفادة لدى “ماحش” مرة واحدة فقط وفي اليوم الذي وقعت فيه الجريمة، بينما استمع المحققون للضابط مرتين. وسينهي المحققون التحقيق خلال أيام ويسلموا استنتاجاتهم إلى النيابة العامة. ويتوقع إغلاق الملف ضد الضابط، الذي تسرح من الخدمة في هذه الأثناء. كذلك يتوقع عدم محاكمة الشرطي القاتل، بزعم أن ما حدث كان خطأ في ترجيح الرأي وليس قتلا متعمدا.