إيكونوميست: هل أصبحت منصة “فيسبوك” أداة للديكتاتوريين العرب وتعقب الناشطين؟
اتُهمت شركة “فيسبوك” بالخنوع للديكتاتوريين العرب. ويرى نقادها في المنطقة أن فيسبوك ومنصتها باتت تمارس الحذر في تعاملها مع المستخدمين وتعليقاتهم لئلا تغضب السلطات التي تسمح لها بالعمل.
وتقول مجلة “إيكونوميست” في تقرير لها تحت عنوان “بأصدقاء كهؤلاء.. فيسبوك تنحني لإرادة الديكتاتوريين العرب” وأشارت فيه لما حدث لسارية البيطار، أحد مستخدمي المنصة في إدلب السورية، كمثال على أن الناشطين لم يعودوا قادرين على فهم طريقة تفسير الشركة للقوانين.
ويقول البيطار، المهندس المعماري، إن الرسالة التي تلقاها كانت صاعقة: “تم تجميد حسابك بشكل دائم لأنك لم تتبع معايير مجتمع فيسبوك”. وجاء في الرسالة من الشركة العملاقة: “للأسف لن نكون قادرين على إعادة تفعيله لأي سبب”.
ويعلق البيطار أن 14 عاما من صور العائلة والذكريات ويومياته عن الحرب الأهلية السورية، إلى جانب 30.000 متابع محيت بجرة قلم. وكان البيطار حذرا في منشوراته، فهو لم يصف قتلى المعارضة بالشهداء، ولم ينشر صورا بشعة عن الجرائم. ويشك أن السبب وراء إسكاته هي اهتمامه بنجم كرة قدم سوري قام بعد أشهر من الاحتجاجات بحمل السلاح وقتل على يد نظام بشار الأسد.
وتعلق المجلة: “في منطقة يحكمها الديكتاتوريون تزعم شركة فيسبوك أنها تعطي حرية التعبير أقصى مستوى ممكن، وهو ما منحها شعبية، فالمنصة لديها مستخدمون في دول الخليج أكثر من أي دولة في العالم بالنسبة لعدد السكان، بل ونسب إليها الفضل في انتفاضات الربيع العربي عام 2011. إلا أن الشركة ومنذ اكتتابها عام 2012 أصبحت أكثر حذرا مع الديكتاتوريين الذي يسمحون لها بالعمل، كما يقول النقاد وأقل تسامحا مع الناشطين”.
ففي الأشهر القليلة الماضية قامت المنصة بعملية إعدام لمئات المستخدمين في تونس وإيران وحذفت مئات الآلاف من المنشورات. وتقول مروة فطافطة من منظمة “أكسس ناو”: “يشعر الكثيرون أن فيسبوك لم تعد المنصة التي يمكنهم استخدامها لمحاسبة الأقوياء”.
يضاف هذا إلى التحديات الأخرى التي تواجهها الشركة بعدما خسرت سلسلة من الشركات التي أوقفت دعايتها على المنصة بسبب فشلها في وقف محتويات الكراهية.
وترى المجلة أن الحجم هو جزء من المشكلة، فلدى “فيسبوك” 2.7 مليار مستخدم يكتبون بلغات أجنبية. ويتم فحص المنشورات والتأكد من خلوها من محتويات كراهية أو دعوات للتحريض. لكن الفريق المتخصص في التحكم بالمحتويات ويبلغ عدده 15.000 شخص يواجه صعوبات في متابعة ما ينشر، وهناك عدد كبير منهم لا يعرف اللغة الغربية أو لهجاتها، ولهذا تعتمد الشركة على الفلترة الآلية والتي عادة ما تخطئ. فهي بالعادة تفحص كلمات بعينها لكنها لا تفهم المحددات الثقافية والسخرية عند استخدامها. ولا تقدم شركة فيسبوك أي مبرر لحذفها محتويات، كما تقول وفاء بن حسين، الناشطة التونسية-الأمريكية والمحامية في مجال حقوق الإنسان.
والشركة ملزمة بالقانون الأمريكي، حيث تتعامل الولايات المتحدة مع عدد من اللاعبين في الشرق الأوسط كإرهابيين. وتحظر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان، وحركة حماس وعددا من المنظمات الإسلامية المسلحة.
وعادة ما تسمح القنوات الإعلامية لعدد من ممثلي هذه الحركة فرصة للظهور على الهواء، إلا أن فيسبوك لديها سياسة وتلتزم بتفسير متشدد للقانون ضد دعم ومساعد ة الإرهابب، وتقوم في هذه الحالة بمنع الناس المتعاطفين مع هذه الجماعات أو تحذف المحتويات التي تشير إليهم. وحتى أعداء حزب الله يقومون بكتابة اسمه بطريقة تمنع فيسبوك من حذف منشوراتهم.
وأصدرت الحكومات العربية قوانين ضد الجريمة الإلكترونية والإرهاب على الإنترنت من أجل بث الخوف بين شركات التواصل الاجتماعي ومستخدميها. وتحاول الشركة “الالتزام” بالأوامر المحلية، وافتتحت مكتبا لها في دبي للتنسيق مع المسؤولين في المنطقة.
ويقول مسؤول خليجي إن “المنصات الرقمية تعمل جهدها للتعاون مع المنظمين وتجنب تداعيات خرق التنظيمات المحلية”. وتقوم الحكومات باستخدام وسائل أكثر مكرا، مثل تهديد الشركة بفرض الضريبة على موارد فيسبوك في البلد ودعاياتها.
وتقوم بعض الأنظمة بتعبئة جيوش إلكترونية لغمر فيسبوك بمحتويات تهاجم الجماعات المعارضة. وفي إسرائيل مجموعة رقابة اسمها “إكت.إل” لديها 15.000 متطوع على الإنترنت من 73 دولة لمراقبة المنصة.
ولهذا يقول النقاد إن فيسبوك تقوم بمراقبة المحتوى الفلسطيني بقوة أكثر من المحتوى الإسرائيلي. وفي محاولة لاستعادة ثقة المستخدم، قامت الشركة بحذف مئات الحسابات المزيفة التي تدعم السعودية وإيران ومصر، وأعلنت في أيار عن مجلس رقابة سيعمل كـ”محكمة عليا” وسيتلقى استئنافات ويراقب المواقع الحكومية للبحث عن محتويات تحريضية.
وقالت توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل، والتي تعمل في واحد من مجلس حكماء فيسبوك: “التنصيف الإرهابي الرسمي لن يعمينا، خاصة عندما يأتي من حكومات ديكتاتورية تسيء استخدام الإرهاب لانتهاك المعارضين”.