اكتشاف خفافيش جديدة “أبناء عمومة” خفاش كورونا
في دراسة جديدة نشرت في عدد خاص عن جائحة فيروس كورونا بمجلة “زوكيز” (ZooKeys)، أعلن الباحثون اكتشاف أربعة أنواع جديدة على الأقل من الخفافيش ذات الأنف الورقي الأفريقي، من أقارب خفافيش “حدوة الحصان” التي يعتقد أنها كانت المضيف للفيروس الذي تسبب في وباء “كوفيد 19”.
لا يحمل أي من هذه الخفافيش الجديدة مرضا يمثل مشكلة في الوقت الحالي، لكن الباحثين يؤكدون على أهمية دراستها استعدادا لأي تفش للأمراض مستقبلا.
الاكتشاف الجديد
يكتسب الاكتشاف الجديد أهمية خاصة في ظل جائحة فيروس كورونا، إذ بالرغم من أن الأنواع الجديدة من الخفافيش ذات الأنف الورقي لم تلعب دورا في هذه الجائحة، فإن أقاربها من خفافيش “حدوة الحصان” نقلوا الفيروس إلى ثدييات وسيطة نشرته بدورها بين البشر. كما أنها ليست المرة الأولى التي يصاب فيها البشر بمرض مصدره الخفافيش.
وتنتمي الأنواع الجديدة من الخفافيش إلى عائلة تعرف علميا باسم “إيبوزيديريداي” (Hipposideridae)، وهي منتشرة في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأستراليا.
ووفقا للدراسة، فإن الخفافيش الجديدة كانت مختبئة على مرأى من الجميع لأنها تشبه الأنواع المعروفة سابقا، وقد تم تحديدها من خلال التحليل الجيني، ويطلق عليها بشكل عام “خفافيش الأنف الورقي”، حيث لم تُسمّ حتى الآن بأسماء محددة.
أهمية دراسة الخفافيش
تلعب الخفافيش دورا كبيرا في حياة البشر، فهي تلقح المحاصيل وتأكل البعوض الحامل للأمراض، وعليه فإنها تحمل الأمراض بنفسها.
غير أننا لا نعرف شيئا عن معظم هذه الحيوانات، إذ هناك أكثر من 1400 نوع من الخفافيش، وقد تعرف العلماء على 25% منها فقط خلال السنوات الـ15 الماضية.
وبالنسبة لمعظم الخفافيش، لا يعرف العلماء كيف تطورت وأين تعيش وكيف تتفاعل مع العالم من حولها. ويمكن أن يكون هذا القصور المعرفي أمرا خطيرا، لأنه كلما عرفنا عن الخفافيش أكثر، زادت قدرتنا على حمايتها والدفاع عن أنفسنا ضد الأمراض التي يمكن أن تنشرها.
يقول بروس باترسون مشرف برنامج “ماك آرثر” للثدييات بمتحف “فيلد” للتاريخ الطبيعي في شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن “فيروس كوفيد 19 الذي ينتشر بين البشر، نشأ في خفاش حدوة الحصان بالصين”.
وأضاف باترسون أن “هناك 25 أو 30 نوعا من خفاش حدوة الحصان في الصين، ولا يمكن لأحد تحديد أي واحد هو المتورط، لذا نحن مدينون لأنفسنا بمعرفة المزيد عنهم وعن أقاربهم”.
أما بالنسبة للخفافيش الجديدة، فيقول الباحث المشارك في الدراسة تيري ديموس إن “الخفافيش ذات الأنف الورقي تحمل فيروسات تاجية، ليست هي السلالة التي تؤثر على البشر اليوم، ولكن هذه بالتأكيد ليست المرة الأخيرة التي ينتقل فيها الفيروس من الثدييات البرية إلى البشر.. إذا كان لدينا معرفة أفضل عن هذه الخفافيش، فسنكون مستعدين بشكل أفضل إذا حدث ذلك”.
الخوف من الخفافيش
يحث الباحثون في الدراسة على عدم أخذ موقف من الخفافيش بسبب كونها مصدر جائحة كورونا، ويؤكد باترسون أن “جميع الكائنات الحية تحتوي على فيروسات، وحتى الورود في حديقتك تحتوي على فيروسات.. إننا نقلق بشأن الفيروسات عندما يتعلق الأمر بالإنفلونزا والأوبئة، لكن الفيروسات جزء من الطبيعة والعديد منها غير ضار”.
ولكن بينما تحمل جميع الحيوانات الفيروسات، تتميز الخفافيش بنقلها إلى البشر، وقد يكون ذلك بسبب أنها من أكثر الثدييات الاجتماعية التي تعيش في مستعمرات تصل أعداد أفرادها إلى 20 مليونا، أو بسبب قدرتها على الطيران.
وتحمل الخفافيش العديد من العوامل المسببة للمرض دون أن تمرض لأن لديها أنظمة مناعة قوية، وحمضها النووي قادر على إصلاح نفسه عند التلف. كما أنها لا تتواصل كثيرا مع البشر، وما لم تحاول البحث عنها، إما لمضايقتها أو قتلها، فمن غير المحتمل أن تصيبك.