جمعية بصائر الخير تخرّج نور محمود جبارين أصغر حافظة للقرآن الكريم على مستوى أم الفحم
إيمان مصري
في كل مناسبة وفي كل حادثة يكون لجمعية بصائر الخير الأهلية بصمة مفرحة تدخل الفرحة والأمل على قلوب مجتمعنا خاصة وأمتنا عامة، وها نحن اليوم أمام مشهد فخر واعتزاز وبركة عندما تتخرج الحافظة نور محمود عصام جبارين ابنة مدينة أم الفحم والتي تدرس في صف السادس في مدرسة عمر بن الخطاب، وتتم الحفظ كاملًا في ذكرى الإسراء والمعراج، لتعم الفرحة على كل من سمع وعلم بختمها حفظ القرآن الكريم كاملًا.
بدأت حكاية نور عندما رأت أمها فيها الذكاء والفطنة وسرعة الحفظ، فتوجهت لصديقتها المربية ماجدة جبارين والمربية اسلام فياض من جمعية بصائر الخير واللاتي رافقن نور منذ اللحظة الأولى وحتى إتمامها الحفظ، بدأت نور الحفظ في عطلة الصيف قبيل صف الخامس حيث التحقت بمعهد التحفيظ المكثف بمركز البينة في عمارة الشافعي. ومنذ اللحظة الأولى تميّزت نور بذكائها وارادتها القوية.
في السنة الماضية كرّمت بصائر الخير نور لحفظها ثمانية عشر جزءا خلال سنة فقط، ومنذ الصيف الماضي عكفت نور على إتمام الحفظ.
وفي حديث معها تقول: “رغم الصعوبات والتحديات استطعت بفضل الله أن أحقق هدفي وحلمي في إتمام حفظ القرآن الكريم، أشكر كل من شجعني كما وأشكر مربي صفي الأستاذ عز الدين جبارين معلم التربية الإسلامية الذي كان يدعمني في مسيرة الحفظ، أشكر أمي وأبي فقد بذلا كل جهد معي لأتم الحفظ، وشكري الكبير لمعلمتي ماجدة التي أوصلتني إلى ما وصلت اليه اليوم بعد فضل وتوفيق الله تعالى”.
وأنا أسمعها كنت أقول في نفسي، كيف استطاعت نور أن تتم حفظ 12 جزءًا من القرآن الكريم منذ صيف السنة الماضية حتى اليوم وهي ما زالت تدرس في المدرسة وتقوم بواجباتها المدرسية وماذا عن كونها طفلة تحب اللعب والمرح وتمضية الوقت في الراحة والشاشات الالكترونية . فلما أجابت علمت السر، ان هذه الطفلة وضعت أمام عينيها هدفًا بتوجيه أمها ومربيتها وصممت على بلوغه مهما كانت الصعوبات وكما قالت في بداية حديثها الذي للحظات ظننت أنه يخرج من صبية واعية في العشرينات من عمرها لكنها فعلا نور على نور “لا أنكر أني واجهت الصعوبات…” أدركت أنها ستواجهها فتسلحت بالإرادة.
كانت تعود من مدرستها وتصل بيتها الساعة الثانية تأكل وترتاح حتى الساعة الرابعة ثم تقوم بواجباتها حتى الساعة الخامسة، ثم تركز على الحفظ لمدة ثلاث إلى أربع ساعات. قبل ذلك تقول نور كنت أقوم بواجباتي بعد أن ارتاح واقضي وقتي على التابليت او على اللعب دون أن أنجز شيئا. علمني حفظ القرآن كيف يمكن أن أستثمر وقتي وأن انجز أشياء عظيمة رغم صغر سني وضيق وقتي، وكيف أستثمر مواهبي وقدراتي وأطورها.
تقول نور في رسالة توجهها إلى بصائر الخير: شكرًا، لن أنسى جهدكم ولن أنسى فضلكم عليّ حتى آخر يوم في حياتي. أما لأهلي فأقول شكرًا على تشجيعكم، أتمنى اليوم وقد أتممت الحفظ أن يكون تاج الوقار من نصيبكم وأتمنى أن أكون نعم الابنة الوفية والبارة لكم، أتمنى أني قد حققت ما تمنيتموه وحققت رغبتكم.
أما مربيتها ماجدة جبارين فتقول: اكتشفت موهبة نور عندما أتت إليّ في معهد التحفيظ المكثف، كانت تحفظ خمس صفحات يوميا ثم بفضل الله استطاعت أن تحفظ عشر صفحات مما كان يؤكد لي أنها بنت مميزة ذهنيا وعقليا وإيمانيا، نور تتميز أنها صاحبة مسؤولية كانت اطلب منها أن تنهي مقدار كذا صفحات في يوم كذا، فتأتي وقد أنجزت ما عليها، سنة ونصف ختمت المصحف رغم امتحاناتها. وما ميز علاقتي بنور أني أحببتها من كل قلبي ولن أتركها إلى آخر يوم في حياتي، فسيبقى بيتي مفتوحًا لها.
في آخر فترة وضعت مع نور هدفًا أن تتم الحفظ بتاريخ 21-3-2020 فحصل ذلك كما تمنينا بفضل الله وتوفيقه، كانت نور تحفظ 3 أجزاء في الأسبوع، كل يومين جزء وامتحان رغم فترة الامتحانات التي كانت لديها قبل أن تبدأ أحداث الحجر والتي استثمرتها نور في الحفظ فكان ذلك خيرًا لها ولنا إن شاء الله. وتضيف: أفتخر أن عندي بنت مثل نور، كلي اعتزاز أنها أنهت الحفظ بفضل رب العالمين، عندما أتمت الحفظ حضنتها بقوة ووعدتها أني سأبقى معها حتى تتم التثبيت، وتحصل على الإجازة والأحكام، ربنا يقدرنا إن شاء الله.
وفي حديث مع اسلام فياض مسؤولة مركز البينة قالت تميزت نور بالذكاء وسرعة الحفظ والاتقان، كسبناها بيننا والحمد لله حاولنا أن نقوم بكل جهد لتتم الحفظ وسنبقى ندعمها ونشجعها وهي التي تسلحت بالإرادة والمسؤولية، كانت تأخذ المصحف معها على المدرسة حتى تستثمر وقتها في الحفظ، تستحق بكل ثقة وجدارة أن تكون أصغر حافظة لكتاب الله على مستوى مدينة أم الفحم في جمعية بصائر الخير، ولنا الفخر ولله الفضل والمنّة.
أما أمها فتشكر الله عز وجل بأن وفقها لتدفع ابنتها لمعهد التحفيظ وجميعة بصائر الخير وها هي اليوم تدفع وتشجع ابنائها الباقيين ليكونوا مثل نور، لقد حاولت أن أشجع نور على الحفظ، كنت اتنازل عن الخروج من البيت والقيام ببعض المهمات التي عليّ حتى أدعمها وأساندها والحمد لله كنا أنا ووالدها معها في كل وقت وها هي اليوم تتم الحفظ بفضل الله تعالى وفرحتنا بها لا حدود لها ولله الحمد والمنّة. ويضيف والد نور محمود عصام جبارين: أقول لكل من كان له حظ في تدريس وتحفيظ نور لكتاب النور، نسأل الله أن تنير نور عليكن نورًا من نور يوم القيامة.
تتوجه جمعية بصائر الخير الأهلية بإدارتها وطواقمها ومربياتها وطلابها بأسمى التهاني وأجمل التبريكات للطالبة المتألقة نور محمود عصام جبارين لإتمامها حفظ كتاب الله تعالى وسط ما نعيشه من ظروف عصيبة سائلين الله تعالى أن يعود هذا الجهد المبارك بالبركة والخير العظيم علينا وأن يرفع البلاء ويقضي على الوباء ويردنا إليه ردًا جميلا.