“القروض الرّبوية وبيع الشيكات مقابل نسبة مئوية”..مقابلة مع الدكتور مشهور فواز
السّبب الأكبر وراء الخلافات والنزاعات والفساد الاقتصادي والاجتماعي
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الاقتراض بالرّبا وبيع الشيكات والمتاجرة بها مقابل نسبة مئوية يدفعها حامل الشيك للصرّاف، وهذه الشيكات قد تكون مؤجلة في الغالب كما وقد تكون نقدية، وقد ترتب على هذه المعاملات مشاحنات وخلافات وخراب بيوت كما يقال في العامية، وحول هذه الظّاهرة وأحكامها الشّرعية تواصلت موقع “موطني 48” مع الدكتور مشهور فوّاز – رئيس المجلس الاسلامي للإفتاء:
موطني 48: ما هي أسباب انتشار هذه الظّاهرة ?
د. مشهور فوّاز: الحقيقة هنالك أسباب عديدة تقف وراء انتشار هذه الظّاهرة ، أهمها:
1 . ضعف الوازع الدّيني يعتبر السّبب الأول لانتشار مثل هذه الظّاهرة ، بحيث لو كان هنالك حسّ إيماني صادق لما كان لهذه المعاملة المحرمة أن تنتشر هذا الانتشار الكبير بين النّاس.
2 . حاجة حامل الشيك واضطراره من ناحية وطمع الصّراف الذّي يتعامل بمثل هذه المعاملات الربوية من ناحية أخرى.
3 .عدم تمكّن حامل الشيك لإدخاله على حسابه بسبب الحجز على حسابه أو نحو ذلك، ممّا يضطره للذّهاب إلى صرّاف ليصرفه مقابل نسبة مئوية بدلاً من أن يخسره كلّه.
موطني 48: ما هو موقف الشرع في بيع الشيكات مقابل نسبة معينة؟
د. مشهور فوّاز: إنّ بيع الشيكات مقابل نسبة مئوية قلّت أو كثرت يعتبر عقداً ربوياً وهو محرّم بالاتفاق بل وبالإجماع ويسمّى عند الفقهاء بربا الفضل هذا إذا كان الشيك نقدياً، وإذا كان مؤجلاً يسمّى ربا فضل ونساء.
موطني 48: هذا يعني أن الذّي يتعامل ببيع الشيكات يعتبر مرابياً وهل هذا الحكم ينطبق أيضاً على حامل الشيك المضطر أو المحتاج ؟
د. مشهور فوّاز: بالطّبع لأنّه قد ثبت في الصّحيح لعنُ آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه …. فآكل الرّبا و موكله أي الذّي يدفعه والذّي يشهد عليه والذّي يكتبه كلّهم آثمون بل وملعونون بنصّ الحديث.
موطني 48: ماذا يفعل حامل الشيك الذّي لا يمكنه صرافته بسبب الحجز على حسابه مثلا؟
د. مشهور فوّاز: الحلّ في هذه الحالة أن يقوم الصّراف بإدخال الشيك في حسابه الخاص مقابل أجرة خدمة يتفقان عليها لحظة تسليم الشيك للصرّاف سواءً أكانت الأجرة محددة مثل 100 شاقل أو نسبة مئوية لأنّ الصّراف بهذه الحالة هو وكيل بالصرافة، فيأخذ الأجرة مقابل ما قام به من جهد شريطة أن يكون الشيك نقدياً، ولكن لا يجوز أن يعطيه الصّراف قيمة الشيك من ماله الخاص بل لا بدّ أن يدخله على حسابه لتدخل قيمة الشيك من الجهة المحررة للشيك إلى حساب الصّراف.
فالصّراف كما ترى في هذه المعاملة يعتبر وسيطاً أو وكيلاً وليس بائعاً أو مقرضاً، وبناءً عليه نحذّر ممّا يقع فيه كثير من الصّيارفة حيث يقومون بصرف شيك نقدي من مالهم الخاص مقابل 100 ش أو 1% فهذا ربا فضل.
موطني 48: ما حكم صرافة الشيكات بالدولارات؟
د. مشهور فوّاز: إذا كان الشيك مؤجلاً ولو ليوم واحد فحرام بل كبيرة من الكبائر بإجماع العلماء وأمّا إذا كان الشيك نقدياً فيجوز بالشروط الآتية:
أ- أن يكون الشيك مضمون الرصيد ولضمان رصيد الشيك يجب أن يدخله الصّراف على حسابه ثلاثة أيام.
ب. بعد الاطمئنان من وجود رصيد للشيك يقوم الصرّاف بتحويله إلى دولارات ولا بدّ أن يسلّم الصّرّافُ حامل الشيك الدولارات ثمّ إن شاء صاحب الشيك أن يشتري بالدولارات شواقل من عند نفس الصّراف فله ذلك ولكن الأفضل أن يشتري من عند غيره، وبناءً عليه نحذّر ممّا يقوم به بعض الصيارفة حيث يقومون بتحويل الشيك إلى دولارات ومن ثمّ تحويل الدولارات لشواقل دون تسليم الزبون الدولارات فهذا خلل في التقابض ويزداد الأمر سوءّا إن لم يكن بخزينة الصّراف دولارات فيكون بيعاً وهمياً، فليتنبه لذلك.
موطني 48: يأتي بعض الناس بشيك قيمته 5000 شاقل مؤجل، فيقوم بصرفه من شخص آخر كصديق مثلاً أو قريب بنفس المبلغ (5000 شاقل) قبل حلول اجله، فما حكم ذلك؟
د. مشهور فوّاز: هذه المعاملة جائزة شرعاً، وذلك لأنه لا يراد منها الربح والمعاوضة، فانه وان تلفظ المتعاقدان بلفظ الصرف إلا أنّ نيتهما متوجه إلى المساعدة وتفريج الكرب، والعبرة في العقود كما هو مقرر لدى الفقهاء للمقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني، فيعتبر هذا قرضاً وليس صرفاً على الرغم من تلفظه بالصرف، وذلك بقرينة تجرد العقد عن الربح والمعاوضة.
موطني 48: كلمة أخيرة توجهها للنّاس عموماً وللصيارفة والذّين يقرضون بالرّبا بشكل خاص?
د. مشهور فوّاز: أولا: أنصح نفسي وإخواني وأخواتي وأهلنا عموماً باستطابة المطعم وذلك بتحرّي العيش الحلال والمكسب الحلال واجتناب الحرام والشبهات، فإنّها رأس كلّ داء وبلاء وسبب كلّ فساد وسبب في نقصان البركة، قال الامام الحرالي: “أكثر بلايا هذه الأمة- حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين- إنما هو من عمل الربا”.
ثانياً: اذكّر الذّين يتعاملون بالقروض الرّبوية والصّيارفة والذّين يتاجرون بالشيكات بالإقلاع عن هذه التجارة والتّوبة الصّادقة، فالربا عواقبه وخيمة وأضراره جسيمة.
ثالثاً: أؤكّد على الخطباء والوعاظ وأصحاب المسؤولية بأن يأخذوا دورهم في التحذير من هذه الظّاهرة وعواقبها وتبعاتها وأؤكّد على الصيارفة بوجوب دراسة أحكام المعاملات وضوابطها الشرعية.
وأخيراً أثنّي شكري وامتناني لصحيفة “المدينة” أسرة وطاقماً على طرح هذه الموضوعات ومعالجتها متمنين لهم دوام التّوفيق والرّشاد للبناء والاصلاح .
.