بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة.. “الإسلامي للإفتاء” يدعو لخطبة موحدة الجمعة حول حقوق ذوي الإعاقة
دعا المجلس الإسلامي للإفتاء، في الداخل الفلسطيني، الائمة والخطباء والوعاظ بتسليط الضوء في خطبة غدٍ الجمعة على الدور التاريخي الفاعل في الحياة، ومكانة الأشخاص مع إعاقة، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، والذي وافق يوم الثلاثاء الأخير.
وحثّ المجلس الخطباء على التطرق إلى إسهامات العديد من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة وجهودهم في البناء الانسانيّ، من خلال اعطاء نماذج عينية من التّاريخ والواقع المعاصر.
وفي حديث مع الدكتور مشهور فواز، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء؛ أفاد قائلاً: “لإخواننا وأخواتنا ممّن اصطفاهم الله تعالى وشاء لهم أن يعيشوا مع إعاقة نقول لهم: أنتم أقوياء بإرادتكم وعزائمكم وطموحكم ومكافحتكم وتحدياتكم للحياة، وإنّ الاعاقة الحقيقية ليس الاعاقة في الجسد كما يتوهم البعض، بل الاعاقة الحقيقية في الفكر الأعوج العنيف والتعصب الأعمى المقيت والقلوب السّقيمة التي ملئت حقداً وكراهية، والمعاق الحقيقي – واسمحوا لي أن استخدم هذه العبارة – هو من نُزِعَت الرحمة من قلبه فرفع السّلاح على أهلنا، وروّع النّاس واعتدى على حرماتهم ويعيث في الأرض فساداً وإفساداً”.
وأضاف: “ومن هنا ندعو الخطباء يوم غد الجمعة ليقولوا كلمة الحق لإخوانهم واخواتهم الذين يعيشون مع إعاقة: يعلم الله تعالى أنّا نحبكم ونجلّكم ونستمد منكم القوة ونعتبر أنفسنا ضعفاء أشلاء أمام عزائمكم وإرادتكم، كما وندعو الخطباء بتسليط الضوء على المشاهير الذين أبهروا العالم بإبداعاتهم واستطاعوا بالصبر والتحدي أن يصنعوا من إعاقتهم نافذة تطل بهم نحو مستقبل مزهر باهر من التاريخ والواقع المعاصر. فنبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يعتبر أول من استثمر قدرات الأشخاص مع إعاقة في خدمة الدين والأمة. ففي السّيرة النبوية نجد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولَّى إمارة المدينة لعبد الله ابن أم مكتوم أكثر من عشر مرات وكان ضريراً. وبعث معاذ بن جبل عاملًا على اليمن أميرًا لها وكان شديدَ العَرَج. وتسابق الناس إلى التعلم من عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وكان قد كُفَّ بصرُه في آخر حياته. وكان عطاءُ بن أبي رباح من كبار المفتين في زمنه، ورغم ذلك كان أعور العين، أعرج الرجل، أشلَّ اليد، أقطع الأذن. والامام التّرمذي الامام الحافظ المحدّث صاحب سنن الترمذي المشهورة كان أعمى الاّ أنّه أوتي من المواهب والقدرات ما جعله من أكابر العلماء.
وتابع رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء: “ومنهم هؤلاء المبدعين الشّاعر العباسي أبو العلاء المعرّي الذّي أصيب بالعمى وهو بالرابعة من عمره ولم يمنعه ذلك أن يكون مفكراً وشاعراً وله مصنفات عديدة وغيرهم كُثُر في تاريخنا ممّن كانت إعاقته عَلَمًا عليه في علمه وعطائه وإنتاجه. وفي زماننا العالم الفيزيائي المشهور ستيفن هوكينج الذي تحدى الإعاقة وحصل على الدكتوراه في علم الكون من جامعة كامبرج، وحصل على درجة الشرف الأولى في الفيزياء واستطاع أن يتفوق على أقرانه من علماء الفيزياء. ومن هؤلاء الأديب والمؤلّف المصري المشهور مصطفى الرّافعيّ الذّي أُصيب بالصّمم في الثّلاثين من عمره ولكن لم تقف إعاقته حاجزاً في وجه طموحاته فقد حقق شهرة أدبية واسعه؛ وله مؤلفات عديدة من أشهرها “وحي القلم” وكتاب: “المعركة تحت راية القرآن الكريم” وكتاب المساكين وغيرها من المؤلفات والمصنفات والمقالات. ومن هؤلاء الأديب الشاعر طه حسين؛ ولا ننسى فارس المنابر الشيخ كشك رحمه الله تعالى والآلاف بل الملايين من حفظة القرآن الكريم ممّن فقدوا البصر الحسيّ ولكنّ قلوبهم منوّرة بالله تعالى. كما لم تقتصر شهادات الدكتوراة في زماننا على الأصحاء فقط؛ فقد حصلت الدكتورة المصرية إيناس محمد على ثلاث شهادات دكتوراه من أوروبا، الأولى في العزيمة وتحدي الصعاب والثانية دكتوراه في اللغة المجرية، والثالثة دكتوراه في الاقتصاد الدولي، كل ذلك حققته إيناس رغم إصابتها بشلل رباعي حين كان عمرها ستة أشهر، وأجريت لها 17 عملية جراحية دون جدوى الا أنّ ذلك لم يقف عائقاً أمام نجاحها. وغيرهم الكثير ممّن أسدى للإنسانية وكان له الأثر الكبير في شتى مجالات الحياة وما هو مكنون وراء قدرات من يقال لهم في الاعلام ذوي الاحتياجات الخاصة أعظم بكثير مما نعلمه حقاً: “أنتم ذوو القدرات الخاصة ولستم ذوي احتياجات خاصة”.