إندبندنت: كيف كان بوتين المستفيد الوحيد من قمة هلسنكي؟
نشرت صحيفة “إندبندنت” مقالا للصحافي أندرو بانكومبي، يقول فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما أهان الأخير ذكاء مستشاريه والشعب الأمريكي.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، إن “روسيا لم تفر بكأس العالم في كرة القدم لعام 2018. وعندما دخلت في المونديال كان فريقها هو الأقل تصنيفا من بين 32 دولة شاركت فيه، وبعد عدد من المباريات أبرز الفريق التزاما وموهبة بقيادة مدربه ستانيسلاف تشيرتشيسوف وفاجأ العديدين، ووصل الروس إلى ربع النهائي، لكنهم خسروا أمام كرواتيا بعد تمديد الوقت وضربات الجزاء”.
ويعلق بانكومبي قائلا إنه “كانت لدى بوتين أسباب كثيرة للابتسام بسبب أداء فريق بلاده، الذي كان أفضل من المتوقع، وتنظيم روسيا لألعاب كأس العالم، الذي اكتسب الكثير من الإشادة، وفي هلسنكي يوم الاثنين تسلم جائزة قد تكون أهم بالنسبة له من أن يكون فريق بلاده فاز بكأس العالم”.
ويشير الكاتب إلى أن “بوتين وقف في مؤتمر صحافي مع ترامب، بعد قمتهما الرسمية الأولى، وراقب الرئيس الأمريكي يخبر العالم بأنه يثق بكلام الزعيم الروسي بالمقدار ذاته الذي يثق فيه برئيس مخابراته”.
ويلفت بانكومبي إلى أنه بعد أسبوع من توبيخ ترامب لحلفائه في الناتو في بروكسل، وتقويض موقف رئيسة الوزراء البريطانية في بريكيست، وإغضاب المتمسكين بالبروتوكول الملكي بسيره أمام الملكة، فإنه تم توجيه سؤال إليه إن كان يقبل تقدير مخابراته بأن موسكو تدخلت في انتخابات 2016، فأجاب: “كل ما أستطيع فعله هو طرح السؤال -جاءىني جماعتي (المسؤولون المعنيون) وجاءني دان كوتس (مدير المخابرات الوطنية) وغيرهم، وقالوا لي إنهم يظنون إنها روسيا”.
وأضاف ترامب: “الرئيس بوتين قال لي للتو لم تكن روسيا، وأنا أقول التالي، لا أرى سببا أن يكون الأمر كذلك، لكنني أريد فعلا أن أرى السيرفر (مزود الحاسوب) لكن أنا أثق في الطرفين”، وكان قد قال سابقا: “يريد العالم أن يرانا نتعايش، وأعتقد أن الأمر سينتهي بإنشاء علاقة استثنائية”.
وتنقل الصحيفة عن بوتين، قوله: “(ترامب) تطرق إلى موضوع ما يسمى بالتدخل الروسي (في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016)، وعلى أن أعيد ما قلته سابقا بأن الدولة الروسية لم تتدخل، ولا تنوي التدخل”.
ويرى الكاتب أن “ترامب لم يكن مخطئا في الذهاب إلى هلسنكي، بالرغم من آراء غالبية مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، بالإضافة إلى أنه لم يخطئ في مد يده لبوتين، ولم يكن مخطئا في قوله إن العالم سيكون أفضل إن توصلت أكبر قوتين نوويتين إلى علاقات أفضل، كما أنه لم يكن مخطئا بأن يقول إن روسيا يجب أن تكون جزءا من مجموعة الثماني الكبار”.
ويقول بانكومبي: “كذلك هو محق في قوله، كما تناقلت التقارير في المجالس الخاصة، بأن أمريكا تدخلت ولعقود طويلة في انتخابات الكثير من الدول الأخرى، وهو محق بأن يقول أيضا إن المخابرات الأمريكية أخطأت في أمور كثيرة”.
ويضيف الكاتب: “كما أنه من الواضح أن ترامب حريص على أن يقلل من أثر أي تدخل محتمل لروسيا في الانتخابات، وكونه خسر من ناحية الشعبية لهيلاري كلنتون، التي حصلت على 3 ملايين صوت أكثر منه، وبالكاد حصل على أصوات التجمعات الانتخابية بحوالي 70 ألف صوت، موزعة على ولاية ويسكونسون وبنسلفانيا وميتشيغان، حيث يمكن تفهم أنه يريد القول بأنه كسب الانتخابات بسبب براعته الفائقة”.
ويجد بانكومبي أنه “لم يستفد أحد مما حصل في هلسنكي سوى فلاديمير بوتين، وقام ترامب بشتم المسؤولين في حكومته، والناس الذين أسندت إليهم مهمة حماية البلد (وحماية نزاهة الانتخابات)، وعلاوة على ذلك فإنه استخف بذكاء الشعب الأمريكي”.
وينوه الكاتب إلى أن “وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالية ووكالة الأمن القومي أصدرت في كانون الثاني/ يناير 2017، تقريرا قالت فيه إن لديها (ثقة عالية) بأن روسيا تدخلت في الانتخابات، وبعد 18 شهرا بعد أن قام المحقق الخاص، روبرت مولر، بتوجيه تهم لأكثر من عشرين روسيا؛ لدورهم في التدخل في انتخابات عام 2016، فإنه من الصعب التصديق بأن موسكو لم تحاول على الأقل أن تؤثر على الانتخابات، (إن كان لها تأثير حقيقي فهي مسألة أخرى، ومن الصعب جدا الإحابة عليها)”.
ويستدرك بانكومبي بأنه “بسبب فشله لأن يقف في وجه زعيم استبدادي متهم بجرائم خطيرة -أنكرت روسيا علاقتها بالهجوم بغاز الأعصاب في المملكة المتحدة-خاصة بعد أن استأسد أمام حلفائه، لم يبد ترامب أكثر من جبان”.
ويختم الكاتب مقاله بالقول: “إن لم يكن مستعدا لهذا اللقاء، وإن لم يكن مستعدا لأن يستثمر في التحضير لتوفير الأجوبة الذكية النافعة عندما يواجه بأسئلة كان يجب أن يعلم أنها ستسأل، فكان يجب عليه إلا يذهب، أما النتيجة إلى الآن فهي بوتين 1 ترامب 0”.