أخبار رئيسيةمقالاتومضات

د. مهند مصطفى يلقي الضوء على المستجدات الأخيرة بخصوص الحرب ووقف إطلاق النار مع لبنان

• لن يذهب نتنياهو لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بدون مقترح لليوم التالي وفق تصوراته

• وافق حزب الله على التسوية، لأنه أدرك أنه بحاجة لترتيب أموره وتقييم تجربته وما حدث له

• هنالك اختلاف كبير بين غزة ولبنان، أدناها أن التوصل لتسوية مع لبنان لم يهدد بقاء الحكومة الإسرائيلية، في حين أن تسوية شبيهة مع غزة ستُسقط الحكومة

• إصدار مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت سوف يضرب السردية الإسرائيلية في الصميم على المستوى الدولي، ويضرب الخطاب الأخلاقي الإسرائيلي في مقتل

طه اغبارية

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل يومه الثالث، ويعتبره الجانبان الإسرائيلي (نتنياهو وحكومته) واللبناني (حزب الله) نصرًا على اعتبار ما تحقق من وجهة نظرهما. فما هي القراءة الموضوعية لهذا الاتفاق وهل نحن مقبلون على انفراجة فعلية واتفاق مماثل بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة؟

لإلقاء المزيد من الضوء على المستجدات الأخيرة ومحاولة استشراف المرحلة المقبلة، كان لـ “موطني 48″، هذا اللقاء مع الباحث والمحلل السياسي د. مهند مصطفى:

موطني 48: قراءتك لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله؟

د. مهند: هذه التسوية أو الاتفاق كان متوقعًا، وعمليًا استمرت الحرب شهرًا آخر على هذه الجبهة على مقترح التسوية. كان واضحًا لإسرائيل أنها لن تحقق أكثر مما حققته عسكريًا بعد شهر من بدء العدوان على لبنان في نهاية أيلول، وأن تحقيق أهداف العدوان لن يكون من خلال العمليات العسكرية، والتي استهدفت في الشهر الأخير، المواقع والأهداف المدنية بالأساس كجزء من التفاوض على شروط التسوية. اعتمدت التسوية على قرار مجلس الأمن 1701 عام 2006، وهو نفس القرار الذي جاء بعد حرب تموز 2006، ولكن نتائج المواجهة كانت هذه المرة مختلفة عن نتائج حرب 2006.

موطني 48: كيف كانت مختلفة وما هو تأثير ذلك على شكل التسوية؟

د. مهند: بالمجمل التسوية هي نفسها تسوية 2006. ولكن هذه المرة حزب الله مختلف بعد العدوان، فهو أضعف مما كان عليه بعد تموز، الضربات التي تلقاها الحزب كانت عميقة ومؤثرة عليه، فضلًا عن السياق السياسي اللبناني الداخلي الذي أصبح ضاغطًا أكثر مما كان عليه في السابق. كما أن الساحة الخلفية له المتمثلة في سوريا أصبحت مهترئة إن لم تكن منهارة، فعمليًا تخلى النظام السوري عن حزب الله. لذلك فالتسوية هي نفسها، ولكن الظروف المحلية والإقليمية والدولية مع مجيء ترامب مختلفة، ولذلك وافق حزب الله على التسوية، لأنه أدرك أنه بحاجة لترتيب أموره وتقييم تجربته منذ 8 أكتوبر، وما حدث له، فضلًا عن حاجته للحفاظ على مكانته في الساحة السياسية اللبنانية.

موطني 48: هل يمكن القول إنَّ إسرائيل حققت أهدافها من المواجهة مع حزب الله؟

د. مهند: لم تحقق كل الأهداف، وواضح أن استمرار المواجهة وقدرة حزب الله على الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة لفترة، دفعت إسرائيل للقبول بالتسوية، فقد فاجأ الحزب إسرائيل بقدرته على النهوض سريعًا بعد اغتيال أغلب قادته، وعلى رأسهم حسن نصر الله، لا أظن أن تنظيمًا كان سينهض بهذه السرعة كما فعل حزب الله، حيث اغتيلت قيادته خلال أيام معدودة. ظنت إسرائيل أن ضرب القيادة وعلى رأسهم الأمين العام، سيجعلها تحسم بسرعة المعركة عسكريًا وسياسيًا، ولكنها لم تنجح بذلك، ولذلك لجأت إلى ضرب المواقع المدنية للضغط على لبنان وحزب الله سياسيًا للموافقة على تسوية بالشروط الإسرائيلية، وتراجعت إسرائيل عن كثير من شروطها التي طرحتها قبل شهر بسبب نهوض حزب الله، ولكن بالمجمل أظن أن الانجاز الحقيقي لإسرائيل في هذه المواجهة كان وقف جبهة الإسناد في لبنان لغزة، وقطع العلاقة بين الجبهتين.

موطني 48: لماذا لا يمكن التوصل لتسوية شبيهة في قطاع غزة؟

د. مهند: هنالك اختلاف كبير بين غزة ولبنان، أدناها أن التوصل لتسوية مع لبنان لم يهدد بقاء الحكومة الإسرائيلية، في حين أن تسوية شبيهة مع غزة ستُسقط الحكومة. كما أن العدوان على لبنان جاء أصلًا للتفرغ لقطاع غزة، وفصل العلاقة بين الجبهتين، والأهم من كل ذلك، لا يحمل العدوان على لبنان مقاربات أيديولوجية في حين أن العدوان على غزة أصبح مثقلًا بالمعاني الأيديولوجية، بالإضافة إلى ذلك، فلبنان هي دولة سيادية، في حين أن إسرائيل أو الحكومة الإسرائيلية لن تذهب لاتفاق لوقف القتال في غزة قبل أن تكون إسرائيل شريكة مركزية في وضع تصور سياسي لمستقبل قطاع غزة، وهو ما يسمى اليوم التالي للحرب، وهي عمليًا الحلقة الأخيرة قبل وقف العدوان، وليس الأسرى والرهائن الإسرائيليون، قضيتهم لا تعني شيئًا للحكومة الحالية. لذلك يربط نتنياهو بين وقف القتال وبين اليوم التالي، وهو يحاول فرض أمر واقع في القطاع، ويعتقد أن لديه الوقت ليفعل ذلك قبل مجيء ترامب، والوقائع هي بقاء احتلال عسكري إسرائيلي في القطاع بعد انتهاء الحرب، ويعتقد نتنياهو أن ترامب سوف يقبل بهذه الوقائع، لذلك وقف الحرب الآن سيعني عدم القبول بهذه الوقائع وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهو ما لا يريده نتنياهو واليمين الإسرائيلي، لذلك فقضية صفقة التبادل من وجهة نظر نتنياهو يجب أن تكون جزءًا من استكمال اليوم التالي وليس قبله. بالإضافة إلى التداعيات السياسية على المشهد الداخلي وخاصة بقاء الحكومة.

موطني 48: هل هو احتلال من جديد لقطاع غزة؟

د. مهند: لا ليس احتلالًا من جديد، بل أُطلق عليه احتلال جديد، حيث تهدف إسرائيل إلى فرض احتلال جديد للضفة الغربية وقطاع غزة، وليس احتلالًا من جديد. ينطلق الاحتلال الجديد من العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل أوسلو، مع تخلي إسرائيل كدولة احتلال عن إدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين. وتبقى المعضلة أمام هذا التصور هو إنتاج إدارة مدنية فلسطينية في قطاع غزة، تتماهى مع حالة الاحتلال الجديد للقطاع. ترمي إسرائيل إلى توحيد الضفة الغربية وغزة، ليس بمفهوم إدارة وسلطة واحدة للمنطقتين، بل توحيد نمط الاحتلال في المنطقتين، وهو عمليًا نقل حالة الضفة الغربية للقطاع مع سلطة أقل ضعفًا بمفهوم عدم تعاطيها مع الحقوق السياسية للفلسطينيين، والتي تعمل أيضًا على فرضه في الضفة الغربية. لذلك ليس هنالك معنى للحديث عن “صفقة” إسرائيليًا بدون ربطها بهذا التصور الاستعماري الجديد.

موطني 48: على ذكر غزة، ما هي تداعيات إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟

د. مهند: سيكون لها تداعيات كبيرة، قصيرة المدى وبعيدة المدى، فأغلب الدول التي وقعت على ميثاق روما 1996 لتأسيس محكمة الجنايات الدولية، ملتزمة بتطبيق قرارات المحكمة، ويصل عددها إلى 124 دولة، لن يستطيع نتنياهو وغالانت السفر إليها، وحتى لو أن السلطات في هذه الدول، وخاصة الديمقراطية، لم تنفذ قرار المحكمة باعتقالهما، فهذا لن يمنع مؤسسات حقوقية مدنية في تلك الدول بالتوجه للقضاء المحلي لإصدار قرار بالاعتقال، لذلك ستكون مخاطرة عليهما حتى السفر إلى تلك البلدان الديمقراطية. وقد تستعمل مؤسسات رسمية ومدنية هذا القرار لفرض حظر تصدير السلاح لإسرائيل، فضلًا عن الصورة السيئة لإسرائيل على المستوى الدولي ورفض مؤسسات وشخصيات الجلوس مع الرجلين المتهمين بجرائم حرب. الدعاية الإسرائيلية في أن المحكمة معادية للسامية، هو هراء، فالقرار سوف يضرب السردية الإسرائيلية في الصميم على المستوى الدولي، ويضرب الخطاب الأخلاقي الإسرائيلي في مقتل، وسنرى ذلك يتفاقم على المدى البعيد. نضيف إلى ذلك، أن المحكمة ربما أصدرت مذكرات اعتقال سرية ضد جنود وضباط إسرائيليين انتهكوا القانون الدولي والإنساني، لا سيّما وأن هنالك الكثير من الجنود ممن تفاخروا بارتكاب انتهاكات في غزة وصوروا ذلك، ولم يتم محاسبتهم على مستوى القضاء المحلي. وعلى فكرة، إصدار قرار محكمة الجنايات الدولية هو أيضًا وصمة عار للقضاء الإسرائيلي، لأن المحكمة لم تكن لتصدر مذكرات اعتقال سرية وعلنية لو قام القضاء الإسرائيلي بواجبه القانوني والإنساني بمحاسبة من انتهك القانون الدولي والإنساني، لا بل إن القضاء تواطأ مع ذلك، فالتصريحات المحرضة على قتل وتهجير الفلسطينيين زادت بعد القرار الاحترازي لمحكمة العدل الدولية، وأنا شاهدت على التلفاز، خلال مداولات لجنة القانون والدستور في الكنيست امرأه تحرض على إبادة سكان قطاع غزة، بوجود المستشارة القضائية للحكومة والنائب العام في هذه الجلسة، وظلا صامتين، وطبعًا لم يتخذ ضدها أي إجراء قانوني مثل الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى