قمم العار العربية.. نظام تطبيع يستضيف قمة لبحث الحرب على غزة؟
الإعلامي أحمد حازم
لم أكن يوما من المتفائلين بقمم جامعة الدول العربية، لأنها منذ تأسيسها في العام 1946 ولغاية قمتها الأخيرة في البحرين لم تخرج إلينا بنتائج واضحة وجلية، ولا بمواقف جدية تجاه احداث الوطن العربي ولا سيما تجاه القضية الفلسطينية. والمتابع للبيان الختامي لقمة البحرين يرى الفضائح التي نجمت عن هذه القمة التي لم يشارك فيها كل القادة العرب.
الفضيحة الأولى تتمثل في المشاركة. وبالرغم من حساسية الموقف في غزة وخطورة ما يتعرض له شعبها من قتل وتهجير وتجويع لم يسبق له مثيل، فان الجامعة العربية التي تضم 22 دولة، انعقدت على مستوى القمة (القادة) في دورتها العادية الـ 33 واستضافتها البحرين (المُطبّعة مع إسرائيل) للمرة الأولى، منذ بدء القمم العربية العادية والطارئة في القاهرة عام 1946، إلا أنّ هذه القمة لم يشارك فيها سوى 14 رئيسا وملكا فقط والدول الأخرى أرسلت مندوبين عنها.
رئيس النظام السوري بشار الأسد شارك في القمة كمستمع فقط ولم يلق كلمة فيها. والسبب كان بناء على نصيحة من حاكم عربي يروج للأسد بين القيادات العربية الاخرى، ولا يريده أن يستفزهم مثلما فعل في قمة الرياض في العام الماضي.
بالرغم من ان القمة العربية في البحرين انعقدت في ظل توترات متتالية وأزمات عميقة ومتداخلة تشهدها المنطقة العربية، وفي وقت حساس سياسيا في المنطقة ولا سيما فيما يتعلق بالحرب على غزة، إلا أنّ قمة البحرين أظهرت نقاطًا أساسية مثل: عدم الاهتمام بما يجري في المنطقة، واللامبالاة. بمعنى أن قمة البحرين هي قمة اللامبالاة.
نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وهي سرعة انعقاد المؤتمر، الذي لم يستمر سوى يوما واحدا أو حتى بضع ساعات، وكأن المشاركين جاؤوا لرفع العتب أو لإسقاط فرض عن الأنظمة العربية. وإلا كيف نفهم أن قمة في هذا الظرف السياسي المهم للغاية لما يجري في الدول العربية من مشاكل وأزمات المفروض معالجتها أن يتم التطرق اليها خلال ساعات فقط، وفي بيان هزيل معيب، علما بأن البيان الختامي كان جاهزا قبل الاجتماع، والقرارات التي تضمنها أقل ما يقال فيها إنها جوفاء ومخزية في معظمها.
تصوروا ان قرارات قمة البحرين، لم تتضمن موقفا حازما صارمًا لإنهاء الحرب على غزة. حتى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المفترض أن يكون ممثلا لشعب فلسطين وان يكون (منطقيا) لجانب أبناء جلدته، وجّه اللوم لحركة حماس واتهمها بانها هي سبب الحرب على غزة معتبرا إياها وبسبب عملية طوفان الأقصى، انها وراء الجرائم بحق قطاع غزة، بمعنى انها (أعطت الذريعة للاحتلال لكي يشن الحرب على غزة!) حسب قوله.
الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش، كانت كلمته أوضح كلمة قيلت في المؤتمر، بينما كانت كلمة امين عام جامعة الدول العربية كارثية ولم تصل إلى مستوى كلمة غوتيريش. أليس عارا على المشاركين في قمة البحرين ألا يتحدث احد عمّا يجري في العالم من مظاهرات عالمية، وخاصة المظاهرات والاعتصامات في الجامعات الأمريكية والأوربية؟ أليست هذه منتهى اللامبالاة،
ما يلفت النظر أن عقد هذه القمة قد تزامن مع ما تقوم به دولة جنوب افريقيا في محكمة العدل الدولية، والمرافعات الرائعة التي قدمها ويقدمها ممثلو هذه الدولة، غير العربية وغير المسلمة، عن ممارسات إسرائيل، واصرارها على استصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ومساعديه. حمدا لله ان جنوب افريقيا لا تنتمي لجامعة الدول العربية.
لم تكن القمم العربية والإسلامية السابقة أحسن حالًا. ففي القمة الطارئة في العاصمة السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي كانت مشتركة مع منظمة التعاون الإسلامي، عجز المشاركون عن اتخاذ قرارات مباشرة ضد إسرائيل. وتاريخيا كانت القمم العربية أكثر سوءا من القمتين الأخيرتين وعلى سبيل المثال القمة العربية الخامسة التي انعقدت في الرباط لوضع إستراتيجية لمواجهة إسرائيل بعد حرق المسجد الأقصى في 21 آب 1969، افترق القادة العرب وانتهت القمة دون إصدار أي قرار أو بيان ختامي. ألم تكن هذه فضيحة الفضائح؟
هؤلاء القادة العرب الذين التقوا في اجتماع قمة البحرين لمناقشة الحرب على غزة، عليهم قراءة قصيدة نزار قباني “يا تلاميذ غزة” ليروا أن التاريخ يعيد نفسه، بل ان التاريخ لم يمض أصلا، فمن أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت سنة 1987 قال نزار قباني في مطلع قصيدته: “يا تلاميذ غزة، علمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا.. علمونا بأن نكون رجالا، فلدينا الرجال صاروا عجينا”. صدق الراحل لأن جامعة القمم العربية لا شيء لديها لفلسطين، ولأن قادتها ليسوا رجالًا.
لا أستغرب أبدا من سلوكيات الجامعة العربية. فماذا ننتظر منها وهي التي تأسست بإيحاء من بريطانيا ووزير خارجيتها أنتوني إيدن سنة 1943.