جبل صهيون.. تل استعار اسمه من القدس القديمة وتعاقبت عليه الديانات
جبل صهيون؛ يقع خارج سور القدس الجنوبي (البلدة القديمة)، يمتد على طول الحي الأرمني، يعد اسمه استعارة من اسم مدينة القدس قديما، يسكن في محيطه أفراد عائلة الدجاني المقدسية (تسمى الداودي أيضا) منذ ما قبل عام 1948.
يعتبر أحد الأماكن التاريخية الذي تعاقبت عليه مختلف الديانات، ودفنت فيه مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة بمقبرة الروم الأرثوذكس، بعد اغتيالها برصاص الاحتلال أثناء تغطيتها الهجوم الإسرائيلي على جنين عام 2022.
الموقع
يقع جبل صهيون في مدينة القدس، إلى الجنوب الغربي من البلدة القديمة، وتقع أجزاء منه داخل سور القدس لكن غالبيتها خارجه. يصل ارتفاع الجبل إلى 760 مترا، يمتد حتى باب الخليل شمالا، ووادي مأمن الله غربا، ووادي الربابة جنوبا، ووادي قدرون شرقا، بالقرب من باب المغاربة.
يتقاطع مع الجبل أحد أبواب سور القدس وهو باب النبي داود، والذي بقي مغلقا بين عامي 1948 و1967 حتى احتلال القدس الشرقية، كما يسكن في محيطه أفراد عائلة الدجاني المقدسية (تسمى الداودي أيضا) منذ ما قبل عام 1948، وكان السلطان سليمان القانوني قد عين أحمد الدجاني حارسا لمقام النبي داود، فتكفلت العائلة بحراسة المقام لأكثر من 4 قرون متتالية، وبنت حوله بيوتا شكلت فيما بعد حي الدجانية أو الداودية.
ويستهدف الاحتلال هذه المنطقة -خاصة الممتدة من باب المغاربة حتى وادي الربابة- بمشاريعه التهويدية لقربها من المسجد الأقصى، إذ تقع على بعد 350 مترا من جنوبي غربي المسجد.
الأهمية التاريخية
يعتبر جبل صهيون أحد الأماكن التاريخية الذي تعاقبت عليه مختلف الديانات، إذ أقام اليبوسيون حصنهم على سفح الجبل، وبقي تحت حكمهم حتى أخذه النبي داود، وكان ذلك أقدم توثيق خطي له عثر عليه في أسفار التوراة. كما يطلق عليه أيضا جبل النبي داود.
يقول الباحث المقدسي “إيهاب جلاد” إن الصليبيين ادعوا وجود قبر النبي داود فوق قمة الجبل، فبنوا آثارهم عليه، ويضيف أنه لا تأكيد حول حتمية وجود القبر هناك ولكن الثابت هو مقام النبي داود وليس قبره.
وبنى المماليك المسلمون مجمعا ضخما فوق آثاره الصليبية، تنقلت ملكيته حينها بين المسلمين والنصارى على حسب سياسة الحاكم المملوكي، ولكن سليمان القانوني ثبت ملكية المكان للمسلمين، وأعطاه اهتماما خاصا عبر توسيعه وتعمير محيطه، فأقام “كلية النبي داود” التي ضمت مسجدا ومدرسة ومطبخا وغرفا لإيواء الضيوف.
معالم أثرية
يحتوي الجبل على العديد من المعالم الأثرية التاريخية ومنها:
علية صهيون (غرفة العشاء الأخير)
يعتقد المسيحيون أنها مكان حادثتي “العشاء الأخير” و”غسل الأرجل” بين المسيح وتلاميذه، وأيضا موضع “العنصرة” حيث نزل الروح القدس على الحواريين، وهي مبنى مكون من طابقين، فيه المقام والمسجد، وهي من منظور المسيحيين زمان ومكان ولادة الكنيسة الأولى، ولكن حوّل الاحتلال الطابق الأول (الذي يعتقدون أنه قبر النبي داود) إلى كنيس.
كنيسة رقاد العذراء (نيامة)
تقع غربي مقام داود، وهي وفق المعتقدات المسيحية مكان موت السيدة مريم عليها السلام، حيث دفنت لاحقا في وادي قدرون (كنيسة قبر مريم)، وقد بنيت هذه الكنيسة بداية القرن الـ20 على أنقاض كنيسة بيزنطية بنيت في القرن الرابع وهدمت إبان الغزو الفارسي.
كنيسة صياح الديك
يعود بناؤها إلى عام 1931، وقد بنيت على أنقاض كنيسة أنشئت في العهد البيزنطي، وحسب الاعتقاد المسيحي فإنها بنيت فوق بيت الكاهن “قيافا” والمغارة التي احتجز فيها المسيح، في مكان إنكار القديس بطرس السيد المسيح 3 مرات قبل صياح الديك.
التسمية
لا علاقة لتسمية الجبل “بالحركة الصهيونية”، إذ إن كلمة صهيون هي أحد الأسماء القديمة لمدينة القدس التي يقع الجبل جنوب غرب سورها، وهي كلمة عربية الأصل (بمعنى الجبل العالي والمشمس)، ويرجع البعض أصلها لليونانية. فقد اقتبست الحركة الصهيونية هذا الاسم لتربط نفسها بمدينة القدس.
ويطلق اسم صهيون على جبل في ريف اللاذقية بسوريا، وآخر في اليمن، كناية عن العلو والمنعة.
محاولات تهويد
حاولت إسرائيل جاهدة السيطرة على جبل صهيون، ونجح لواء هارئيل في 18 يونيو/حزيران 1948 في ذلك ولكنه فشل في الاحتفاظ به، إذ كانت إسرائيل تهدف لاحتلال باب المغاربة الذي كان يضم العديد من العائلات اليهودية.
وفي عام 1967 وبعد احتلال مدينة القدس سعى الاحتلال الإسرائيلي جاهدا لتهويد الجبل وطمس معالمه التاريخية والدينية. كما تطوعت عناصر من جمعية إلعاد الاستيطانية لتحويل الجبل إلى موقع أثري، وساهموا في ترميم وتنظيف النفق والقناة المائية القديمة وفتحها، والتي كانت قد استخدمت بين عامي 1948 و1967 لتهريب الأسلحة والأموال والمعدات وتعزيزات الاحتلال، وأيضا لخطف الفلسطينيين.
وبحسب ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية عام 2022 فقد خُصص مبلغ مليوني شيكل (نحو 530 ألف دولار) من قبل وزارة شؤون القدس والتراث والاستيطان في حكومة الاحتلال، وشركة تنمية القدس، لفتح النفق السري لجبل صهيون وتحويله إلى موقع تراثي سياحي لدعم وترويج الرواية الإسرائيلية عن البلدة القديمة.