أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرالقدس والأقصىومضات

استيطان وتهويد… تكرار الاعتداء على مقابر القدس التاريخية

يستمر الاعتداء على مقابر القدس التاريخية، وسجلت إدارة الأوقاف الإسلامية أكثر من 20 اعتداء على مقبرتي باب الرحمة واليوسفية خلال عام 2023، تضمنت التجريف، وتحطيم شواهد القبور.

دنس مستوطن إسرائيلي متطرف مقبرة “باب الرحمة” في مدينة القدس في نهاية الشهر الماضي، عبر ذبح حمار وتعليق رأسه قرب قبري الصحابيين عبادة بن الصامت وشداد بن أوس، ما أثار ردود فعل فلسطينية غاضبة. في حين حاول بيان لشرطة الاحتلال التقليل من خطورة ما قام به المستوطن المتطرف بادعاء أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة لاستباق إدانته، والتأكيد أن تهمته هي “الإساءة إلى حيوان”، وليس تدنيس المقبرة.

وفتح الاعتداء على المقبرة الملاصقة للمسجد الأقصى ملف الاعتداءات المتكررة على المقابر الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي ارتكبها متطرفون يهود ودوائر رسمية إسرائيلية، ومن بينها الاعتداء على مقبرة “مأمن الله” وهدم المئات من قبورها لإقامة ما أطلق عليه “مركز التسامح”، وتجريف المقبرة اليوسفية في باب الأسباط.

وقال رئيس الهيئة الإسلامية، الشيخ عكرمة صبري، إن ما جرى ينضم إلى سلسلة اعتداءات على المقابر الإسلامية، لكنه يعد الأكثر وقاحة وقبحاً.

وأوضح “: “كما في الاعتداءات السابقة التي طاولت مقابرنا الإسلامية في القدس، وفي سائر أنحاء فلسطين، لم يلق المعتدون عقابهم، بل لم تتم مساءلتهم رغم معرفة شرطة الاحتلال بهوياتهم، ومن تم توقيفه منهم كان يفرج عنه بذريعة عدم أهليته النفسية، ثم ابتدع الاحتلال في الاعتداء الأخير مصطلحاً جديداً بوصف المعتدي بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة. ماذا لو أن مقبرة يهودية تم تدنيسها أو الاعتداء عليها؟ هل كانت سلطات الاحتلال ستلتزم الصمت كما تفعل حين يتعلق الأمر بمقابر المسلمين؟”.

ويدعو الخبير في شؤون العمارة بالقدس، جمال عمرو، إلى ضرورة التصدي للاعتداءات على المقابر الإسلامية، واصفاً ما قام به المستوطن في مقبرة باب الرحمة بأنه “عمل قذر ودنيء يعيد إلى الأذهان ما تعرضت له منذ أكثر من عقدين مقبرة مأمن الله، حيث شاهدنا بأعيننا جرافات إسرائيلية تزيل جماجم وعظام الموتى، وتكرر نبش القبور والأضرحة في المقبرة اليوسفية من قِبل الجرافات الإسرائيلية، إضافة إلى سلسلة طويلة من الاعتداءات تدلل على وجود خطة ممنهجة”.

وتدعي بلدية الاحتلال في القدس ملكيتها لأجزاء من “المقبرة اليوسفية”، وهي واحدة من أشهر المقابر الإسلامية في مدينة القدس، ويعود إنشاؤها إلى عهد الدولة الأيوبية، وتبلغ مساحتها 4000 متر، وتقع ضمن مشروع ما يسمى “الحوض المقدس”، وتسعى بلدية الاحتلال لتحويلها إلى “حديقة توراتية”، متجاهلة كون المقبرة “وقف إسلام، وتضم “صرح الشهيد”، والنصب التذكاري لشهداء حرب 1967.

ويقول خبير الخرائط والاستيطان في القدس، خليل تفكجي إن “الاعتداءات المتكررة على المقابر الإسلامية تندرج ضمن مشروع (كيلومتر واحد حول سور القدس)، إضافة إلى مخطط (زاموش) الاستيطاني الذي يشمل السور الشرقي للقدس والمسجد الأقصى، ويهدف بالأساس إلى وقف الدفن في مقبرتي باب الرحمة واليوسفية، واستعمال أراضيهما في مشاريع تهويدية”.

ويلفت تفكجي إلى قيام بلدية الاحتلال في القدس قبل أكثر من عشر سنوات باقتطاع عشرات الدونمات من أرض مقبرة باب الرحمة لصالح إقامة مسار سياحي استيطاني، وتوسيع الشارع الرئيسي المؤدي إلى باب المغاربة والبؤر الاستيطانية في بلدة سلوان جنوبي القدس، كما قامت لاحقاً بتجريف مساحات واسعة من أرض المقبرة اليوسفية التي تشكل امتداداً لمقبرة باب الرحمة.

واتهم رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالقدس، مصطفى أبو زهرة، السلطات الإسرائيلية بغض الطرف عن اعتداءات المستوطنين على المقابر، ويؤكد أن ما جرى في مقبرة باب الرحمة كان اعتداء فظاً، وانتهاكاً يضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات التي تطاول مقابر المسلمين والمسيحيين.

يضيف أبو زهرة: “حكومة الاحتلال تتساهل مع المعتدين، بل تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال زرع قبور وهمية يهودية في المرتفعات الغربية لمنطقة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، والتي تمتد من جبل الزيتون شرقي المسجد الأقصى، إلى بلدة سلوان ووادي الربابة جنوب غربي المسجد، وتشير التقديرات إلى وجود آلاف القبور الوهمية هناك”.

ويؤكد رجال دين مسيحيون أن الاعتداءات طاولت قبوراً مسيحية في محيط البلدة القديمة، خاصة في “مقبرة صهيون”، وهي أشهر المقابر المسيحية، ومتاخمة لباب الخليل وباب النبي داود، وتخلل ذلك تحطيم شواهد عشرات القبور، وكتابة شعارات عنصرية، من دون أن يلقى المعتدون العقاب المناسب، كما رصد التجمع الوطني المسيحي ما لا يقل عن عشرة اعتداءات على مقابر مسيحية خلال عام 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى