محكمة دولية تنصف الفلسطيني وتفضح الإسرائيلي
الإعلامي أحمد حازم
بعد أقل من 24 ساعة من تأدية حكومة نتنياهو اليمين الدستورية، والتي تضم وزراء يمينيين متطرفين من المستوطنات، وهي الحكومة الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخ إسرائيل، وبالتحديد في الحادي والثلاثين من شهر كانون أول/ ديسمبر العام الماضي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة (الدورة 77)، لصالح قرار طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقد صوّت لصالح القرار، الذي تقدمت به فلسطين، 87 دولة في حين صوَّتت إسرائيل والولايات المتحدة و24 دولة أخرى ضد القرار بينما امتنع 53 عضوا عن التصويت.
ماذا تريد الأمم المتحدة من وراء هذا الطلب؟ هذه الهيئة الدولية تريد ثلاث مسائل: الأولى، التبعات القانونية الناشئة عن الانتهاك المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني، والثانية، كيفية تأثير سياسات إسرائيل على الجانب القانوني للاحتلال، والثالثة التبعات القانونية على جميع الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع.
وماذا يقول الكيان الإسرائيلي عن هذا القرار الأممي؟ كعادته في رفض وتجاهل كافة قرارات الأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن موقف كيان الاحتلال من هذا الطلب المقدم لمحكمة العدل الدولية، هو “قرار بغيض” كما وصفه نتنياهو. وكرد فعل انتقامي من الدولة العبرية، سارع الكنيست إلى فرض خمس عقوبات ضد السلطة الفلسطينية، شملت خصم أموال من المستحقات المالية الفلسطينية، تجميد مخططات البناء الفلسطينية في المنطقة (ج)، حرمان شخصيات فلسطينية من تصاريح التنقل، إجراءات ضد المنظمات في الضفة الغربية والتي تروج لما وصفته إسرائيل بـ “نشاط عدائي” ضدها.
من الطبيعي أن يُحدث القرار هزة سياسية دبلوماسية لدى بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة، حيث سارع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، الى النزول الى أسفل درجات سلم أخلاقيات السياسة والدبلوماسية، واصفًا الأمم المتحدة بأنها “كيان مشوه أخلاقيًا” والقرار بأنه “غير شرعي”.
نعم، يا أردان أنت على حق في أن “الأمم المتحدة كيان مشوه أخلاقيًا”. هل تعرف لماذا؟ لأن هذه الأمم المتحدة تصرفت بدون أخلاق عندما ساعدتكم في احتلال فلسطين وأقرت إنشاء دولتكم على الأرض الفلسطينية.
معك حق يا أردان، إن جمعية الأمم المتحدة هي ” كيان مشوه أخلاقيًا” لأنها قامت بتعيينك في شهر يونيو/حزيران العام الماضي نائبا لرئيس الجمعية، ويوم تعيينك يعتبر “يومًا أسود في تاريخ الأمم المتحدة، ويُشكّل صفعةً للقيم التي تأسس عليها ميثاقها”.
وبالرغم من أن محكمة العدل الدولية الموجودة في مدينة لاهاي الهولندية هي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة تتعامل مع النزاعات بين الدول، وأحكامها ملزمة، لكن أردان ينظر الى هذه المحكمة من منظار العنجهية والازدراء بقوله: “لا يحق لأي محكمة أو هيئة دولية أن تقرر أن إسرائيل تحتل أرضها أو أن وجودنا في القدس والضفة الغربية غير قانوني”. وقاحة إسرائيلية يهودية لا مثيل لها.
حتى أن حكومة الاحتلال لا تعترف بصلاحيات المحكمة الدولية، إذا كان الأمر يتعلق بها سلبًا. فهي تزعم بأن المحكمة “لا تملك صلاحية” النظر في التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي، وأن المسألة تحل عبر مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. كذب “عينك عينك” لأن الائتلاف الحكومي يرفض بشكل قاطع كل تفاوض مع الفلسطينيين.
الولايات المتحدة التي تدّعي ظاهريا انها ضد المستوطنات وانها مع حل الدولتين، هي أكذب من اسرائيل وهي كما يقول المثل الفلسطيني “الجاجة ما بتتخلى عن…”. القناة الرسمية (كان 11) أفادت بأن الولايات المتحدة وتحت ضغط كيان الاحتلال أعربت أيضًا عن دعمها الرسمي لادعاء الاحتلال بأن المحكمة “ليست المكان المناسب لتأجيج مشاكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، وأرسلت ردا رسميا للمحكمة بهذا الشأن يتوافق مع رد تل أبيب.