الحرمان من المياه.. سلاح الاحتلال القديم الجديد ضد الفلسطينيين
في إطار موجة الحر الشديدة التي تضرب فلسطين، تشتد أزمة المياه في محافظتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد قرار شركة “ميكروت” الإسرائيلية تخفيض كمية المياه الواردة للمحافظتين، لصالح المستوطنات وتلبية الطلب المتزايد على المياه فيها.
واللافت أن هذه المياه هي بالأساس تنبع من أراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث تسرقها “إسرائيل”، وتبيعها للجانب الفلسطيني، وتتحكم بكميات المياه الموردة، وهذا وفقًا لاتفاق أوسلو الذي أعطى الاحتلال التحكم بالمياه، وإمكانية سرقتها.
سلطة المياه
سلطة المياه حذرت من استمرار الشركة الإسرائيلية بسياسة تخفيض كميات المياه المزوّدة لخط مياه دير شعار الرئيس، المزوِّد لمحافظتي الخليل وبيت لحم، وكذلك وصلتي مياه ترقوميا وبيت كاحل حيث انخفض معدل كميات المياه إلى 6000 كوب في اليوم، ما يعني حرمان أهالي المحافظتين من حقِّهم في الحصول على كميات كافية المياه في ظل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
واللافت أن هذه المياه هي بالأساس تنبع من أراضي الضفة الغربية المحتلة، حيث تسرقها “إسرائيل”، وتبيعها للجانب الفلسطيني، وتتحكم بكميات المياه الموردة، وهذا وفقًا لاتفاق أوسلو الذي أعطى الاحتلال التحكم بالمياه، وإمكانية سرقتها.
وأكدت سلطة المياه أنه لا توجد أسباب فنية وراء التخفيض الإسرائيلي لكميّات المياه، حيث لم يتم الكشف عن أي أعطال في المصدر المزود.
وقالت إن هذا يحدث ضمن سياسة التمييز العنصرية التي تمارسها سلطات الاحتلال بوجه عام، وشركة ميكروت بوجه خاص تجاه الفلسطينيين، والمتمثلة في تمييز سكان المستوطنات بمنحهم كميات إضافية كبيرة من المياه على حساب حقوق الفلسطينيين.
كما حذرت سلطة المياه من استمرار شركة “ميكروت” في انتهاجها لهذه السياسة التمييزية، مؤكدة على المتابعة الحثيثة لطواقمها المختصة من أجل إعادة عملية ضخ المياه بكمياتها المعتادة.
وفي تصريحات إعلامية، قال رئيس سلطة المياه مازن غنيم إن شركة “ميكروت” الإسرائيلية خفّضت 10 آلاف كوب من المياه، الجزء الأكبر منها تضررت منه محافظتي الخليل وبيت لحم.
تعميق الأزمة
وأكد رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا أن أزمة المياه قديمة وممتدة منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، مشيرًا إلى أن الاستقطاع الجديد للمياه هذه المرّة عمّق الأزمة أكثر.
وبيّن حنانيا في حديث صحفي تابعه المركز الفلسطيني للإعلام أن اتفاقية أوسلو نصّت على وصول 150 لتر مياه للفرد الواحد لكن الاحتلال كان يرسل 65 لترًا فقط، وهو خرق واضح للاتفاقية.
اتفاقية أوسلو نصّت على وصول 150 لتر مياه للفرد الواحد لكن الاحتلال كان يرسل 65 لترًا فقط، وهو خرق واضح للاتفاقية.
رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا
في المقابل، أوضح أن معدل استهلاك المستوطنين للمياه يبلغ 250 لتر للفرد باليوم الواحد، فيما تتوفّر المياه على مدار الساعة وجميع أيام الأسبوع في المستوطنات الإسرائيلية في تمييز وخرق واضح لحقوق الإنسان.
وذكر أن قاعدة تخصيص المياه هي قاعدة عنصرية، مشيرًا إلى أنه يجري استقطاع من حصة المواطن الفلسطيني لتقديمها للمستوطنين.
وقال حنانيا إنه سيجري تقاسم نسبة الاستقطاع بين محافظتي الخليل وبيت لحم، بنسبة 5 آلاف كوب فقط لكل محافظة يوميًا، وبيّن أن احتياج بلدية بيت لحم قبل تقليص كمية المياه كان يصل إلى 30 ألف كوب، بينما كان يصل المحافظة 14 ألف كوب فقط، وبعد الاستقطاع الأخير زادت نسبة العجز لألفي متر مكعب تقريبًا كل يوم.
وأشار إلى جانب آخر من المعاناة لا يتم التركيز عليه في العادة وهو كمية الضغط، مبيّنًا أن بعض المناطق في المحافظة كوادي شاهين تحتاج المياه الواردة من الشركة الإسرائيلية إلى ضغط 15 بار، حتى تتمكن البلدية من توزيع المياه إلى مدينة بيت جالا وشارع جمال عبد الناصر وغيره من الشوارع، إلا أنه بالأمس تبين أن الضغط 12 بار فقط، وهذا يعني عدم القدرة على الاستفادة من كمية المياه الواردة بالشكل الصحيح.
وتابع حنانيا أنه وعدا عن موضوع الاستقطاع يجري بين الفينة والأخرى قطع خطوط المياه دون سبب، أو بعد التذرع بوجود خلل فني، وفي جميع الأحوال لا يتم تعويضنا من قبل الشركة الإسرائيلية عن العجز الحاصل بعد ذلك.
ودعا رئيس بلدية بيت لحم المستوى السياسي الفلسطيني إلى التدخل والضغط على الاحتلال للسماح باستخراج وحفر آبار المياه في مناطقها، وعدا ذلك ستبقى الأزمة قائمة والضحية هو المواطن الفلسطيني.
وأعرب عن أسفه لأن البلدية ليس لديها بدائل للتغلب على هذه الأزمة أو تعويض المواطنين، فمصادر المياه مسيطر عليها من قبل الاحتلال.
وبيّن أن لجوء المواطنين إلى شراء المياه عبر مركبات نقل المياه من شأنه أن يزيد من أعبائهم المالية، حيث أن سعر المياه يكون أكثر بثلاثة أضعاف من السعر العادي.
سيطرة إسرائيلية
وحسب خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش، فإن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على ما يزيد عن 84% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقال حنتش، إن “الاحتلال هدم خلال الأعوام الأخيرة ما لا يقل عن 500 بئر لتجميع المياه ودمر ما يزيد عن 100 نبع وعين ماء، واستولى على ما يزيد على 52% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، ويستولي على 32% أيضا لصالح مستوطناته، وبذلك يتبقى لأصحاب الأرض والمياه سوى 16% من مياههم”.
وتابع: “بالإضافة إلى أن الاحتلال سيطر على نسبة كبيرة من مياهنا الجوفية وينابيعنا التي يقدر عددها في الضفة الغربية بـ600 نبع تقريبا، لا يستطيع الفلسطينيون الاستفادة من مياه الأمطار لأن سلطات الاحتلال تمنع هيئاتنا ومؤسساتنا المختصة من إقامة السدود لتجميع المياه”، مشيرا إلى أن نسبة الزراعة المروية لا تتعدى 5% من إنتاج محافظة الخليل الزراعي.
ونوّه حنتش إلى “أهمية متابعة خطوط توريد المياه إلى مدننا الفلسطينية”، مشيرا إلى أنه يتم سرقة كميات كبيرة منها عند مرورها بمحاذاة المستوطنات والمناطق المسماة “ج” الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية.
معاناة المواطنين
أما رئيس بلدية الدوحة بمحافظة بيت لحم، سامي مروة، إن الدوحة تعاني بشكل عام من نقص وشح كميات المياه، “حيث إن معظم الأحياء في البلدة تنقطع عنها المياه لمدة تصل إلى 30 يوما، وهذا يعتبر في ظل هذه الأجواء الحارة عقابا جماعيا لأهالي البلدة، والآن بعد تقليل الكمية التي تمنح لسلطة المياه سيزداد الوضع سوءا، وتزداد معاناة المواطنين، لذا نطالب كبلدية ليس فقط بإعادة الكمية كما كانت، بل بزيادتها بما يتلاءم مع احتياج المواطنين والزيادة السكانية”.
وعقب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا على تخفيض كميات المياه من قبل شركة “ميكروت” الإسرائيلية، قائلا إن “هذا التخفيض يعني حرمان أهالي المحافظتين من حقهم في الحصول على كميات كافية من المياه، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة الحاد الذي تشهده فلسطين في الوقت الحالي”، مضيفا أنه “بحسب هذا القرار، فإننا سنتعرض إلى أزمة في تزويد المياه للمواطنين”.
ودعا المواطنين إلى تقنين استخدام المياه، من أجل الخروج من الأزمة الحالية، خاصة في ظل الأجواء الحارة التي نشهدها.
ومن الجدير بالذكر، أن الإجراءات الإسرائيلية أدت إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية، خاصة المياه، وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية “ميكروت”.