كيف يعد التطبيع السعودي الإسرائيلي خطوة كبيرة لإنقاذ نتنياهو؟
يواصل الخبراء والكتاب والمسؤولون الإسرائيليون، الحديث باهتمام عن إمكانية وتقدم التطبيع مع السعودية، خاصة أنه أحد أهم الخطوات التي يسعى رئيس الحكومة الاسرائيلية اليمينية، بنيامين نتنياهو إلى تحقيقها خلال ولايته الحالية.
وأوضح الكاتب ناحوم برنياع في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن “ما يحصل في الأسابيع الأخيرة في مثلث؛ واشنطن – الرياض – تل أبيب، يقوض بعضا من المسلمات الأكثر قدسية في الشرق الأوسط، أحد أضلاع المثلث هو الرئيس الأمريكي جو بايدن، وللدقة؛ مستشاره للأمن القومي، جيك سوليفان، وزير الخارجية أنطوني بلينكن ورئيس الـ “CIA” بل برانس، سافر الثلاثة قبل بضعة أشهر في حملة مكوكية لترميم العلاقات بين الإدارة الأمريكية والقصر الملكي السعودي.
والمبررات كانت بوفرة؛ محظور السماح للسعودية بأن تقع في شباك الصين وشباك إيران، وهذه مبادرة سياسية يمكنها أن تجدي نفعا لبايدن في سنة الانتخابات، لأن بايدن سيروي للناخبين، أن أمريكا لا تهرب من الشرق الأوسط، بل تقوده بثقة، دون أن تعرض للخطر أي جندي أمريكي.
الضلع الثاني؛ هو ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وهو “الحاكم الفعلي للسعودية، جريء، مصمم، مغرور، غير متوقع وغير مستقر، باختصار؛ هو كل ما اعتقدنا أننا نعرفه عن هذه المملكة المنشودة، باستثناء أنه العكس، بإلهامه أو بتعليمات منه، قتل قبل نحو خمس سنوات الكاتب جمال خاشقجي وقطعت جثته، إلى جانب القتل الجماعي لغير المشاركين في الحرب الفاشلة في اليمن، جعلت ابن سلمان الحاكم الأكثر كرها على الديمقراطيين في واشنطن”.
وأضاف الكاتب: “المال متوفر لولي العهد وكذا الزمن، فضل انتظار الانتخابات الأمريكية، والعودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وفي هذه الأثناء بطن كرسي جارد كوشنير، صهر ترامب، بمليارات الدولارات، سلفة على حساب المستقبل، لكن ساليبان ضغط وابن سلمان استجاب؛ تقدم لإدارة بايدن بمطلبين ونصف:
الأول، صفقة سلاح تعطي للسعودية الدمى الأكثر تقدما في ترسانة السلاح الأمريكية وطائرات “أف 35″، والمطلب الثاني أبعد مدى وهو إقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم تدخل السعودية إلى النادي النووي لأغراض سلمية، وأما نصف المطلب فهو يتعلق بالفلسطينيين”.
ولفت إلى أن “بايدن يدرك أنه من الصعب إقناع الديمقراطيين بقبول مطالب الأمير السعودي، لكنه ملزم بأن يتقدم بها إلى الكونغرس على طريقة ميري بوبينس، مع ملعقة سكر، والملعقة؛ عبارة عن تنازل تقدمه إسرائيل لرئيس السلطة محمود عباس؛ ربما؛ استئناف المسيرة السياسية، تجميد المستوطنات، ربما هذا وذاك”.
خطوة كبيرة لتل أبيب
كما أن “البيت الأبيض يحتاج إلى تنازل آخر من إسرائيل، يتعلق بتجميد الانقلاب القضائي، ونتنياهو الذي أجبره الاحتجاج في الشوارع على تجميد التشريع، استجاب، وباع التجميد لشركات التصنيف للإسرائيليين وللبيت الأبيض كلهم معا، هو ينكب اليوم على الدفع قدما بالمشروع السعودي، لأنه يؤمن أنه سيحل معظم مشاكله، في الداخل والخارج؛ بوابات البيت الأبيض ستعود لتفتح أمامه؛ الناخبون الذين هجروه سيعودون ويغلفونه من جديد بهالة الزعيم عظيم القوة والسحر، الزعيم بالإجماع”.
وأوضح برنياع، أنه “يوجد فقط عائق صغير واحد في الطريق إلى النصر؛ وهو تركيبة الحكومة التي يقف على رأسها، لأن التنازلات للفلسطينيين أو تجميد المستوطنات، لا ينسجم مع تركيبتها اليمينية؛ وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، ومعه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من شأنهما أن يفككا الحكومة”.
ورأى أن “التطبيع مع السعودية يمكنه أن يولد أمورا كثيرة منها؛ يسهل هجوم إسرائيلي على إيران، هجوم يكثر نتنياهو من التلميح به، والجيش الإسرائيلي يستثمر غير قليل في إعداده؛ كما يمكنه أن يولد تيارا جديدا من الاستثمارات التي تخرج إسرائيل من الركود؛ يمكنه أن يبث حياة جديدة في خطة السلام السعودي”، مضيفا: “إسرائيل هي شريكة فرعية في الصفقة، لا العريس ولا العروس، ومطالب السعودية في مجال السلاح وفي مجال النووي، لا تتوافق ومصالح إسرائيل، كما أن الأمير السعودي يحاول أن يطبع مع الجميع؛ أمريكا، الصين، إيران وإسرائيل”.
وقصة “الصفقة” بحسب الكاتب، نشرت لأول مرة في “يديعوت”، في 3 شباط/فبراير الماضي، بختام جولة جس نبض أولى لمسؤولين أمريكيين كبار، المعطيات الأساس التي وصفتها في حينه لم تتغير؛ حماسة نتنياهو؛ اضطرارات بايدن؛ وقاحة الأمير، بحسب تعبيرها.
وقدر أن “حدثا بهذا الحجم يعطي بشكل عام نتائج سياسية؛ فالتوجه إلى الانتخابات تحت أجنحة الاتفاق، هو إحدى الإمكانيات؛ صفقة قضائية هي إمكانية أخرى”، مضيفا: “نتنياهو يكتب كتابا جميلا يعرب فيه عن الأسف على التحرش الذي تسببت له به المنظومة القضائية في ملفات (الفساد) التي يطلق عليها؛ ملف 1000، 2000 و4000، والرئيس يقول بضع كلمات جميلة، فتنتهي القصة (محاكمة نتنياهو)”.
وقال “أحد كبار المنظومة”: “في الشرق الأوسط الكل يتحدث الآن مع الكل؛ إسرائيل مع السعودية، قطر والإمارات؛ السعودية مع إيران، إسرائيل وسوريا؛ الإمارات مع إيران وإسرائيل؛ أمريكا مع إيران، الصين مع السعودية وإسرائيل؛ روسيا مع إيران؛ أحد لا يعرف من اتفق مع من وعلى ماذا”.
ولفت إلى أن “الربيع العربي اختفى مع عودة سوريا الأسد لجامعة الدول العربية، وأمريكا تنسحب من المنطقة لكن ظلها باق فيها، انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي مع إيران مع خطأ تاريخي، العقوبات الاقتصادية فشلت، قام محور مشترك لإيران وروسيا، نتنياهو، الذي دفع الأمريكيين إلى الانسحاب يتحمل جزءا من المسؤولية، إيران قريبة من القنبلة، والأعمال السرية المنسوبة لإسرائيل لم تحرفها عن الطريق، والحرس الثوري الإيراني يغرق سوريا ولبنان بالسلاح والذخيرة”.